ريما البنا .. حين تموت الوردة في فصل الربيع

mainThumb

17-10-2020 10:05 PM

السوسنة - المقاومة لاحتلالين واحد في جسدها والآخر في وطنها، الثائرة لأجل الأمل والحرية والحياة، والمدافعة عن الأرض والتراث والزعتر والزيتون، الفلسطينية الفنانة ريم البنا.

 

المولد والنشأة:

ريم البنا ابنة الجليل وتحديدا الناصرة، ولدت في شهر ديسمبر من عام ١٩٦٦ للميلاد، لأمها الشاعرة الفلسطينية زهيرة الصباغ، ترعرعت ريم في ظل الأدب والفن على حد سواء، وعندما أنهت دراستها في موسكو وتخرجت من المعهد العالي للموسيقى أصبحت ريم رائدة في مجال التلحين والتأليف والغناء، وكانت تعتنق التراث الفلسطيني كالديانة، فسرعان ما رسمت اسماً عريقا لها بين أواسط الشعب الفلسطيني الذي أثرته بأغنيات تراثية مع لحن حديث، لتواكب بذلك عصرين مختلفين من الثقافة والتراث الفلسطيني.

 

تميزت ريم البنا بشخصيتها المقاومة للاحتلال والحريات والمناضلة من أجل الحقوق ومن أجل زرع الأمل في جميع الشعوب التي احتلها اليأس فتنقلت بين العديد من المناطق تجوب العالم من بلد إلى آخر وشاركت في كثير من المناسبات والاحتفالات التي حملت في طياتها الأمل والمقاومة و الصمود وأكثر ما ميزها هو الطابع الموسيقى الذي كان يمزج بين الماضي والحاضر في التراث فاحتوت أغنياتها على كلمات تراثية قديمة بلحن حديث وبالتالي واكبت عصرين مختلفين من الثقافة الفنية الفلسطينية.

 

مسيرتها في الفن والثقافة والغناء بدأت منذ طفولتها، وذلك عن طريق مشاركتها في عديد من الاحتفالات والمناسبات الوطنية التراثية التي كانت تقيمها مدرستها في الناصرة، مما وجه شخصيتها وتفكيرها نحو الغناء والتأليف، وساعدها على تطوير مسار من مسارات الفن الفلسطيني، بالإضافة إلى أن الظلم الذي كان يعيشه الشعب الفلسطيني على كل الأصعدة جعلها تكرس حياتها لأجل ذلك.

 

تعرفت ريم البنا على شاب أوكراني أثناء دراستها في موسكو وتزوجته ثم انفصلت عنه لاحقا وكانت حينها قد أنجبت منه ثلاث أولاد ربطتهم باسم الأرض والوطن فاطلقت عليهم بيلسان واورسالم وقمران، وهي أسماء كنعانية قديمة، أرادت أن تجذر بها الوفاء لوطنها الأم فلسطين.

أعراض يجب أن تعرفها المرأة عن السّرطان

وعملت أيضا على تسجيل العديد من الاناشيد الطفولية القديمة التي أعادت مجدها بعد أن نسيها الناس وأحيت وجودها من جديد، كما أنها كتبت مجموعة من اناشيد الأطفال وقامت بغنائها في مهرجانات واحتفالات خاصة بهم.

 

بالإضافة إلى أنها أحيت عدد من الأشعار الفلسطينية عن طريق غنائها: ومنها أشعار محمود درويش وسميح القاسم، وعن احياءها للأعمال الأدبية والفنية الفلسطينية أشارت سابقا بأنها مزيج من النصوص الأدبية الفلسطينية المستخلصة من التراث والتي لم يسبق لأحد أن قام بتلحينها، ولتكريس وجودها عملت مع فرقتها الموسيقية على تحويل النص الأدبي إلى نص مغنى، وبالتالي الحفاظ عليها وعدم نسيانها مع الزمن، و تقديم أعمال فنية تلقى القبول بين أواسط الشعب الفلسطيني، خصوصا أن العديد من أعمالها تم إدراجها مع الأفلام الوثائقية والبرامج والمسلسلات أثناء العرض.

 

عملت ريم البنا على تطوير أغنياتها لتصل إلى الشعب الأوروبي، وبالتالي تحقيق الهدف الأسمى التي تسعى إليه وهو إيصال رسالة تحمل في طياتها معاناة وآلام الشعب الفلسطيني لكل العالم.

 

معاناتها مع المرض :

أصيبت بسرطان الثدي للمرة الأولى عام ٢٠٠٩ دفعت فيه أغلى ما تملك، وهو فقدانها لاحبالها الصوتية مما جعلها تتوقف عن الغناء وبالرغم من ذلك شفيت منه للمرة الأولى، ثم عاودها مرة أخرى وكانت هذه الأخيرة الاشرس في حياتها والتي بدأت عام ٢٠١٥.

 

تحدثت ريم البنا عن الموت كمرحلة عابرة لبداية حياة أجمل وكقميص رث حسب تعبيرها، تحدت ريم وقاومت المرض كثيرا هبطت أنفاسها وعلت، هزل جسدها وسقطت جدائلها، لكنها بقيت صامدة كشجر الزيتون ترفض أن تسلم للعجز، تسعى بكل جهد وبكل الوسائل لتنزع من قلبها اليأس وتزرع الأمل في قلوب الناس.
"أعطت نصف عمرها لتجعل طفلا باكيا يضحك"، كما قالت في إحدى أغانيها.. و بقيت تقاوم حتى غلبها المرض وسلمت للموت جسدها وكان ذلك في ٢٤ مارس من عام ٢٠١٨ للميلاد.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد