النساء أكثر انجذاباً لأخبار الجريمة .. لماذا

mainThumb

16-05-2025 11:37 AM

وكالات - السوسنة  

في ظاهرة لافتة تؤكدها الأرقام والدراسات، يبدو أن النساء أكثر اهتماماً من الرجال بمتابعة أخبار الجريمة والبرامج المتعلقة بها، سواء على شاشات التلفاز أو عبر المنصات الرقمية. فقد أشار تقرير نشره موقع "بي سايكولوجي توداي" الأميركي إلى أن هذا النوع من المحتوى يُعد من أكثر اتجاهات الترفيه رواجاً خلال العقد الأخير، وخاصة في أوساط النساء.

وبحسب التقرير، لا يعود هذا الانجذاب فقط إلى الفضول، بل يتجاوز ذلك إلى أبعاد أعمق تتعلق بالخوف والسيطرة وتنظيم المشاعر، إذ توفر قصص الجريمة الحقيقية فرصة للمتلقي لفهم التهديدات، ومعرفة كيفية الاستجابة لها.

ويرى خبراء نفسيون أن النساء قد يجدن في هذه القصص وسيلة "لإدارة التهديدات" وليس البحث عن الإثارة فحسب، حيث تمنحهن تجربة استماع قصص الضحايا إحساساً بالجاهزية والقدرة على التمييز بين المؤشرات التحذيرية، ما يمنحهن شعوراً نسبياً بالأمان والسيطرة.

كما يشير التقرير إلى أن الجرائم الحقيقية تخلق مساحة للتواصل الاجتماعي، إذ كثيراً ما يصف المستمعون مقدمي هذه البرامج بأنهم أصدقاء، حتى لو كانت العلاقة أحادية الجانب. وتُعزز هذه البرامج الشعور بالانتماء والتعاطف، خاصة لدى النساء اللواتي قد يجدن فيها وسيلة لمشاركة تجاربهن أو التعبير عن مخاوفهن بشكل غير مباشر.

فوائد نفسية متعددة

بحسب نظريات اجتماعية نفسية، يختار البشر وسائل الإعلام التي تفي باحتياجات نفسية محددة، ويبدو أن محتوى الجريمة الحقيقية يحقق عدة وظائف نفسية رئيسية، أبرزها:

  1. الفهم والسيطرة: قصص الجريمة تثير الفضول، وتُقدَّم كألغاز درامية ذات رهانات عاطفية، ما يمنح المشاهدين شعوراً بالفهم والإتقان.

  2. الشعور بالأمان: التعرّف على أنماط الجرائم وتحليلها يُشعر الجمهور بأنه أكثر استعداداً لمواجهة المواقف المماثلة في الواقع.

  3. تنظيم المشاعر: تساعد هذه القصص على احتواء مشاعر الخوف والغضب في بيئة آمنة ومنظمة، ما يسهم في إدارة هذه الانفعالات بشكل صحي.

  4. التواصل الاجتماعي: مشاركة هذه القصص أو متابعتها مع الآخرين، يعزز من العلاقات الاجتماعية، ويمنح الإحساس بالتضامن والاهتمام المشترك.

دعوات لمزيد من الأخلاقيات

ومع تزايد شعبية هذا النوع من المحتوى، ترتفع في المقابل أصوات تطالب بمقاربات إعلامية أكثر حساسية تجاه الضحايا، تضع العدالة والمساءلة في صلب اهتمامها. ويؤكد التقرير أن هذا التحول قد يساهم في تعزيز الوعي العام، ويشجع على استهلاك أكثر مسؤولية لقصص الجرائم، فيما يُطلق عليه البعض "محو أمية الجريمة الحقيقية".

ختاماً، يرى التقرير أن متابعة الجرائم الحقيقية ليست مجرد هواية، بل هي انعكاس لطريقة تعاملنا مع الخوف، ومحاولاتنا لفهم العالم من حولنا وبناء المرونة النفسية. لكنه في الوقت ذاته يطرح تساؤلاً جوهرياً: هل استهلاكنا لهذا المحتوى يُشعرنا بالأمان حقاً؟ أم يجعلنا نرى العالم أكثر قسوة وظلمة ؟ 

إقرأ المزيد : 






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد