كفوا عن هذه الفتاوى التي لا تحمد عقباها

mainThumb

18-09-2008 12:00 AM

قرأت بتمعن الفتوى المنسوبة لفضيلة الشيخ صالح اللحيدان، رئيس مجلس القضاء الأعلى في المملكة العربية السعودية، وكذلك الحوار مع فضيلته في موقع "العربية نت"، والتي أجاز فيها " قتل ملاك الفضائيات العربية الذين وصفهم بالمفسدين في الأرض".
طارت هذه الفتوى في الآفاق وذهبت الناس في تفسيرها وفهمها إلى أبعد مما يتصوره فضيلة الشيخ اللحيدان. وبدون شك في أنها ستأخذا أيضا ابعادا أخرى أثق تماما أن فضيلته لا يقصدها إطلاقا. وأتمنى من الله أن لا يتلقف هذه الفتوى أحد الموتورين أوالمتطرفين من خوارج هذا الزمان فيبدأ بتصفة حسابات عالقة في ذهنه منذ زمن بعيد حتى سنحة له فرصة الاقتضاض على خصومه من وجهة نظره القاصرة التي يستند عليها في تكفير الناس واستباحة دمائهم وأعراضهم وأموالهم. فيتخذ من هذه الفتوى شرعية لعمله الإجرامي دون اعتبار لأي شيئ آخر.

إن الخوف الذي يقلق حقا من فهم هذه الفتوى وأمثالها، هو فهم العوام والمتطرفين وخوارج هذا الزمان لها وحملها إلى أبعد من حيزها طالما وهى صادرة من شخصية لها وزنها في مجال القضاء والإفتاء. لأن فضيلة الشيخ بصفته رئيسا لأهم وأخطر منصب في الدولة السعودية وهو منصب رئاسة القضاء الذي اجتمع له فيه الحكم والإفتاء معا. فلو أن أحد الجهلة أخذ هذه الفتوى على ظاهرها، ونصب نفسه في منصب القاضي في إصدار الحكم وفي منصب السلطة التنفيذية في تنفيذ الأحكام، وأشهر سلاحه في وجه البر والفاجر، من أمة محمد عليه الصلاة والسلام أو غيرها من الأمم، فما هي النتيجة التي ستكون لهذا الفعل؟ وما هي العواقب الوخيمة التي ستجرها على الأمة هذه الفتوى؟ سوى مزيد من سفك دماء الناس، واستباحة قتل النفس التي حرمها الله بغير حق، وفساد كبير أعظم من الفساد الذي تبثه هذه القنوات الفاسدة على حد توصيف فضيلة الشيخ لها والقاعدة تقول " .

إن المشكلة الكبرى في هذا الزمان قلة المعرفة وجهل الناس، والاكتفاء بما يسمعون من الوعاظ والخطباء، ومن ليسوا أهلا للإفتاء. وليس كل من ألقى خطبة عصماء أو موعظة مبكية أو أبدى رأيا في مسألة هو فقيه في دين الله أو شخص توفرت فيه شروط الإفتاء التي ذكرت في كتب العلماء. لكن العامة من الناس يصدقون ما يسمعون ويعملون بما سمعوا ويتخذونه دينا ينالون الثواب على فعله والعقاب على تركه. فلا يسألون ولا يتحققون في أمر دينهم كما يفعلون في أمور دنياهم.

وفضيلة الشيخ يعلم بأن هناك مسائلا ناقشها العلماء فيما بينهم وظلت محصورة عليهم، ولم يخرجوها للعامة خشية من أن تكون سببا في فتنة الناس. كما أن هناك آراء لأهل العلم، أوصلهم إليها اجتهادهم، لكنهم لم يعملوا بما يترتب على قولهم مكتفين بالقاعدة التي تقول:" بأن لا زم المذهب ليس بمذهب".

وبقي أن نقول لكل الناس إنما ما وسع العلماء السابقين يسع فضيلة الشيخ اللحيدان فقد قال الإمام الذهبي - رحمه الله - : " ولو أنّ?Zا كلما أخطأ إمامٌ في اجتهاده في آحاد المسائل خطأً مغفوراً له, قمنا عليه وبدّ?Zعناه، وهجرناه، لما س?Zلِم?Z معنا لا ابن نصر ولا ابن مندة ولا من هو أكبر منهما، والله الهادي إلى الحق، وهو أرحم الراحمين، فنعوذ بالله مِن الهوى والفظاظة".

وقد قال: قال ابنُ أمِّ عبدٍ رضي الله عنه وأرضاه: " من أراد الآخرة أضرّ?Z بالدنيا، ومن أراد الدنيا أضرّ?Z بالآخرة، يا قوم فأضروا بالفاني للباقي".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد