غارة بريطانية على الحوثيين تثير جدلًا سياسيًا واسعًا في لندن

mainThumb
ستارمر

02-05-2025 02:25 PM

وكالات - السوسنة

نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية مقالة تحليليّة للخبير في دراسات السلام والأستاذ الفخري بجامعة برادفورد، بول روجرز، انتقد فيها بشدّة مشاركة بريطانيا في قصف جماعة الحوثي في اليمن، معتبرًا الخطوة بمثابة رسالة دعم مبكرة لإدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، مع أن السياسات الخارجية لترامب كانت منبوذة على نطاق واسع دوليًا.

الغارة التي نفذها سلاح الجو الملكي البريطاني ضد هدف حوثي هذا الأسبوع، هي الأولى التي تصادق عليها حكومة حزب العمال بقيادة كير ستارمر. وبهذا الانضمام، باتت بريطانيا شريكة مباشرة في حملة القصف الجوي التي تقودها الولايات المتحدة منذ منتصف آذار/مارس، والتي تُعرف باسم عملية "الراكب الخشن".

بحسب روجرز، تهدف العملية إلى إظهار أن إدارة ترامب (أو على الأقل تحالف ترامب الإقليمي) أكثر صرامة من إدارة بايدن في التعامل مع الحوثيين. وتفاخر البنتاغون حتى الآن بأنه استهدف أكثر من ألف موقع.

استهدفت الغارة البريطانية تحديدًا منشأة يُزعم أنها تُستخدم لتجميع طائرات مسيّرة استُخدمت في هجمات الحوثيين على السفن المارة عبر البحر الأحمر. واعتبر الكاتب أن قرار ستارمر بهذه المشاركة العسكرية يعكس تقاربًا سياسيًا واضحًا مع ترامب، في وقت تُثير فيه الحرب في غزة غضبًا واسعًا بين شرائح كبيرة من البريطانيين.

ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، كثّف الحوثيون هجماتهم على سفن مرتبطة بإسرائيل، ما تسبب بانخفاض كبير في حركة الملاحة عبر قناة السويس بنسبة قاربت 50% بين عامي 2023 و2024. وقد قوبلت هذه التطورات بسلسلة غارات جوية أمريكية، بدأت في عهد بايدن مطلع عام 2024، وشاركت بريطانيا في بعضها بإذن من حكومة ريشي سوناك المحافظة.

إلا أن المشاركة البريطانية الحالية، كما يرى روجرز، لم تعد رمزية، بل تحولت إلى عمليات عسكرية فعلية تشمل ضربات دقيقة. ففي مثال لافت، نفذت مقاتلة بريطانية انطلقت من قاعدة "أكروتيري" في قبرص عملية جوية دعمت خلالها الطائرات الأمريكية، وأدت هذه العملية إلى مقتل 53 شخصًا، بينهم نساء وأطفال.

وتكتسب قاعدة أكروتيري أهمية إضافية في الحرب على غزة، بحسب الكاتب، إذ تُستخدم بشكل مشترك من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا كقاعدة عمليات، وقد نفذت طائرات التجسس البريطانية أكثر من 500 طلعة جوية فوق غزة منذ اندلاع الحرب. وتُجرى هذه الطلعات تحت غطاء "جمع المعلومات عن الأسرى"، لكن توقيتها يتزامن عادة مع هجمات إسرائيلية كبرى.

كما أشار التقرير إلى معلومات غير رسمية تفيد باستخدام الولايات المتحدة للقاعدة في عمليات نقل أسلحة وتحريك قوات خاصة إلى إسرائيل، في حين تلتزم السلطات البريطانية الصمت حيال هذا التعاون العسكري، حتى في وجه استجوابات من نوّاب البرلمان.

ولم يقتصر التعاون العسكري على الجانب العملياتي، بل شمل استقبال بريطانيا لطائرات نقل عسكرية إسرائيلية في قاعدة "برايز نورتون"، ما يعكس، بحسب روجرز، عمق العلاقة العسكرية بين الجيشين البريطاني والإسرائيلي، والتي باتت ذات كلفة سياسية متزايدة.

فعلى الصعيد الداخلي، يشير الكاتب إلى أن دعم حكومة حزب العمال لإسرائيل، رغم الانتقادات المتزايدة لسلوكها في غزة، بات يُضعف من رصيد الحزب لدى قاعدته التقليدية، خصوصًا بين صفوف اليسار السياسي. وقد شهدت الأشهر الأخيرة تراجعًا واضحًا في شعبية حزب العمال، غادر على إثره عدد من الأعضاء احتجاجًا على موقف ستارمر من غزة، والتي وصفها البعض بـ"القشة التي قصمت ظهر البعير".

وفي هذا السياق، اعتبر روجرز أن الغارة الأخيرة على الحوثيين تأتي في توقيت بالغ الحساسية، حيث تصعّد إسرائيل عملياتها في غزة باستخدام "أساليب وحشية متزايدة"، وسط ارتفاع مقلق في أعداد الضحايا المدنيين، منها الهجوم الأمريكي الذي أودى بحياة قرابة 70 مهاجرًا أفريقيًا في مركز احتجاز، بحسب رواية الحوثيين.

ويختم الكاتب مقاله بالتساؤل: هل يمكن لحكومة ستارمر أن تستخدم نفوذها للضغط من أجل ضبط السلوك الإسرائيلي؟ أم أنها ستواصل التماهي مع أجندة ترامب الإقليمية وتورّط نفسها أكثر في صراع دموي مفتوح ؟

إقرأ المزيد :  






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد