الحجاب (صدام حضارات) .. يتقدم بعمّان يتراجع بالأرياف .. !

mainThumb

21-02-2010 12:00 AM

محمد حسن العمري

حيث يقسم صموئيل هنتجتون الحضارات السائدة والمتصارعة اليوم بعد الغرب الى الاسلامية واللاتينية والصينية واليابانية والهندية والافريقية ، وحيث كلها الا الاسلامية حضارات " بلا حجاب" ، فلا نسمع عن امتهان الحرية الفردية لحجاب المرأة المسلمة الا في الغرب ، التي كان يراها هنتجتون ، الوجه المشرق للديمقراطية على الحضارات الاخرى ، وفي ذات السياق فقد اعتمد اقطاب (الصدام) مثل برنارد لويس على استطلاعات الراي في امريكا ، او تم توجيهها بهذا الاتجاه لتقرر نهاية الامر ان اكثر من 60% من الامريكيين يرون الثقافة الاسلامية خطر على الغرب..!

يبلغ عدد المسلمين في الهند والصين زهاء 200 مليون فرد ،فيما اكثر من نصف سكان القارة الافريقية مسلمين ، ورغم وجود خلافات عرقية ودينية صارخة بين المسلمين والاثنيات الاخرى في الهند وافريقيا ، لكن الغرب وحده رائ في حجاب المراة المسلمة الوجه (المثال!) لتحديد هوية الصراع بين الاسلام والغرب ، في الوقت الذي من المؤكد ان عدد النساء المتحجبات في العالم الاسلامي وغير الاسلامي لا تصل الى النصف في احسن الظروف ، اذا اخذنا بعين الاعتبار ان ربع المسلمين فقط يعيشون في الدول العربية التي تشكل الموروث الاسلامي للحجاب، وهذا بعد سنوات حاسمة من (الصراع) والذي رافقه وفق اصطلاح الاسلاميين حالة من (الصحوة الاسلامية!)..!

***

الغرب صنع ( الحجاب ) كوجه حقيقي للصراع الذي اراده ان يكون مع الاسلام ، مع ان الحضارات الهندية والصينية والافريقية تمتلك كل منها نمط خاص بلباس المراة ، ليس منسجما مع لباس المراة الغربية الذي يتغير كل عام مع صيحات الموضة السائدة ، بدأنا نسمع عن حجاب المراة المسلمة في الغرب واشكالياته بالفعل بعد سقوط المنظومة الاشتراكية فقط ، اذكر ان قضية الطالبات المغاربيات والعربيات اللواتي منعن من مزاولة التعليم في فرنساء بسبب الحجاب في ذلك الحين ، وكتب الشاعر العراقي المعروف احمد مطر وقتها قصيدة (الحجاب ) واهداها لهن جميعا ، فاطمة وليلى عشابون، وسميرة سعيداني، وفاطمة وعائشة علوي ، وصل في اخرها غاضبا:

فلترح?Zلْ فرنسا عن فرنسا نفسِها "

إن كان?Z يُزعجُها الحجابْ"

واستمرت العدوى تنتقل الى الدول الاوروبية الى ان وصلت بفعل التودد التركي الاوروبي الى تركيا فاسقطت الجنسية عن النائبة الشابة ابنة الثلاثين عاما مروة قاوقجي بعد ان رفض رئيس الدولة دخولها البرلمان التركي بالحجاب، وصار الحجاب عنوان الازرداء في الغرب بعد احداث 11 سبتمبر ، واخير وصل الى المانيا الى مروة الاخرى ،الدكتورة مروة الشربيني التي قتلها الرجل الذي حاول نزع حجابها قبل ذلك ، وداخل محكمة وبنحو 18 طعنة امام صمت أمن المحكمة والحاضرين..!

***

نتيجة وضع الحجاب كواجهة للصراع انتهكت من خلال ذلك حرية المراة المتحجبة اينما تكون ، ففي الوقت الذي كان يجب على الذين صاغوا هذه الصورة للصراع ان ينصفوا وقد وضعوا انفسهم عنوانا للديمقراطية ،ان ينصفوا الديمقراطية نفسها ، وان يتسألوا ايضا هل الحجاب بالفعل هو كل الاسلام ام هو مظهر ، من مظاهر الاسلام ، وان المحجبات هن فئة من المجتمعات الاسلامية لهن الحق في اختيار اللباس ، شأن اللباس السافر الذي تختلف الحضارات كلها مع الغربية فيه ، وترى فيه صورة مهينة لابتذال المراة ، التي تقف شبه عارية امام لجان التحكيم فتقرر من هي (سيدة العالم- مس وورلد!)

***

هنا في العالم الاسلامي ، الوضع فعلا مختلف ومختلف جدا عن ما يراه الغرب ، ففي الدولة العربية الاكبر مصر ، حتى وقت ليس ببعيد كان الحجاب التقليدي صفة الارياف ، ونادار ما تراه في المدن الكبرى ، وحال الشيئ في دول اخرى كتونس والجزائر ، وكانت الافلام السينمائية حال الخمسينات والستينات تصور المراة في منهتى التعري والسفور ، ووجود امراة محجبة غير وارد بتاتا الا في افلام (الصعيد) ، فقط منذ سنوات قليلة اصبح نادرا ما تجد عمل سينمائي او درامي بدون وجود محجبات ، حتى داخل حرم الجامعات المصرية ، وفي الاردن ، وفي احدى المحاضرات الحرة ، قال احد اساتذة الشريعة خريج الجامعة الاردنية اوائل الستينات انه لم يكن في الجامعة الاردنية الا طالبة محجبة واحدة ذلك الحين ، صارت بعد ذلك عميدة لاحدى كليات التعليم المتوسط ، فيما اليوم ،تختلط المحجبات مع غير المحجبات في الجامعات كل الجامعات ، وتجد علاقة صداقة حميمة بين طالبة محجبة وغير محجبة ، وبدون حساسيات ،،،!

الحجاب هو ليس سمة عامة في العالم الاسلامي ، وهو مرتبط بالتدين ، والتدين ليس عاما ، كما هو الحال في اي مجتمع ، وما يسمى بالصحوة الاسلامية التي رفعت حجم المتحجبات في البلاد العربية ، في المدن العربية تحديدا ، فقد رافقها (انفتاح!) اخر (ضد!) الححجاب في القرى والارياف والبوادي و الخليج العربي بالاجمال..!

في الجامعة كنا نلاحظ ان الفتيات المحجبات اللواتي يضعن الميكياج المبالغ فيه ، او ما يسمى عند الطالبات ( اوفر ميك اب) هن الفتيات القادمات من القرى والبوادي او طالبات الخليج ، لان الحجاب مفروض بحكم العادة ومن تخلع الحجاب تكون قد اتت على كل الاعراف السائدة ، فكانت مساحيق التجميل هي لتلتعبير عن الثورة عند هذه الفئات من الطالبات ، وبالغالب هن طالبات غير متدينات ، وهو حال الحجاب في الخليج واليمن ، و اليوم اختلفت الامور بالكامل ، او على نحو ادق عادت الى وضعها الامثل،بمعنى ان الحجاب عاد الى وضعه الصحيح وهو ارتباطه بالتدين وليس بالاعراف ، فالقادمات من ارياف الاردن اليوم مثلا، بدأن يتحررن من الحجاب (التقليدي) الذي هو ليس بالتدين ، او بدأن بالتحايل عليه بصورة الحجاب الحديث ، الذي لا يدخل في دائرة الحجاب لا بالاسم ولا بالصفات على كل الاحوال ، فيما يزداد حضور الحجاب (الاسلامي) في عمّان العاصمة ، وهو حال اكثر المدن العربية و حال الجاليات المسلمة في الغرب ،،..!

***



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد