وجهان لعملة واحدة

mainThumb

17-01-2022 08:03 PM

على ما يبدو أن للإنسان بالفعل كما يقال في العمر ربيع يزهر وروده وخريف تسقط أوراقه وقد يكون في حياته شتاء جميل وايضاً صيف حار قاسي ،هذا هو الإنسان مهما كان قد يختلف فيه شيء إلا  الطباع تبقى ثابته مهما أحب وكره وربما ظاهره رائع و داخله قبح عظيم أو العكس. 
 لكن استحضرتني قصة  و موقف غريب لأحد الأشخاص كان يُعرف عند الجميع بالرجل الملتزم ، وكان صاحب خلق ودين ،وكانت تقطر منه الدعوات وصلاته دائماً جهراً ،   كانت الجلسات معه قيمة رجل مثالي لا أحد يختلف عليه و كنت أقول  وأصدقائي معي المعجبين بشخصيته لن نجد مثله من اشباهه إثنين وأسأل نفسي لو خُلق مثله من البشر إثنين أو ثلاثه بنفس صفاته كانت الدنيا حقاً بخير!!  . 
 
 ومضت الأيام وكان لقاءاتي به مجرد صدفه فقط ، تجمعني فيه المسجد بالركن المطيب بالذكر و البخور والمحراب الواسع،  لأن وجدت نفسي بصدفه أخرى  في مكان مختلف تماماً حينما وجدته في زاوية أحد المحلات مشروبات الروحية فقلبت الدهشة إلى ضحكة غريبة خرجت مني وهو يجلس بركن العصائر والخمور ويمليء تلك الأكواب بالزاوية الضيقة، فقلت لنفسي ما للشبه قيمة إذا لم يكن هناك تعارف جديد فأمامي رجل اعرفه ولكن يحتاج هذا  المكان الى تعارف من نوع آخر  ، وجلست أحاور الرجل الذي أعرفه لكن بأسلوب جديد وأمامنا مرآة كبيرة حقيقية لا تعكس إلا الواقع ،نشاهد أنفسنا ونحن نتحدث سويا والكأس بأيدينا فاقدين شيء من الإدراك ، ومع هذا فلم نختلف أبداً  في أمرين سبحان الله تلك النظرة نفسها وحتى اللسان ، ولم أنسى نفسي بسؤال وانا أخجل من نفسي ، لماذا وجدت نفسي أيضاً بذلك المكان ؟.
 
وأنا وذلك كنا هناك  ! ألم نكن في المسجد وتجمعنا الصلاة واليوم أنا أجالس نفس الشخص في مكان تحضره الشياطين والمشروب و الغواء ، كانت أحاديثنا عن الدنيا الجميلة والرقص والغناء وحتى النساء ،وكأننا بالفعل قد خلعنا ثوب التقوى وبتنا عراء وكأنه سُلب منّا ، المؤلم في هذا الموقف حينما نتحدث عن من كان في المسجد و ننسى أننا نحن ! بل وكأننا نتحدث بإسهاب عن أخوينا التوأم ونؤشر بأيدينا الى تلك المرآة التي جاءت بنا إلى حقيقتنا المرّة وكأنها تقول أنتما عملة واحدة بنفس القيمة مهما اختلفت الرسومات .
العبرة الثبات في معبر الحياة التي تغيرنا المواسم فتغير ملامحنا ،و لا نحتاج إلى تقمس الأدوار ، ينقصنا في هذه الحياة فقط الى المصارحة أنفسنا،مصارحة الأعماق والتعمق بها والتوبة، فلابد من مرآة داخلية تكشف حقيقتنا من الداخل وللضمير مرآة وللصدق أيضاً مرآة واهم شيء أن نكشف أنفسنا قبل أن يكشفنا أحد غيرنا صدفة .
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد