صحيفة السوسنة الأردنية

 

وفي يوم من الايام ...وقف جرذ ذهبي اللون ...وحوله جرذان بالوان مختلفة وكلها تحمل ذات الجراب وتلك الرائحة النتنة ....وكان في سماء حديقتنا عدد من الجراد يتطاير هنا وهناك ياكل كل اخضر ويابس ....والغريب ان هذه الجرذان وتلك المجموعة من الجراد استطاعت ان تسيطر على كلاب الحراسة في جوانب حديقتنا واصبحت تحرسهم هم لا ساكني حديقتنا ...صمت عم المكان ...نعق الجرذ بصوت الغراب وقال : بأسم حديقتنا نعلن عن خصخصة مقدرات الحديقة ...والكل همس خصخصة ...ماذا تعني ؟ ...وكيف هي الخصخصة ؟.... كل شي في حديقتنا برسم البيع التعليم ...واعضاء الاطفال ...وجدايل الصبايا برسم البيع ورصيف الطرقات ...وظل الاشجار ..ونور شمس حديقتنا برسم البيع وسماء ..وبحر ..ونهر..ومياه..وسحب...وهواء حديقتنا برسم البيع الكلام والكلمات ...وسارية العلم ...ونشيد حديقتنا برسم البيع وبسمة الاطفال وحليبهم ...وقلب الامهات وحنانهم برسم البيع ودم الشهداء ...ورفات الاجداد ..وكل المقابر برسم البيع وهتف كل من حولة من جراد وغربان وكلاب حراسه بصوت نشاز :نعلن بداية الخصخصة لكل حديقتنا ....فكل شي ضمن سور حديقتنا برسم البيع .... آه...آه ...كل شي اصبح مباح ...كل حديقتنا برسم البيع النهر والبحر والسهل والجبل والغور كله برسم البيع صرخنا ...نادينا...فلم نجد من يسمعنا ...وجوه غريبة في حديقتنا ... فكل الوجوة تبدلت ...وكل المشاعر استبيحت ...وكل ما تبقى من كرامة تبخرت ...وكل ما نملك لم نعد نملكة فالخصخصة اكلت الاخضر واليابس في حديقتنا ... كل المآذن ...واجراس الكنائس ...وحاكورة جدي وبيتة العتيق ...وشجرة الزيتون والتين والعنب وزهرة الدحنون وقلعة صلاح الدين في حديقتنا برسم البيع ... الكل بأسم حديقتنا يعلن الولاء ...والوطنية ...ويتشدق بأنه يملك الهوية والحرية ... لم يبق شي في حديقتنا نبكي او نحرص عليه ...هي حالة من الخصي الفكري المقصود بأسم حديقتنا وباسم الخصخصة ...اصمت ..لا تتكلم ...لا تفكر ..لا تحلل ...اكل ونام يكفيك نعمة الامان ....في حديقتنا كل شي برسم البيع .....عابر سبيل ...