مــا يثيـر حنقــي وغضـبي , وتشـمئــز منه نفســي , عندمــا يقــع على مسـمعي أن هنــاك شــجار قــد وقــع بين فئتيـــن من الشــباب , كل فئـــة تمثــل عشــيرة من عشـائـر أردنـنـا العـزيــز , وذلــك في أي جــامعــة من جامعاتنــا التي تقــع علــى إمتــداد الأرض الأردنيــــة.
ولا أنتظــر من أحــد كــي يخـفـف عني وطــأة الحــدث , لأنــه مهمـا سـيق لي من مبــررات لن تقنــع نفسـي ’ ولن تهــدأ بالــي لأن من وقــع بينهم الشـجــار ليسـوا أشـخاصــا عـادييــــن أو في مواقـع قـد يحــدث بينهم إحتكــاك طبيعـي بقصــد أو بــدون قصــد يؤدي الى شــجار في حينـــه , ولا يمتــد أو يتجــدد في الأيــام الأخــرى القادمــة يكــون مبيتــا ومحضــرا لــه , إنتقــاما من الشـجار الأول .
إن طــلاب الجامعــة من المفترض أن يكونوا القــدوة الحســنة ’ والمثــل الأعلى لباقي طبقــات وفئــات المجتمع , لأنهم الطبقة المثـقفــة التي وصلت إلى ما هي عليــه بعد جهــد وســهر , وعنــاء وثمن باهظ دفعه الأهــل , كي يصل أبنائهــم الى هذه المرحلــة, والأمــل يـراودهــم أن الوقت قد إقتــرب أو حان لأبنائهــم ليتبـــوأ كل منهم منصــبا أو عمـلا مرموقا يفتخــر بــه ,ويحســن من أوضاعهــم الماديــة ومســتواهــم الإجتماعــي .
إن الجامعــة هي مكــان العلـــم والتأهيــل , وليس مكانــا لتصفيـــة الحســابات أو الـتنفــيس عن الإحتقانــات التي قــد تصـيب بعض الفئــات في المجتمع مهما كانت الأســباب والدوافــع , فكيــف لمكـــان مثل الجامعـة يخـرج رجال الدولــة والأوفيــاء على مقدراتهــا والمؤتمنــون على خيـراتهـا والذيــن سـتلقـى المسـؤوليـة على عاتقهــم , يكــون من بين طــلابــه مــن لم يتحملوا بعضهــم بعضــا في فترة قصيــرة لأتفــه الأســباب, سـيتحملون الناس في سـنواتهم القادمــة الطويلــة , والحقــد قد ملأ قلوبهــم والوفــاء والإيثــار بعيــديــن عنــه بعــدا لا يمكن وصولهــم اليــــه , ولا هــم يسـعـــون إليـــه.
ولــو أن الســنوات الماضيــة كان يحــدث في الجامعــات ما يحــدث الآن من شــجار بين الطلاب , لقلنــا أن الفســاد وفرق الفاســديــن الكثيـريــن الحالييـــن كان ســببه ذلك الشــجار والعـلاقة السـيئــة بيـن الكثيــر من الطلاب في الجامعـــة, ولكــن الذي يحــدث الآن هــو جــديــد على مجتمعنــا ولم يكــن معــروفا , ويحــدث بيــن طــلاب من طبقــات ومستويـــات واحــدة , وهـم الطبقــة الشـعبيــة البسـيطــة , والذي يسـتـغرب لــه ويثيــر علامــات التعجــب والاسـتهجـــان .
كلـي أمـل وثقــة بأن الخيـريـن في هذا البلــد , وهــم كثـــر , أن ينهضــوا مـع الشـيوخ ورجـال الفكـر والإصـلاح , ويبـادروا الى فـض الإشـتبـاك بيـن الأخـوة , ويعملـوا من أجـل إصـلاح البيــن , وأن لا يتوقـف الأمـر عنـد هـذا الحـد , بل أن يخـرجـوا بمبادرات وخطط تطبـق على الواقع وليس نظريــة تحفـظ بعد ذلك في الأدراج , ويكـون هنــاك خـطـة للتثقـيف والتوعيــة يشـارك فيها الكثيــر من هيئــات ومؤسـسـات الوطــن الإعلاميــة والصحفيــة والإجتماعيــة , لوضـع حــد لهــذه الأمــور التي أصبحــت تـزعـج كل بيــت , ويجعـل الأهـل متردديــن وغيـر مستعجليــن لإرسـال إبنائهــم الى الجامعـة ، كـي يصـاب بطلقــة أو ضـربــة طائشــة.
إن المسـؤوليــة الأولـى تقع على كاهـل الأهــل والعائلــة عمومــا ، التي تبـادر الى الفزعـة والركـض خلـف أبنائهــم في المشاجـرات ، دون أن تعـرف وتستـقصـي عن الحقائــق أولا ، وتصلــح إبـنهــم أولا ان كان مخطئــا ، وتأخـذ بيــده إن كان علـى حــق بأن تهــدأ من ثـورتـه وغضبــه وتبيـن لـه أن غريمــه والذي يـود الإقتتــال معــه هـو أخ لــه أو جــار ، وأن لم يكــن من هــؤلاء فهــو إبــن الوطــن ، الذي قــد يكــون يومــا زميلــه في العمــل ، أو قــد يقـف أمــامه ليطلـب منــه خــدمــة لــه أو لحيـــــــه .
ان الوطـن عزيـز والفتنـة أشـد من القتــل ، في رقبتــا ديــن لــه ، علينــا أن نحميــه ونحافظ عليــه وعلى ممتلكاتـــه ، وأن ننتهــي من هــذ القضيــة السـيئــة التي تــؤرق كل المواطنيــن ’ وأصبحــت وصمــة عـار في جبيــن العلــم والجامعــات الأردنيــة على وجــه الخصــوص .
مواجهات حاسمة تحدد آخر بطاقات التأهل الآسيوي
