أكاديميون: غياب النص في رؤية وسياسات التعليم العالي سببا رئيسا في تراجعه

mainThumb

16-10-2019 03:29 PM

السوسنة  - قال خبراء في قطاع التعليم العالي إن غياب النص المتكامل الذي يحدد رؤية وسياسات التعليم العالي في الأردن كان سببا رئيسا في تراجع هذا القطاع.
 
وأضافوا أن غياب النص في الرؤية والسياسات أدى إلى وجود ثغرات لم يتم إصلاحها، وتعقيدات حصلت تلقائيا مثل التسارع في أعداد الطلبة، وإنشاء الجامعات الخاصة، والعجز المالي، والبرنامج الموازي وإنشاء جامعات الأطراف، والتوسع المفرط في القبول والاستثناءات، مؤكدين أن قطاع التعليم العالي يحتاج إلى وقفة وجرأة لطرح الحلول، وتحويل ما هو متوفر من إمكانيات وموارد لفرص يمكن استثمارها لتجاوز المحن والتحديات للخروج من عنق الزجاجة.
 
وأشاروا إلى أنه بالرغم من قساوة الظروف التي تحيط بقطاع التعليم العالي إلا أن الآفاق المستقبلية له متوفرة، ولا بد من التفاؤل والابتعاد عن التشاؤم الذي يقود إلى مستقبل معتم، وتحويل ما حصل من فشل إلى فرص يتم استغلالها بالشكل الصحيح.
جاء ذلك في الندوة التي عقدتها الجامعة الأردنية أمس بالتعاون مع جماعة عمان لحوارات المستقبل بعنوان (التعليم العالي في الأردن: الواقع والآفاق)، وشارك فيها كل من رئيس مجلس أمناء الجامعة الأردنية الدكتور عدنان بدران، والرئيس الأسبق لجامعة اليرموك ورئيس مجلس أمنائها الأسبق الدكتور فايز الخصاونة.
 
وفي مداخلته، قال بدران إن المشاكل المادية والأكاديمية والإدارية واستقلالية الجامعات التي يعاني منها قطاع التعليم العالي معروفة لدى الجميع  لكن لا جرأة في طرح الحلول لها.
وأضاف أن التعليم في الأردن اتسعت رقعته على مستوى الوطن من حيث انتشار المدارس والجامعات فيه، كما أن قطاع التعليم العالي نهض وتوسع أفقيا من حيث الدراسات العليا في مختلف المجالات إلا أن نوعية مخرجاته قد انخفضت ولم تعطى حقها كما يجب.
 
وأشار بدران في حديثه عن آفاق التعليم إلى ضرورة تعزيز الجهود وتكثيفها في تغيير وجهتنا في التعليم من خلال تأمين مخرجات تعود بمردود اجتماعي واقتصادي واضح تسهم في تنمية المجتمع والثروة الوطنية وللخروج من أزمة المديونية التي بلغت حاليا 96% من الدخل القومي.
 
وأكد أن البطالة المنتشرة بين صفوف خريجي الجامعات تنذر بأخطار كبيرة، ولابد من تحويل تلك الموارد البشرية التي في معظمها من المتعطلين عن العمل لمحركات نمو تبدأ في تحريك المجتمع نحو التنمية وخاصة في الاقتصاد المعرفي الذي هو عنوان الألفية الثالثة، مشيرا إلى أن الجامعات حاضنة لهذا الاقتصاد وقادرة على صنعه من خلال تنمية العقل البشري والذكاء الاصطناعي من خلال التعلم، منوها إلى أن جودة التعلم لا بد من أن تتواءم  ليس فقط مع السوق المحلي بل مع السوق العربي والاقتصاد العالمي.
 
وشدد بدران على أن التعلم له مردود اقتصادي أهمه استغلاله في مجابهة المشاكل التي يعاني منها الأردن، من خلال توفير عقول تنموية في المجتمع قادرة على خلق فرص عمل، لا أن تبحث عنها، لافتا إلى أننا في الأردن نعيش حالة من الضعف في إنتاج المعرفة وتحويلها إلى تكنولوجيا وخدمات وسلع، حيث إن الفجوة بيننا وبين العالم الآخر في اتساع من حيث التعليم ومخرجاته واستخدام المعرفة وتصنيعها لتكنولوجيا وإبداع، كما أن الفجوة تتسع  في براءات الاختراع وترجمة مخرجات البحث العلمي إلى ابتكار.
 
من جانبه، قال الخصاونة:" إننا نعيش في غفوة على سردية تتغنى بمسيرة إنجازات الجامعات أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات، وتغافلنا عن الشيخوخة المبكرة التي وصل إليها قطاع التعليم العالي"، مشيرا إلى تطورات جسيمة طرأت على هذا القطاع في الآونة الأخيرة.
 
وأضاف أن أول تلك التطورات التي حصلت وخصوصا العام الحالي هي التشكيك في اعتماديات الجامعات الأردنية والتي كان رد فعل الحكومة الأردنية عليها متهاونا وكأن شيء لم يحدث، وثانيها التضخم المفرط في قبول أعداد الطلبة في الجامعات.
 وأشار الخصاونة إلى أن هناك توجها غير معلن لتقليص الابتعاث في تأهيل أعضاء هيئة التدريس، موضحا أن كل تلك الأمر حصلت في ظل استراتيجية وطنية لتطوير الموارد البشرية وهي معتمدة رسميا ويفترض أن تخضع لمتابعة حثيثة على أعلى المستويات. 
 
وأكد الخصاونة أن ما حصل كان له أسباب أهمها ضبابية النص الذي يحدد رؤية قطاع التعليم العالي ما أدى لحدوث تعقيدات وإشكالات، مشيرا إلى فقداننا للتوافق الذي كان سائدا بين الأسرة الأكاديمية حول الرؤيا والنصوص والسياسات.
 
في حين، قال رئيس الجامعة الأردنية الدكتور عبد الكريم القضاة في كلمته الترحيبية إننا نحتاج إلى منبر ثقافي تنويري يعبر عن صوت الوطن، وبحسب المفهوم العالمي فإن الجامعات هي خزان للفكر الذي يخرّج أجيال في مختلف التخصصات تسهم في بناء ورفعة هذا الوطن، موضحا أن الجامعة الأردنية تطمح لأن تكون هذا المنبر التنويري، ومشيرا إلى أن هذا اللقاء  الذي يعقد في حرمها هو خير مثال على تمازج الأفكار والمقترحات للوقوف على قضايا الوطن وهمومه والبحث عن مخرجات لها.
 
بدوره، أكد رئيس جماعة عمان لحوارات المستقبل بلال حسن التل، إن للتعليم أولوية لا تتقدم عليها أولوية أخرى لدى جماعة عمان وخططها وإسهاماتها للنهوض بالوطن والذي يشكل النهوض بالتعليم مدخله الرئيسي، مشيرا إلى جملة الإنجازات التي تحققت في هذا الشأن منها فريق التعليم الذي تشكل كأول الفرق من قبل جماعة عمان، وأول مبادرتها (مبادرة النهوض بالمعلم) بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم،  والبيانات التي أصدرتها وتتناول سبل إصلاح التعليم، وأيضا الإعداد لمشروع وطني متكامل لإصلاح قطاع التعليم العالي في الأردن. 
 
إلى ذلك، قال عميد شؤون الطلبة الدكتور محمد صايل الزيود إن هذه الندوة  تأتي ترجمة للتعاون البنّاء بين الجامعة الأردنية وجماعة عمان لحوارات المستقبل، للحوار حول العديد من القضايا والتحديات التي تواجه مختلف القطاعات التنموية واقتراح الحلول العلمية لها في إطار تكاملي تشاركي يعزز العمل والإنجاز ويبتعد عن السلبيات وجلد الذات، مشيرا إلى الندوة من خلال ما تطرحه من موضوع حيوي، تسعى  لتشخيص واقع التعليم العالي ووضع تصور واضح لآفاقه المستقبلية.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد