أبحاث موول .. !!!

أبحاث موول ..  !!!

22-08-2010 08:00 AM

  
إذا كنت طالبا وفي أي مرحلة من مراحل الدراسة, من رياض الأطفال, إلى أعلى الرتب العلمية في الجامعة، فلدينا ما يسركم, إذ نعلن لكم عن توفر جميع التقارير والأبحاث والدراسات, وفي مختلف التخصصات ولكل المراحل التعليمية, فإذا كنت تبحث عن النجاح أو القبول أو التخرج أو الترقية أو التثبيت ، أو كنت تريد أن تهدي مسؤولك بحثا ما باسمه ليرضى عنك ، فكل ما تريدونه متوفر لدينا في أبحاث مول.؟! فأسعارنا تنافسية كل ما عليكم هو دفع مبلغ من المال لتجد بحثك أو دراستك جاهزة وقابلة للنشر, ومنشورة أيضا و في أرقى المجلات العالمية بدءا من الجامعات الصومالية, و انتهاءً بجامعات الكونغو الديمقراطية الشعبية ! و عليها اسمك من أربعة مقاطع وعنوان بحثك الذي لا تعرفه أصلا ..؟!



ترى لو كانت هذه الأبحاث أو الدراسات التي تنشر في مجلات عربية أو أجنبية ,لو كانت سلعة أو مادة غذائية للتصدير فهل تقبل بها هذه الدول.. ؟



..... نعم هذا هو الواقع المؤلم ابتداءً من المراحل الدراسية الأساسية, وانتهاءً بالدراسات العليا ، وما بعدها و التي هي لغايات الترقية و الترفيع .



فعندما يطلب المعلم من الطالب أن يكتب له تقريرا أو بحثا متواضعا, يذهب هو أو والده ! إلى إحدى هذه المراكز و قد كثرت فيدفع له مبلغا من المال ليعود و يأخذ التقرير الذي لا يعرف محتواه, ليسلّمه إلى المدرس للحصول على رضاه وعلى درجاته, وبدوره( إلاّ من رحم ربك) يقوم بتخزينه (دون مناقشة الطالب به والسؤال عن محتواه والفائدة التي حصل عليها ) ليكوّن التلال السبع في مكتبه, فلا يقرأها هو و لا يطلّع و هكذا ...



أمّا المصيبة الأكبر فتكمن في مراحل الدراسات العليا( مرحلة تدريس وتفعيل البحث العلمي حسب الأصول ), وعند أعضاء هيئة التدريس في الجامعات العربية , فهذه حدث و لا حرج (ولا أعمم) مع كامل الاحترام و التقدير لمن يحملون شهاداتهم العلمية و لا تحملهم ، و أبحاثهم القيّمة المثمرة ، وهم قدوة لكل الطلبة المثابرين فكل التقدير والاحترام لهم.



لكني أردت هنا أن أخص من ( تحملهم شهاداتهم العلمية ). فأبحاثهم و دراساتهم و التي هي إمّا من المراكز التي تحدثت عنها ,أو جهد طلابهم في الدراسات العليا من ترجمة و دراسات و بيانات و غيرها ، و يعلم ذلك تماما طلبة الدراسات العليا المغلوب على أمرهم. لكن ما أردت الإشارة إليه هنا هو انتشار هذه المؤسسات و المراكز و التي تدرّ دخلا رائعا على أصحابها ؟؟! خاصة إذا ما علمنا أن روادها باتوا في تزايد؛ فالأبحاث والدراسات و نشرها بات أمرا مهما للترقية, وسلم الرواتب لأعضاء هيئة التدريس, وشرط تخرج لطلبة الدراسات العليا .



وأنا هنا لا أضع كل اللوم على رواد هذا المراكز, بل يشمل هذا اللوم والعتب الجامعات و إدارتها التي ما عادت تبحث عن جودة هذا البحث أو أصالته, و فائدته و ثماره , وإنما تكتفي بورقة قبول النشر و كأن الغاية وسيلة و الوسيلة غاية, وهذا سبب رئيسي في تدني مستوى البحث العلمي في العالم العربي,ناهيك عن الأبحاث المركبة أو المزوّرة أو مسروقة الثلث أو النصف أو الكل باستثناء اسم الباحث الأصلي .



و قد يقول قائل ( أيعقل هذا الأمر ؟ ) فأقول له نعم سيدي هذا ما يحدث ولك أن تتحرى الأمر و ستكتشف الأسوأ.



و لا أدري إن كانت الغاية هي الكم و النشر, أم النوع و الجودة. و رسالتي إلى كل المسؤولين و أصحاب القرار في الجامعات العربية هي : أنه يجب وضع معايير و شروط معينة للأبحاث و الدراسات الغاية منها الجودة و النوع, لا التعقيد و الكم ، وليس لمجرد كونه شرطا وحسب, فلا يقاس البحث بعدد صفحاته, بل بالجديد الذي يأتي به,إضافة لجودته ونتائجه. ودور الجامعات و بالتعاون مع المؤسسات المعنية في تحويله إلى واقع ليعود بالنفع على الباحث و المجتمع ، فأي باحث علمي يعلم بأن نتائج بحثه و توصياته سيؤخذ بها, فسيعمل بجد و اجتهاد و بدون كلل أو ملل لينجز هذا البحث بصدق و إخلاص, و بدون الحاجة إلى شراء البحث أو تزوير النتائج؛ لأنه سيعلم حينها بأن بحثه سيثمر معه, ومع مؤسسته و بلده و سيحرص بعد ذلك على كتابة المزيد و بجودة أعلى .



و أنا هنا لا ألوم هذه المراكز, فهي تأخذ الأمر من باب التجارة و الربح المشروع ، و لكن أطالب المختصين والخبراء, بل والباحثين أيضا بعمل دراسات علمية دقيقة ونزيهة للبحث عن الأسباب التي تدفع الكثيرين للتسوق فيها, و دفع المبالغ الكبيرة, من أجل شراء مجموعة من الأوراق و التي قد تكون بيعت لأكثر من مرة و لأكثر من زبون , والخروج بتوصيات يتم العمل بها وتفعيلها .


و اختتم بقول الشاعر :

ربّ عـــلـــم أضـــاعــــه عـــدم الــــمــــال            و جــــهــــل غـــطــــى عــــلـــيـــه الـــنـــــعــــيـــم

rawwad2010@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد