إسرائيل واحتلال غزة: سيناريو الرعب الاقتصادي
السوسنة - تقف دولة إسرائيل اليوم أمام تحديات وجودية بحجوم لم نشهدها من قبل. فيكاد لا يكون مجال في الحياة ليس مهدداً، وكل هذا في الوقت الذي تتعاظم فيه درجة العزلة الدولية لإسرائيل ويتعمق فيه الشرخ الداخلي الذي يمزق المجتمع الإسرائيلي من الدخل.
على هذه الخلفية، فإن احتلال قطاع غزة مع 2.2 مليون من سكانه ليس “فقط” خطوة أخرى إضافية في معركة طويلة ومضرجة بالدماء؛ من شأنها أن تشكل انعطافة مع تداعيات محملة بالمصائر على مواطني دولة إسرائيل، وعلى التضامن وتراص الصفوف الاجتماعية، وعلى الشعب اليهودي في الشتات. كل هذا إلى جانب الثمن العالي المتمثل بالخطر على حياة جنودنا ومخطوفينا.
تقدير كامل وقياس اقتصادي مسنود لتداعيات احتلال قطاع غزة يستوجبان تحليلاً شاملاً للعلاقات المتبادلة التي بين المجالات المختلفة، وكل تقدير يستند إلى فرضيات عديدة بالنسبة لأعمال إسرائيل في القطاع. رغم أهمية حرجة للتداعيات الاقتصادية، يبدو أن النقاش لدى أصحاب القرار تجاهل الثمن الاقتصادي، بل ولم يطلب من المستوى المهني القيام بأي عمل في هذا الموضوع. في هذا المقال، سنركز على المجال الاقتصادي الذي هو مجال اختصاصنا المهني، وذلك كي نشجع النقاش والشفافية تجاه الجمهور الذي سيتحمل العبء الاقتصادي الجسيم، والثقل الضرائبي، والضرر الإضافي في الخدمات التي تقدمها الحكومة.
ميثاق جنيف من العام 1949 يفرض على كل قوة احتلال المسؤولية عن إعادة النظام إلى نصابه والاهتمام باحتياجات إنسانية للسكان الذين تحت سيطرتها
"ميثاق جنيف من العام 1949 يفرض على كل قوة احتلال المسؤولية عن إعادة النظام إلى نصابه والاهتمام باحتياجات إنسانية للسكان الذين تحت سيطرتها. المعنى، أنه إذا ما سيطرت إسرائيل بشكل مباشر على قطاع غزة، فستكون مطالبة بأن تتحمل، جزئياً على الأقل، كلفة إعادة بناء القطاع وكلفة توفير الخدمات الأساسية لسكان غزة".
حسب تقدير البنك الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي (في شباط هذه السنة)، فإن قياس كلفة إعادة بناء المباني والبنى التحتية والاقتصاد تقدر بنحو 53 مليار دولار (نحو 180 مليار شيكل)، يدور الحديث عن مبلغ طائل. في نصف السنة التي انقضت منذ القياس، خرجت إسرائيل إلى حملة “عربات جدعون”، فازداد الضرر والدمار بشكل واضح. وعملياً، يدور الحديث عن مبلغ أكبر بكثير. في ضوء معارضة دولية لسياسة السيطرة على غزة، ثمة افتراض بأن قسماً على الأقل من كلفة إعادة بناء الدمار سيقع على كاهل دافع الضرائب الإسرائيلي. يدور الحديث عن عبء غير مسبوق على اقتصاد إسرائيل، الذي هو على أي حال يتحمل عبء الحرب في السنتين الأخيرتين.
وليست هذه سوى البداية. سيتعين على إسرائيل أن تتحمل أيضاً الكلفة الجارية لتقديم الخدمات المدنية للسكان في غزة في كل المجالات، بما في ذلك توفير الغذاء، الخدمات الصحية، التعليم، العمل، الإغاثة، البنى التحتية وغيرها. تقدير الكلفة السنوية بالحد الأدنى يبلغ 10 مليار شيكل في السنة. البقاء الطويل في القطاع يستوجب أيضاً إقامة حكم عسكري ومدني، وقدر جهاز الأمن كلفته السنوية في الماضي بأكثر من 20 مليار شيكل.
ينبغي أن تضاف إلى هذا كله كلفة تجنيد كبير للاحتياط وكلفة وسائل القتال الجوي الذي ينطوي عليه احتلال القطاع، بحيث يدور الحديث عن نفقات هائلة لمرة واحدة، وكذا نفقات سنوية عالية تضاف إلى ميزانية الدفاع الكبيرة.
لكن ليس هذا كل شيء. فسيكون العبء على القطاع التجاري وعلى فرع التكنولوجيا العليا بخاصة هائلاً، بسبب تجنيد واسع لقوة بشرية خبيرة ستكون العمود الفقري للاقتصاد الإسرائيلي، وكذا بسبب التداعيات الدولية: إلغاء اتفاقات تجارية، وقيود على التصدير لإسرائيل ما سيتسبب بارتفاع أسعار، وقيود على الاستيراد من إسرائيل وحتى عقوبات تبعد مستثمرين أجانب. كل هذه متوقع أن يؤدي إلى ارتفاع في مدى الخطر على إسرائيل، وإلى ضرر إضافي في التصنيف الائتماني للدولة، وارتفاع في الفائدة.
هذا وأكثر، حيث عنصر مهم في ثمن اقتصادي للحرب وخطة لاحتلال غزة ينبع من كلفة عظيمة للعزلة المتزايدة على دولة إسرائيل. ينبغي أن نتذكر بأن إسرائيل كانت حتى بداية العام 2023 هدفاً مفضلاً للمستثمرين، والسياح، والعلماء والتعاونات الدولية بين مؤسسات أكاديمية، ومؤسسات ثقافية ورياضية. كنا نموذجاً وقدوة للحداثة، والبحث والتطوير، والتكنولوجيا، استعددنا للارتفاع بوتيرة الهجرة الوافدة إلى إسرائيل، وكانت سلطات التصنيف رفعت بشكل ثابت التصنيف للاقتصاد الإسرائيلي. الانقلاب النظامي الذي بدأ مع بداية 2023 ويتواصل حتى اليوم، إلى جانب الحرب، يهددان بتغيير ذلك.
مثال على كلفة العزلة الاقتصادية رأيناه الأسبوع الماضي، عندما أعلن صندوق الثروة النرويجي، وهو صندوق الثروة الأكبر في العالم، عن بيع أسهمه في قسم كبير من 61 شركة إسرائيلية استثمر فيها، وأنه يفحص ممتلكاته في باقي الشركات الإسرائيلية التي يستثمر فيها. الآن، هناك خطر في أن تسير صناديق استثمار أخرى في أعقابه.
إضافة إلى ذلك، تتكاثر دعوات في أوروبا والولايات المتحدة لفرض مقاطعة علمية وأكاديمية على إسرائيل ربما تؤدي إلى مس بالتعاون وبتمويل البحوث التي هي حيوية للتكنولوجيا العليا الإسرائيلية. المس بهذه التكنولوجيا سيمس الاقتصاد كله بشدة، كونها تشكل قاطرة النمو الاقتصادي للسنوات الأخيرة ومسؤولة عن أكثر من نصف التصدير الإسرائيلي وعن نحو ربع المردودات الضريبية المباشرة.
عملياً، المقاطعة العلمية “الهادئة” موجودة الآن. باحثون إسرائيليين يجدون صعوبة في التعاون مع نظرائهم في الخارج، الأصعب تجنيد بروفيسوريين ضيوف، وتجنيد صناديق بحث، وحتى تبادل الطلاب تقلص. بتنا نشهد مقاطعات أيضاً في مجال الثقافة والرياضة. كل هذا يزيد عزلة دولة إسرائيل ويغذي أيضاً اللاسامية المستشرية. هذه الظواهر تبعث قلقاً كبيراً، لكن لشدة الأسف، لا تلقى التعاطي المناسب من جانب الحكومة.
سيناريو الرعب هذا الذي يتلقى فيه اقتصاد إسرائيل ضربات من اتجاهات مختلفة، ستكون له تداعيات خطيرة على الجمهور. والمعنى زيادة الدين والفائدة على الدين، وانخفاض في النمو الاقتصادي، وارتفاع غلاء المعيشة ومس شديد بمستوى المعيشة. إضافة إلى ذلك، سيزداد العبء الضريبي، وسيثقل أساساً على أقلية في الجمهور تتحمل الآن أساس العبء الاقتصادي وأيام خدمة الاحتياط. للكثيرين منهم بدائل عمل وبدائل خارج البلاد، وثمة خطر هروب عقول ومس بالهجرة الوافدة إلى إسرائيل من دول الشتات.
إن الاستثمار في الخدمات العامة المدنية، التي هي على أي حال منخفضة عندنا عن كل باقي دول الـ OECD سينخفض، وسنشهر بهذا: انخفاض في ميزانية التعليم سيجد تعبيره في تقليص ساعات التعليم، وانتظار طويل للعلاجات الطبية والفحوصات في المستشفيات، وانعدام الاستثمار في البنى التحتية وفي الطرق وغيرها.
في ضوء الكلفة العالية، يصعب فهم كيف لا يجرى بحث استراتيجية معمق ومهني يتضمن دراسة اقتصادية شاملة وعرض المعطيات على الجمهور. يجب أن نتذكر بأن دولة إسرائيل لم تبدأ بعد في تمويل قسم كبير من نفقات الحرب، وهذا حتى قبل احتلال قطاع غزة. إن مثل هذا القرار يجب أن يتخذ بشفافية كاملة، وتقدير الكلفة – المنفعة بشكل شامل، والنظر في كل المخاطر الاقتصادية والسياسية.
إن قيادة مسؤولة ملزمة بالحرص على أن يكون الاعتبار الاقتصادي جزءاً لا يتجزأ من الحسم السياسي – الأمني. وبغيابه، ستكون النتيجة مساً شديداً بالمناعة الاقتصادية لدولة إسرائيل وبرفاه مواطنيها. الأمر في روحنا.
ورشة في المفرق لتسويق الحرف اليدوية رقمياً
إردوغان وأمين عام الناتو ناقشا الضمانات الأمنية لأوكرانيا
استشهاد نجم السلة الفلسطيني محمد شعلان بغزة
رئيس وزراء لبنان يؤكد دعم الأردن المستمر للبنان
افتتاح البطولة العربية للرياضة المدرسية في عمان
السلط تحتفي بترميم بيوتها التراثية
تصعيد إسرائيلي ومجازر دامية في قطاع غزة
انطلاق مهرجان منازل الشعراء السنوي في عجلون
دمية لابوبو تقفز بأرباح بوب مارت للصدارة
البيت الأبيض يناقش وقف إطلاق النار بغزة
علبي مندوبًا دائمًا لسوريا في الأمم المتحدة
رونالدو يحتفل بتأهل النصر لنهائي السوبر
وفاة يسعد دومار رئيس اتحاد الكرة الجزائري السابق
وزارة التربية تؤكد مواعيد الدوام المدرسي .. تفاصيل
مدعوون للإمتحان التنافسي .. أسماء
فرض عقوبات على من يعمل بالتطبيقات الذكية دون ترخيص
من هو عمر الكيكي خطيب هيا كرزون
التربية تدعو مرشحين لإشغال وظيفة معلم .. أسماء
مدعوون للامتحان التنافسي .. أسماء
استحداث 34 تخصصًا أكاديميًا جديدًا في مختلف الجامعات الرسمية
أسماء الدفعة الأولى من مرشحي دبلوم إعداد المعلمين المنتهي بالتعيين
المملكة تسجل ثلاثة أرقام قياسية بحرارة الطقس
إرادة ملكية بتجديد تعيين رؤساء 3 جامعات أردنية
وظائف شاغرة في وزارة الداخلية .. تفاصيل
طب اليرموك تفجع بوفاة الطالب أزهر الزعبي
توضيح حول حقيقة شروط خدمة العلم المتداولة بين المواطنين
وقف ضخ المياه عن مناطق في عمان والرصيفة إثر اعتداء على خط الديسي
إرادة ملكية بتجدد تعيين خالد السالم رئيسًا لـ التكنولوجيا 4 سنوات