المولد النبوي الشريف

mainThumb

12-03-2009 12:00 AM

 

تحتفل الأمم والشعوب بعظمائها وقادتها ممّن شقوا لهم طريق الصعود إلى مدارج الرُقي والحضارة، وتركوا بصمات المجد والكرامة، محطات تتزوّد منها الأجيال ما تستنير به، وتهتدي للولوج إلى زمن العُسْرة والشدائد، لأنهم المثال الذي يحُتذى بسلوكهم وأعمالهم، لأنهم قادوا شعوبهم إلى بر الأمان، ووفّ?Zروا لهم كريم الحياة والأمن والسلام والرفاهية والازدهار، فحظي هؤلاء الساسة العظام بالإجلال والتعظيم من الشعوب، ففي كلِِّ عام يُطوى، تستذكر الأمم ميلاد هؤلاء بالاحتفالات في الجامعات والمؤسسات والنوادي والساحات وفي المدارس والكليات ودور العبادات، ويتبادل الناس التحيات والتهنئات والتبريكات، وتتوجه الفعاليات من مختلف القطاعات إلى أضرحة العظماء يتبرّكون بالزيارات، ويستذكرون الخصال في السرائر والعلنات، ويذرفون الدموع حسرات، ويناجونه كما لو كان حيّاً بين الأرض والسموات، معاهدين إياه على خطى الرّاحل ونهج الألى على تجديد المبايعات، وإن طالت الآجال المقدّرات من الباري جلت قدرته في السموات. واليوم يستذكر العالمان العربي والإسلامي ذكرى جليلة على قلوبنا جميعاً، ويقف وقفة إجلال وإكبار، إحياء لها وإعلاء لمنزلة صاحبها العظيم، إنها ذكرى المولد النبوي الشريف، فبميلاد سيّد البشرية محمّد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم .

إنهارت جحافل الجهل وجيوش الظلام، وتقوّضت عروش الجبابرة الطغاة، وصُف?Zّدت فوضى العصبيات والقبليات، وتناثرت شرائع الغابات ووأد البنات، وكُم?Zّمت ألسنة أكاسرة الفرس وقياصرة الرومان، بميلاد سيّد البشرية تبسّم فم الزمان، وكحلت الأرض أخاديدها بمراود رسالة سيّد الأنبياء، وتعطّ?Zرت البحار والمحيطات بعبير طهارة رسالة السموات، واهتز الكون تحية للصادق الأمين، مخلّ?Zص البشرية من جور الحكام إلى عدل الرحمن، بميلاده تبسّ?Zمت الكواكب، وألقت على الأرض من شعاعه ما يشق قمصان الدجى ويخرق سدول الظلمات، ورفرفت في الفضاء طيور الكون، تنشد أغاني الحق والعدل والمساواة، وراحت على الأيك حمائم الأرض، تصدح بشجي الألحان حيّ?Z على الأمن حيّ?Z على السلام، بميلاد خير البريّ?Zة نطقت رمال الفلاة، والصُمُّ من الجبال الشاهقات فرحاً بالمخلّص من سطوة الأوثان والأصنام، وعبادة النار والسجود للأقزام، وفي الغابات والبراري والوهاد، تعالت أصوات الأسود والضياء، وكلُ من دبّ?Z على الأرض والصفوان، تنحني إلى الخالق الدّيان، سبحانك ربي لك الشكر على ميلاد الأمين الهادي. يوم ميلادك سيّدي عزف الكون قصيدة التوحيد في الفكر، وقافية النهج والوجدان، فكان ميلاد أُمّة بنور الرحمن اهتدت، وأطفأت نيران الطواغيت على الورى، فغدت شامة في خدّ الزمان، كنت يا رسول الله وما زلت مدرسة في الآداب والفقه والتهذيب والأخلاق، حرّ?Zرت شعوباً ر?Zس?Zف?Zتْ في الذلّ والقيد والأغلال، أحييت يا سيّدي الكون برسالة السّماء، فابتسم الش?Zّيح والقيصوم ونوّ?Zر الدّحنون وشقائق النعمان بالعفاف والطهر والجمال، وانفلق الصخر يوم زفّ البشير بُشرى ميلادك المجيد.

واليوم يا رسول الله تكالبت أمم الشّر على أمة الضاد والإيمان، ولا تخفى عليك المحن والحال والأحوال، تدنّس الأقداس وتنتهك المحارم، وتسفك الدّماء وتُداس الكرامة وتسوّى بالأرض قيم الدين والأخلاق والأعلام، وبالبوارج والقاذفات تفطم الأطفال قبل حين الفطام، وتسبى الحرائر للذئاب، وتدكّ حصون الرشيد وتستباح أسفار تراث الآباء والأجداد، وتُنهب خيرات العرب والإسلام، ونحن في غفلة نلهو في مرابع الأيام، تتقاذفنا أمواج الغرب ببريقها وزخرفها الغدّار، في يوم ميلادك سيّدي نضرع إلى العلي القدير أن يوح?Zّد الصف، ويضم?Zّد الجرح، ويجمع الشمل، وينصر الحق، ويزلزل عروش الأعداء، لتعلو في الآفاق أعلام النصر مكّللة بسنة المصطفى الهادي صلوات الله عليه والسلام. وقد تحررت النفوس والأقداس، ورفرفت رايات الأمجاد في حمى أردن الحشد والرباط كما عهدناها على مر الايام.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد