أسامينا

mainThumb

29-03-2010 02:52 PM

الأسم هو هوية الأنسان وما يعرف به عند الآخرين؛ فمن خلال الأسم يتم تمييز الشخص عمن سواه ؛ ولو كان الأنسان من غير اسم لاختلطت الأمور ولم نعد نميز هذا عن ذاك؛ ويرى النحاة أن سبب تسمية الأسم بذلك هو من الفعل وسم؛ فالأسم كالوسم الملتصق في الجسد؛ ويرى قسم آخر أنه مشتق من الفعل سما يسمو أي ارتفع؛ ذلك أن الأسم يسمو ويرتفع عن الفعل أو الحرف.
اسماؤنا أو " أسامينا " مثلما تقول فيروز في أغنيتها؛ يبدأ الحديث حولها في وقت مبكر؛ فالآباء والأمهات يفكرون في اسم أول مولود لهم منذ بداية الحمل؛ ولربما بوقت أبكر أو أسبق من ذلك؛ وربما اتفقوا أو اختلفوا على اسم هذا المولود؛ ولربما يلجأون الى حلول توفيقية في ذلك كأجراء القرعة على بعض الأسماء المقترحة ؛ وكثيرا ما نرى أن بعض الأشخاص يعرفون باسم أبي فلان أو أم فلان حتى قبل الزواج .
ومن باب الأحترام والتبجيل أن ينادى من كان له أبناء بكنيته فيقال يا أبا فلان؛ وعادة ما تكون الكنية لأول مولود ذكر؛ وفي غياب الذكور ينادى الأنسان بكنيته باسم أولى بناته؛ لكنهم سرعان ما ينسوا هذا عندما يرزق الشخص بمولود ذكر.
والمعروف لنا أن تسمية المولود من واجب الآباء وأنهم محاسبون على ذلك؛ فاختيار الأسم يجب ألا يتم اعتباطا بل وفق معايير معينة تتفق مع الدين والعرف والذوق؛ على أن الأمر السائد الآن هو أن الأزواج يتفاهمون فيما بينهم على أسماء معينة ؛ وأحيانا يختلفون سيما عند تدخل بعض الأطراف في التسمية كالأهل مثلا.
جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشكو إليه عقوق ابنه فأحضر عمر الولد وأنبه على عقوقه لأبيه ونسيانه لحقوقه فقال الولد : يا أمير المؤمنين أليس للولد حقوق على أبيه؟ قال : بلى قال : فما هي يا أمير المؤمنين؟ قال عمر : أن ينتقي أمه ويحسن اسمه ويعلمه الكتاب ( أي القراءة ). قال الولد : يا أمير المؤمنين إن أبي لم يفعل شيئاً من ذلك . أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي وقد سماني جعلاً أي خنفسا ولم يعلمني من الكتابة حرفا واحدا . فالتفت عمر إلى الرجل وقال له : جئت إلي تشكو عقوق ابنك وقد عققته قبل أن يعقك وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك .
ومن الأقوال الدارجة في المجتمع ما يتردد على الألسنة من أن الأسم ينزل من السماء؛ كدعوة لعدم البحث الطويل عن اسم المولود الجديد؛ فمهما بحثت عن الأسم فلا بد أنك ستصل الى هذا الأسم الذي هو من السماء وأنه سيتوافق حتما مع صاحبه.
وكتجربة شخصية فلقد قررت غير مرة أن أسمي أحد أبنائي أو بناتي بهذا الأسم أو ذاك؛ ولكن هذا القرار كان يتغير في ذهني في آخر لحظة وأنا في الأحوال المدنية قبيل وقت قصير من تسجيله رسميا.
والملاحظ أيضا أن الأسماء لا تعبر دائما عن شخصية صاحبها؛ فهناك متناقضات قد نجدها بين الأسم وبين صاحبه؛ فقد يكون اسم فلان سعيد ولكن واقعه لا يمت الى السعادة بصله؛ وقد يكون اسمه جمال أو جميل ولكن صاحبه ليس بالجميل أيضا ؛ أو أن يكون اسمه صالح وهو مسيء أو صادق وهو كاذب أو كذاب؛ أو أن يسمى كرم أو كريم أو حاتم أو جواد ولا علاقة له بالكرم؛ أو متعب وهو مريح للغاية وهلم جرا.
لقد عبّر أبو العلاء المعري عن ذلك بقوله: كذب الذي سمّى المملك قاهرا نحن الأذلة والألــــــه القاهر وكذاك يدعى طاهرا من كله نجسٌ ويفقد في الأنام الطاهر
ومن الملاحظ أيضا وكتجسيد لكراهية البنات في المجتمع أن بعض الآباء والأمهات يضيقون ذرعا بأنجاب البنات على خلاف رغبتهم أو تخطيطهم؛ أتذكر هذا الأمر كلما سمعت أن فلانة اسمها  : ختام أو كفا ؛ أو كفاية ؛ او نهاية الى غير ذلك؛ فأتيقن ان من اسمها ختام لن تكون البنت الأولى عند أهلها وسيكون ترتيبها الثالث أو الرابع في الأناث؛ على أننا لا نجد أسماء ذكورية مشابهة لهذه الأسماء على نحو ما أعلم .
ولكن الأغرب من ذلك أن من أسماهن أهلهن بمثل هذه الأسماء لم يجدوا الختام ولا النهاية في انجاب البنات ؛ بل أنجبوا أخريات بعد ختام أو نهاية؛ فمن يهبنا الذكور او الأناث هو الله سبحانه وتعالى وليس لنا الخيرة في ذلك؛ وما يدريك فلعل البنت تكون أفضل من كثير من الذكور سيما وهي الأقرب الى الود الحنان على أبويها من أخوتها جميعا.
وختاما فأن اسمائنا أيا كانت هي تجسيد لأذواق أهلنا فيجب علينا احترامها سيما أنها تلتصق وتقترن دائما بأسماء آبائنا وأجدادنا وعائلاتنا؛ وأن نبحث لأبنائنا دائما عن الأسماء العربية الجميلة بمعانيها ووقعها على الأسماع .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد