نجحت الحكومة .. و لكن ؟

نجحت الحكومة   .. و لكن ؟

12-11-2010 02:21 AM

أما و قد حطت الانتخابات رحالها ، و نجح من نجح و اخفق من اخفق ، تكون الحكومة في حال  كانت نسبها المعلنة هي نسب حقيقية و ليست وهمية كما جاء على لسان لجنة المتقاعدين العسكريين و الإخوان الذين شككوا فيها  ، و لأن هناك مؤشرات تدل على وجود تلاعب في النسب ، لعل أهمها رفض الحكومة الإفصاح عن نتائج الذين أخفقوا في الانتخابات و ذلك خوفا منها من ظهور النسب الحقيقة ، و لا أخفيكم سعادة قطاعات كبيرة و شماتتهم برسوب من ظنوا أنفسهم من المخلدين حتى لو شمننا رائحة تلاعب في نتائجهم ، تكون الحكومة قد نجحت الى حد غير متوقع في حشد نسبة من المقترعين مساوية  لنسب الانتخابات السابقة تقريبا بعد ان حرمتها المقاطعة من تحقيق نسبة قياسية كانت تتوق و تسعى جاهدة للحصول عليها ليسجل لها التاريخ هذا الانجاز نظرا لحجم الحملة الإعلامية الهائلة المرافقة لها و التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ الوطن.

لقد كان نجاحها يتمثل بالمحافظة على نسبة اقتراع مساوية للنسبة السابقة في ظل حجم الإحباط العام الذي كان يلف الرأي العام و كان ينذر بكارثة انتخابية لولا تدخل الحكومة بكل ثقلها و أساليبها و تسخيرها لكل إمكانياتها  لحث الشعب على الانتخاب و الذي نرجو ان لا يأتي يوم يلوم نفسه فيه .

لن نعتبر نزاهة العملية الانتخابية النسبية انجازا ، لأنه واجب و فرض وليس استثناء  قصرت فيه الحكومات السابقة ، و لا يشكر المرء على القيام بواجبه ، وان كان موضوع  الدوائر الهلامية وطريقة توزيعها يعد نوعا متقدما و مبتكرا من أنواع التزوير،لأنها حرمت متنافسين من نفس الدائرة و نفس المنطقة من فرصة النجاح المتساوية ، فبأي عرف أو قانون ينجح من يحصل على 2000 صوت و يرسب من يحصل على 4000 صوت و هم ابناء نفس المنطقة ، ولكن  يبقى ما حصل يوم الاقتراع من  نزاهة نسبية و من منظور شامل وعام  جيد .

 

ان الكرة ألان في ملعب الحكومة بعد ان استجاب الناس و غيروا الكثير من الوجوه السابقة و أطاحوا بمن اعتبروا أنفسهم أهرامات لا تزحزح إلا بالموت ، و استجابت الحكومة لضغط الجماهير و حيدت الكثير من الشخصيات الجدلية التي أسأت للديمقراطية و للشعب  و يكفي ذكر نجاحها لإثارة الشكوك حول نزاهة الانتخابات لما عرف عنها من فساد و ان كان قلة منهم قد عادوا ، و ها قد أتت وجوه جديدة و لو كانت من نفس طينة الذين ذهبوا ، و اقصد ان اغلبهم  ليسوا بالحزبيين و لا بالنقابيين و لا بالمسيسين، بل أناس يتحسسون خطواتهم الأولى في عالم السياسة و سيحاولون ان يصنعوا لهم تاريخا و أسماء و شعبية اكبر من تلك التي نجحوا بها لأنها كانت متدنية لمعظم النواب .

إذن فالحكومة ألان هي المسؤولة عن نجاح هؤلاء النواب في مهمتهم النيابية ، كونها مسؤولة بطريقة غير مباشرة عن نجاحهم المصبوغ بلون عشائري واحد بعد ان غابت الأحزاب الحقيقة و الشخصيات السياسية الوطنية، و لكي تكمل نجاحها الانتخابي يجب ان تساعد هؤلاء النواب حديثي النشأة على القيام بواجباتهم التشريعية و الرقابية بأكمل وجه ،وذلك بالابتعاد عن تقديم كل أشكال الرشوة المبطنة لهؤلاء النواب ،من سيارات و مقاعد جامعية و شيكات مالية و تعيينات استثنائية و سفرات مجانية و امتيازات لشركاتهم و مؤسساتهم محاباة و غيرها من الأمور التي تفسد أي شخص و أي نائب  و التي اعتادت الحكومات السابقة على تقديمها ، و التي من شأنها ان تفتح عيون النواب  على مغريات و مكتسبات تنسيه دوره المنتخب لأجله و تنسيه حتى هموم قاعدته فيقضي جل وقته باحثا عن مضاعفة هذه الامتيازات ، و اخص بذلك أصحاب الشركات والتجار من النواب والذين منهم من صرف الآلاف للنجاح متطلعا لتعويض خسائره بعد النجاح.

 

و ألان كلنا نرجو من الحكومة ان تلتزم بمصداقيتها التي بدأت بتكوينها الآن ، و ان لا تطيح بإنجازها في الهواء ، و تنسخه بتحويل مجلس الشعب لمجلس منتفعين و مصلحجيين ،فإن وجد النائب انه لا جدوى من التملق للحكومة و تقديم التنازلات انتبه لدوره و قام به على أكمل وجه ،علهم يعوضون بذلك  جزء من غياب الأحزاب و السياسيين الوطنيين .

و لتعلم الحكومة بأن الشعب هذه المرة لن يرحمها  بعد ان ملأت الدنيا ضجيجا و تطبيلا للانتخابات و لحث الناس للتصويت، فلا يضيعوا تعب الناس و يخسروا ثقتهم من جديد و يطبقوا المبدأ القائل (أنا ومن ورائي الطوفان )  معتمدين على أنهم بعد أربع سنين لن يكونوا موجودين و نجاحهم الآني هو المطلوب ، فالشعب الأردني لن ينسى أي غدر جديد ، فلا تحولوا نوابهم الى مجرد تابعين عن المكتسبات باحثين و لناخبيهم مهملين، لأنه سوف يأتي يوم يلعنكم فيه الشعب كما لعن الذين زوروا إرادة الشعب من قبل ، و قولي هذا  ينفع ان كنتم لسمعتكم محافظين ، و اعتقد هذه المرة إنكم كذلك .

 و ليعلم مجلس النواب ان الشعب و الصحافة ستراقبهم و تراقب أدائهم ،و كما تعالت صيحات خالد محادين في مقالته الشهيرة _مشان الله يا عبدلله_ فسيظهر الكثير الكثير من أمثال محادين، و سيطالبون برحيلكم ان انتم قصرتم، فلا تعيدوا نفس الأخطاء ، و لا تتناسوا أنكم انتخبتم لخدمة الشعب و ليس لتغتنوا على حساب الشعب ،و ان سيد البلاد يراقبكم و يستمع لشعبه ان هو غضب منكم ، و فوق ذلك تذكروا أنكم تحملون أمانة بأعناقكم و تذكروا يوما تقفون فيه بين يدي سيد العباد .

لقد نجحت الحكومة ولكن يبقى هناك ما يجب عليها ان تكمله.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد