د أحمد العبادي يسبر اغوار البتراء في كتابه الجديد

mainThumb
عويدي العبادي

05-05-2025 10:22 PM

عمان - السوسنة

انهى المؤرخ الأردني البارز الدكتور أحمد عويدي العبادي كتابا جديدا بعنوان "مملكة الأنباط الأردنية: من 500 ق.م. إلى 106 م"، كشف فيه النقاب عن أسرار غير مسبوقة للحضارة النبطية الأردنية ، حيث يقدم رؤية جديدة تعيد صياغة فهمنا لتاريخ هذه المملكة العربية الأردنية العريقة التي سطعت من البتراء، المدينة الوردية الخالدة.

ويستعرض الكتاب، الذي يمثل خلاصة سنوات من البحث الأكاديمي والتحليل الوثائقي، جذور الأنباط الممتدة إلى قبائل عربية ثمودية أردنية قديمة، من بينها قبيلة "نبطي" التي ورد ذكرها في النصوص الآشورية. كما يبرز شخصية "قمرو" الملقب بـ "ملك قمرو" ملك نبطو، كأحد أبرز القادة العرب في القرن الثامن قبل الميلاد، والذي خاض تحالفًا قبليًا لمواجهة الحملات الآشورية، في دلالة على الوجود العربي المبكر الذي مهد لاحقًا لقيام مملكة الأنباط في البتراء.

ويشير د عويدي العبادي إلى أن مملكة الأنباط الارنية لم تتبلور كقوة سياسية مستقلة إلا بعد أفول مملكة الأدوميين الأردنية في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد، بقيادة الملك النبطي الأردني "رقمو" (صخر)، الذي وضع أسس التنظيم السياسي والاجتماعي للأنباط، وقاد عملية استقرارهم في مدينة "رقمو"، الاسم القديم للبتراء، التي تحوّلت لاحقًا إلى مركز تجاري عالمي يربط الشرق بالغرب.

وفي طرحه الجريء، يعتمد د العبادي على مصادر آشورية، فرعونية، يمنية، ونقوش نبطية، ليقدم أطروحات واراء مغايرة للتاريخ السائد، مؤكدًا أن الأنباط كانوا عربًا ثموديين أردنيين، لا ساميين كما يُروج. ويصف مصطلح "السامية" بأنه زيف تاريخي نادوا به ليخدم أجندات سياسية لاحقة، مؤكدًا أن الأنباط ورثوا حضارة اردنية عريقة امتدت من الحوريين إلى الأدوميين، وتوّجت بمملكتهم التي وحدت الأردن أرضًا وهويةً.

ويصف العبادي البتراء بأنها ليست مجرد مدينة من الصخر، بل تجسيد لعبقرية هندسية وتجارية، وفن ابداعي ومتفرد وعبقري من النحت، وانها اختبأت أكثر من قرن عن أعين الممالك المجاورة بذكاء استراتيجي نادر. ويكشف كيف خادع الأنباط المؤرخين اليونانيين، فصوّروهم كبدو متنقلين، بينما كانوا يبنون حضارة مزدهرة في قلب الصحراء.

الكتاب يسلط الضوء كذلك على إبداعات الأنباط في العمارة، والزراعة، وإدارة المياه، وتحويلهم للمناطق الصحراوية إلى واحات حضارية نابضة بالحياة والتجارة والزراعة والرعاية . كما يتناول مكانة المرأة النبطية ودورها المحوري في مختلف مناحي الحياة.

في جانب مهم، يكشف د . العبادي عن بعدٍ دبلوماسي متقدم للأنباط، حيث أقاموا علاقات دولية مع الصين، اليونان، روما، وممالك وادي النيل والرافدين واليمن، وكان لهم سفراء وممثلون في هذه العواصم، ما يعكس مكانة البتراء كمركز عالمي للسياسة والتجارة والثقافة.

ويُعد هذا الكتاب إضافة نوعية للمكتبة التاريخية الأردنية والعربية، ومساهمة فكرية تسهم في تعزيز الهوية الحضارية والتاريخية للأردن، من خلال إعادة تقديم الأنباط كركن أساسي من أركان التاريخ العربي القديم.

يأتي هذا الإصدار ضمن سلسلة من المؤلفات التي يعمل عليها الدكتور أحمد عويدي العبادي (أبو البشر ونمي)، في إطار مشروعه الطموح لتوثيق تاريخ الأردن قبل عام 1921. وقد سبق له أن أصدر عدداً من الكتب التي تسلط الضوء على مراحل مفصلية من التاريخ الأردني القديم، منها: "مملكة بيريا الأردنية وعاصمتها السلط المحروسة"، "مملكة مؤاب الأردنية"، "مملكة أدوم الأردنية"، و"أردنيات صنعن التاريخ"، حيث تبرز هذه الأعمال جميعها عمق الهوية الأردنية ووحدة أرضها وشعبها عبر العصور.

ومن المنتظر صدور المزيد من المؤلفات ( قريبا ) التي تستكمل هذا التوثيق، بعون الله.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد