( حصري بالسوسنة ) : معارك برلمانية الحلقة 33 - بقلم د. احمد عويدي العبادي
ومن الأمثلة وليس التفصيل على محاربة كل من يتعامل معي , نضرب الأمثلة التالية وان كان العدد الحقيقي لا يحصره الذكر هنا . فقد كان من أوائل الذين تم استدعاؤهم شباب من أخوالي الزيادات / عباد لأنهم شاركوا في تنظيم الاجتماع، وترتيب حضور العديد من أخوالي من عيرا، ومن هؤلاء الذين تم استدعائهم والتحقيق معهم:
1- أبو علي الخراربة ألعبادي لأنه مشارك متبرعاً بالسرادق والبيوت والكراسي مجاناً.كان جوابه ورد فعله رجوليا وشجاعا ومشرفا , وتم استدعاؤه عدة مرات ، لكنهم فوجئوا بشجاعته ورفضه لأوامرهم وتوجيهاتهم . وانه نكاية بهم قد كرر إرسال وبناء السرادق والبيوت لمهرجانات سياسية أخرى صارت في الموقع نفسه بدعوة مني .
3- زعل عبد الحليم الطواهية شقيق زوجتي أم البشر، وكان من مرتب المخابرات , لأنه زار والدتي (رحمها الله) وهي عمته شقيقة والده (ذلك أن زوجي هي ابنة خالي) وكانت ( أي أمي رحمها الله ) أصيبت بجلطة نتيجة الخوف علي، وأدخلناها المدينة فحضر زعل لزيارة عمته (والدتي) , وألتقيته وكان ليس لديه سيارة , فأوصلته إلى بيته في عيرا، وخلال أيام تم ترميجه من المخابرات حيث كان برتبة وكيل أو وكيل أول، لأنه زار أم أحمد العويدي – أي لأنه زار عمّته شقيقة والده ، لأنه يعرف ابن عمته زوج شقيقته؟؟؟!
4- المرحوم عبد الرحمن مفلح العليان العلاوين، حيث تم اعتقاله وتهديده بالطرد من وظيفته، لكنه رفض مبدأ التهديد والوعيد.وكان رجلا شجاعا يفكر بصوت مرتفع .
5- محمد علي السعد الطواهية حيث تم توقيفه وتحويله إلى محكمة أمن الدولة بتهمة الطعن بمقامات عليا ؟؟؟
6- محمد صالح عبد الطواهية استدعاءه وتوقيفه ( ابن خالي ) وكان شجاعا غير هياب , وصلب في مواقفه .
7- المحامي يوسف محمد عبد المهدي العلوان لإلقائه كلمة في المهرجان الذي سبق المحاكمة بيوم.
8- الوكيل بالأمن العام السيد يوسف موسى الرحامنة العبادي لحضوره ومجموعة من الرحامنة إلى الاجتماع الذي سبق الجلسة وتم نقله إلى معان عدة سنوات عقوبة له , حيث كان برتبة وكيل بالأمن العام وتقاعد فيما بعد برتبة رائد
10- باسم شوكت العوامرة استدعاء وتوقيف.
12- كما تم استدعاء عشرات بل مئات من شباب ألعبابيد، منهم من كتم السر بناء على تعليمات امنية ، ومنهم من أخبرني ومن هؤلاء:
13- مبارك قندح العويدي/ ابن عمي استدعاء وتوقيف عدة مرات وكان ولا زال مصنفا انه من اقرب الناس لأحمد عويدي العبادي .وتم اعتقاله في رمضان بحجة انه مهرب سلاح ويتعامل مع قوى معادية للنظام الهاشمي , والمقصود هنا د احمد العويدي
الحركة الوطنية الأردنية وتعويم الهوية الوطنية الأردنية
كان التزوير الرسمي ضدي المؤدي إلى خسارتي في الانتخابات لعام 1993 تجربة قاسية جدا يجب تجنّبها , وتجربة يجب الاستفادة منها، بل اختبار لي، كيف أتصرف في الملمات، وفهمت من تلك الرسالة (أي التزوير الانتخابي ضدي عام 1993) , أنني لست من رجال تلك المرحلة , التي لا تحتاج معارضة قوية وحجة مقنعة للناس , وهي مرحلة الاستسلام المسمى السلام , كما سبق وشرحت من قبل في هذا الكتاب .
وفهمت أيضاً ضمن الفهم العام للأمور أنني مستهدف بالتنحية، فتكون الخسارة مع السلامة أقل ضرراً من التصفية الجسدية وغيرها مع النجاح. لذا فقد رأيت أن القلم هو السلاح الأفضل والأقوى الذي يضعني على الخارطة السياسية، والوطنية،والتاريخية وأن يبقى فكري الوطني يطل على الناس من حين إلى آخر, مثلما كانت خطاباتي ومناقشاتي تطل على الناس في كل مناسبة لمثل هذا العمل السياسي .
في هذه الفترة ظهرت ( 1993- 1997) صحيفة أسبوعية جديدة تبحث عن نجومية لها في أول عدد من أعدادها، لتوسيع رقعة توزيعها في البلاد. فاتصل بي أحد محرريها، وأجرى معي مقابلة. تتناول المواضيع التي أعلنت الإدارة بالحكومة عن نيتها عملها وهي: منح الجنسية الأردنية لمئات ألاف من غير الأردنيين، وعن مذكرة الحركة الوطنية التي كانت بعنوان وثيقة المليون توقيع , والتي ترفض تعويم الجنسية الأردنية ورفض الفيدرالية والكنفدرالية، وصدرت (أي مذكرة الحركة الوطنية) في يوم الأربعاء 1/11/1995.
لقد حالف التوفيق ذلك الصحفي فيما يخص وثيقة المليون توقيع , التي تتفق مع أكثر من مليون أردني، ولكن الصدق جانبه في العنوان الثاني الذي لم يصدر عني، وهو الادعاء بضرورة مصادرة 51% من رؤوس أموال الفلسطينيين بالأردن , لأنني قلت بالمقابلة انه يجب إعادة توزيع الثروة بين الأغنياء والفقراء واقتطاع 51% من ثروة الأغنياء جميعا ( في الأردن )ووضعها في الخزينة لتكون من نصيب الفقراء جميعا ( في الأردن ) , إلا أن الصحفي اعتبر انه لا يوجد أثرياء بالأردن إلا من هم غير ذوي الأصل الأردني , ونسي وجود أغنياء أردنيين بأموال تبلغ إضعاف ما عند الطرف الآخر , والتقف الأعداء والرأسماليون هذا اللقاء وسوقوه في العالم أنني أطالب بمصادرة ثروة الفلسطينيين , وفي الحقيقة كنت مدركا أن صراعا سيجري بين الأغنياء والفقراء في بلدي ولا بد من إعادة توزيع الثروة كي لا يتحول الفقراء إلى جياع فيتحركون وينهبون ويحرقون الأخضر واليابس , ولا يتحول الأغنياء إلى ضحايا , وتغرق البلاد في الفوضى والناس بالعنف لان الفقر يذل الشعوب والجوع يحركها .
إن الذي قلته في حينه، أن هناك تباين طبقي بالأردن، يزداد صراعاً وتباعداً، ويشكل خطراً على التوازن الوطني والسياسي والاجتماعي والأمني , وبالتالي فلا مناص من إعادة توزيع الثروة على المجتمع بحيث يؤخذ 51% من أموال الرأسماليين ويتم توزيعها على الفقراء، لرتق الهوة بين الطبقات، وللحفاظ على الوطن وتوازنه وعلى الجميع، ولتجنب الفوضى والانفجار، وفقدان الثروة برمتها، وفقدان الوطن لا سمح الله.
وقد نُشِرَ هذا العنوان (المانشيت ) على ثمانية أعمدة في داخل الأردن وخارجه على تلك الصحيفة الورقية ، وكان تحريفاً لتصريحاتي، وتم رفض نشر توضيحي وردي على ذلك، في أعداد تالية خشية أن توصف الصحيفة الجديدة التي نشرت اللقاء بعدم المصداقية وكأن لسان حالها يقول: لنحرق د. أحمد عويدي العبادي لقاء توسيع انتشار الصحيفة.
إن مطلبي لم يكن موجهاً ضد فئة لصالح فئة، بل ضد الرأسمالية لصالح الفقراء، ويخطئ من يظن أن الأغنياء هم فقط غير ذوي الأصول الأردنية ، فهناك أغنياء من أهل البلاد، الذين لديهم من الأموال ما ينوء بمفاتحه العصبة أولو القوة. ولكن يبدو أن المخطط كان واضحاً لتشويه صورتي ضمن مؤامرة رسمت بليل، بل رُسمت سلفاً قبل إجراء اللقاء, وضمن مخطط ماسوني اشرنا إليه سابقا في هذا الكتاب .
أما رفضنا لمنح الجوازات وتعويم الهوية، فانه بالإضافة إلى حماية الأردن فهو أيضا رد على المخطط الصهيوني والمتصهين الذي كان ينوي تفريغ فلسطين من أهلها لصالح العدو الإسرائيلي، وبالذات تفريغ القدس من أهلها بحجة منحهم الجنسية الأردنية تحت غطاء اسمه الأخوة العربية والظروف الإنسانية والوحدة الوطنية , ولا نريد أن يقال عنا في الأردن أننا ضيعنا فلسطين وأهلها وقضيتها , ونحن أصلا متهمون بذلك رغم أن الأردنيين لا علاقة لهم بهذا الأمر أصلا , وإنما هي مسئولية الغرباء في الدولة.
وبذلك نجد أنني كنت متنبهاً لهذا المخطط على فلسطين والأردن وشعبيهما وهويتهما، مما أثار حفيظة المتآمرين الوالغين مع الصهيونية في تفريغ فلسطين من أهلها، وتحويل الأردن إلى وطن بديل. لقد فهمتهم وفهموني، ولكنهم في السلطة السياسية والإعلامية والأمنية والغون في هذا المخطط المتصهين ,مما أتاح لهم فرصة التشويه ضدي وضد فكري, وقلب الحقائق إلى باطل والباطل أنه الحق ولو كان وهما , دونما توفر أدنى فرصة لي لنشر الردّ أو التوضيح أو التفنيد. كانت معركة إعلامية واسعة وظالمة من طرف واحد فقط , لا تضبطها الأخلاق ولا المصداقية ولا الشرف والكرامة .
فقد امتنعت الصحف اليومية والأسبوعية في حينه عن نشر ردودي , ولم تكن توجد مواقع الكترونية بعد , لذا فإنني من أكثر المؤيدين الآن لوجود هذه المواقع التي ظهرت بعد عام 2007 م , ورغم أنني من أكثر المتضررين منها لأسباب كثيرة من مخزون الذاكرة وهيمنة الحكم والتحكم في كثير من الحالات والمواقع , إلا أنني استفيد أيضا ولو بشكل مجزوء من وجود هذه المواقع , وبخاصة عندما استطيع الرد على الافتراءات التي بدأت تتلاشى , والحمد لله لأنني لا اترك اتهامنا إلا وارد عليه وأفنده.
لقد عملوا على تشويه صورتي وفكري، وشخصيتي، وحاولوا القضاء عليّ، وآذوني، لكنني والحمد لله بقيت صامداً، أما هم فقد ذهبوا إلى محرقة التاريخ بين مقبور ومنبوذ. وكانت تواجههم معي مشكلة كبيرة إلا وهي عدم الاستسلام من طرفي , وعدم الرضوخ, وتطوير العبارات مع بقاء القناعات . أما هم فان وجودهم في مواقع القرار قد جعل منهم سوط الباطل على جياد الحق , وسيف البغي على رقاب المخلصين . والمشكلة انه حتى أؤلئك الذين كانوا معنا في الحركة الوطنية الأردنية قد تخلوا عن مواقفي بحجة أنني حاد أكثر من اللزوم , وان الأمر يحتاج إلى هدوء وتأني ومهادنة . وبمعنى آخر ستقوم القيامة ولا احد يعرف بنا وبقضيتنا الوطنية الأردنية بعد .
وقد كتبت بيانا بالاتفاق معهم وقررنا عدم توقيعه وان يكون صادرا عن الحركة الوطنية الأردنية كعنوان دونما توقيعات وأسماء , حول موضوع منح الجوازات الأردنية لغير الأردنيين وتعويم الهوية الأردنية , وكانت بعض الصحف تتلقف مثل هذه الأخبار لتسويق نفسها بالسبق الصحفي لمثل هذه المواضيع الجدلية , ولأنها تزيد من اتساع الهوة بيني وبين النظام وتشوه صورتي عند الأطراف غير الأردنية
كان القول بوجود حركة وطنية أردنية امرأ مرفوضا رسميا , بل ومحرما , لذا فان كل ما كان يصدر عنها يعتبر لدى الجهات الرسمية أمرا فرديا نابعا مني شخصيا ولا يرقى إلى الأمر الجماعي المنظم , لكي يقولوا للناس انه لا توجد حركة وطنية أردنية . كانت الدولة ولا زالت مستعدة أن تسمح بأي تنظيم مهما كانت درجته أو نوعيته أو خطورته أو عنوانه , المهم ألا يكون حركة وطنية أردنية بها د احمد عويدي العبادي , لان ذلك عنوان مرعب يصل إلى درجة أسلحة الدمار الشامل . لذا فقد اتفقنا على البيان التالي, والعجيب أن الصحف الأسبوعية قامت بنشره كما هو.
وكان صداه مذهلا , وتوقفت الدولة عن إعطاء التسهيلات لمنح الجواز الأردني لأهالي القدس وغزة , وانقلبت الموازين لمصلحة الأردن وفلسطين وهوية كل منهما . وتحقق جزء من الهدف وليس الهدف كله الذي كنا نصبو إليه في الحركة الوطنية الأردنية . وفيما يلي نص البيان الذي أصدرته الحركة الوطنية في حينه , حول هذا الموضوع .وقد كتبته شخصيا ووافقت عليه قيادة الحركة في حينه في لقاء في بيت رئيسها آنذاك , وكان المغفور له ملحم التل رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
وثيقة المليون توقيع
(الصادرة عن الحركة الوطنية الأردنية (1995).
صادرة عن الشعب الأردني برفض منح جوازات السفر الأردنية للأخوة الفلسطينيين ورفض والكنفدرالية والفدرالية وأية توجهات أو دعوات من هذا القبيل. الأربعاء 1/11/1995
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،
فإن الشعب الأردني قد تابع التطورات الأخيرة المتسرعة المُسْتَهْدَفَةُ هويتُهُ وكيانهُ ووجودهُ ومستقبلهُ، والمستهدفةُ لعروبةِ فلسطين وهويةِ شعبها ونضالِه وطموحاته ِالوطنية، ألا هي منح الجوازات الأردنية للأخوة الفلسطينيين وقطاع غزة، فضلاً عن الدعوة إلى إقامة كنفدرالية أو فيدرالية بين الأردن والفلسطينيين.
تلقى الأردنيون هذه القرارات باستهجان وتخوُّفٍ كبيرين , مستنكرين الإقدام عليها , لأنها قرارات مصيرية وحساسة , ومهددة للكيان الأردني والمستقبل الفلسطيني كليهما على حد سواء، بما يضر الجانبين، ويكرس الاحتلال والهيمنة الإسرائيلية، ويضعف نضال الشعب الفلسطيني، من أجل إقامة دولته المستقلة ذات السيادة على ترابه الوطني الفلسطيني، فضلاً عن أنها ضد طموحات الشعبين.
إن الشعب الأردني الذي ضحى دوماً من أجل القضايا العربية، وعلى رأسها قضية فلسطين , فسقط آلاف الشهداء من أبنائه في سبيل ذلك، ليرفض رفضاً قاطعاً لا لبس فيه، ولا مساومة، أية دعوة أو قرار أو توجّه نحو منح الجوازات للأخوة الفلسطينيين، وذلك لأن مثل هذا القرار إنما يعني تفريغ فلسطين من أهلها، وهدية مجانية للصهيونية العالمية , لإفساح المجال أمام المهاجرين اليهود , ليحلوا مكان الفلسطينيين في فلسطين العزيزة، في ذات الوقت الذي يلغي الهوية الوطنية الأردنية، لا لخدمة أي هدف عربي أو إسلامي، بل خدمة لأطماع اليهود ومخططاتهم.
كذلك يرفض الشعب الأردني رفضاً قاطعاً مشروع والكنفدرالية أو الفدرالية المطروح , أو حتى مجرد الحديث أو البحث فيه، قبل تتويج نضال الشعب الفلسطيني بإقامة دولته ذات السيادة على أرض فلسطين. وفي الختام نقول: لا لمنح الجوازات للفلسطينيين، ولا للمشاريع التي تصب في خدمة اليهود، ولا للكنفدرالية أو الفدرالية. ولا للتدخل الأردني في الشؤون الفلسطينية.
نعم للهوية الوطنية الفلسطينية، وألف نعم لعروبة فلسطين وتحريرها وصمودها أهلاً فيها وعودتهم إليها. نعم للهوية الأردنية الوطنية المستقلة، نعم لاحترام الجواز الأردني وقدسيته.
مؤكدين مرة أخرى رفض الأردنيين رفضاً قاطعاً وباتاً هذه المخططات والقرارات وأية توجهات أو دعوات من هذا القبيل مهما كانت التبريرات والتفسيرات. علماً بأن ما تدعيه استطلاعات الرأي من نتائج تغاير ذلك لا تعبر عن حقيقة ضمير الشعب الأردني وتوجهاته وتطلعاته وهي بعيدة عن الحقيقة الأردنية كل البعد.
وثيقة المليون توقيع الصادرة عن الشعب الأردني:
"برفض منح جوازات السفر الأردنية للأخوة الفلسطينيين ورفض الكنفدرالية والفدرالية وأية توجهات أو دعوات من هذا القبيل".والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 1/11/1995
انتهى بيان الحركة الوطنية الأردنية 1995
جاء هذا البيان ضمن المقابلة الصحفية معي في الصحيفة الجديدة الباحثة عن النجومية, وتضمنت المقابلة موضوع إعادة توزيع الثروة في الأردن الذي سبق وتحدثت عنه سابقا.
وهنا بدأت مدفعية الماسونية والصهيونية والمتصهينين , ومثلث الغم ودوائر الحكم والتحكم وأزلام مدير المخابرات في حينه , تقصفني بشدة وعنف، والهدف تشويه صورتي، لأن تقديمي لبيان الحركة الوطنية الأردنية، قد خرب على مثلث الغم والماسونية مخططاتهم في خدمة الصهيونية بتهجير الفلسطينيين، أو الادعاء وراء الكواليس أنهم قادرون على تحويل الأردن لمستودع بشري لكل من يترك مكانه للصهاينة . ولأن هذا البيان يأتي ضد السياسة الصهيونية والمتصهينة , في تهجير اليهود إلى فلسطين، وتهجير الفلسطينيين إلى الأردن.
وأخذت صحف في الخليج العربي ولندن والولايات المتحدة فقرات من المقابلة، وركّزت على موضوع إعادة توزيع الثروة بين الأغنياء والفقراء على أنه مطلب مني بمصادرة أموال الفلسطينيين (وهذا غير صحيح . ولم يرد بالوثيقة ولا بالمقابلة الأصلية التي قلتها للمندوب , الذي قابلني كما وضحت من قبل ), وأن رفض التهجير والترحيل الصهيوني للفلسطينيين تحت شعار الظروف الإنسانية، ومنح الجنسية الأردنية، أقول اعتبرته الدعاية المضادة لبرنامج الحركة الوطنية الأردنية , أنه صادر عني وحدي وانه لا توجد حركة إلا بالوهم ,وأنني ضد الوحدة الوطنية وضد الشعب الشقيق، وضد الإنسانية وعدو لهذه جميعها ، ولكن أحداً من الأقلام المأجورة والأصوات المذعورة، والأبواق المسعورة، والقطعان الضالة لم يذكر الحقيقة، ولم يركز على ما قصدته والحركة الوطنية الأردنية، وهو موقفي المعبر عن موقف الحركة الوطنية , في منع ورفض واستنكار تعويم الجنسية، ومنع سحب الهوية الفلسطينية تحت عنوان منح جواز السفر الأردني لكي يتنازل عن بلده للصهاينة .
كنت أدرك أن سبب إلصاق هذه التهمة الباطلة بشخصي، هو لكي لا يعرف الناس في الداخل والخارج , بوجود حركة وطنية أردنية , أو فكر وطني أردني، أو رأي وطني أردني، أو حتى وجود شعب أردني ، او هوية أردنية أو قضية أردنية , ولكي يقال أن الأردن خال من الفكر الوطني والوطنيين، والشعب والأهل والرأي والرجالات والزعامات , وأننا عبارة عن أرقام من السائمة , في مزرعة أو زرائب متعددة يمتلكها شخص واحد وحاشية وبطانة واحدة .
ومن الواضح أن ما يكمن وراء الحملة علي هو لكي يطفئوا هذا التنور الوطني الأردني وجذوة نار الرفض لتعويم هويتنا وشرعيتنا وقضيتنا , كي لا تتحول هذه إلى نار وضياء . من هنا كان الأيسر عليهم أن يكذبوا كذبة تجد طريقها إلى التصديق في الأردن فورا ضد أي شخص , بدون براهين , ألا وهي قولهم بهتانا وزورا أنني عدو للفلسطينيين، وأنا لم أقل شيئاً ضدّهم، وإنما دافعة عن هويتي وشرعيتي الوطنية الأردنية , وهذا من حقي ومن الحق والواجب علي في الآن نفسه , ولم تذكر أية صحيفة داخلية أو مندوب لصحيفة خارجية كلمة الحركة الوطنية الأردنية رغم صدور البيان باسم الحركة والتي لم تستنكره أبدا إلى يومنا هذا , ولكن التهجم والهجوم كان ضدي كشخص وليس كحركة, مع التركيز على أنني طالبت بمصادرة المال الفلسطيني , للأسف الشديد , لأنهم لا يريدون إظهار وجوده أي حركة أردنية ولا حتى إظهار أن الشعب الأردني شعب يمكن أن ينتظم لان التنظيم محرم علينا عند النظام ودوائره مهما كان نوعه أو هدفه ... كان من الواضح أن دوائر الحكم والتحكم لعبت دورا كبيرا في الحرب ضدي لان البيان ضدهم وضد سياستهم في ضياع الأردن وأهله وهويته .
لذا اقتصر حديثهم عن شخص اسمه احمد عويدي العبادي وانه ضد ما يسمى بالوحدة الوطنية وعدو للفلسطينيين ومطالب بمصادرة أموالهم , ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .. إنها سياسة مدبّرة بوضوح , صدقها الناس جميعا للأسف الشديد ..وقد هاجمني الملك واستمر في مهاجمتي على أنني عدو للوحدة الوطنية الأردنية , وكان آخر خطاب له ضدي في كلية القيادة والأركان قبل سفره للعلاج في مايو كلينك تلك السفرة التي كانت هي النهاية .
وفي خضم التهجم الرسمي والإعلامي والسياسي والأمني والشللي ومجالس اللغو السياسي المسماة مجالس النخب , وجميع قطعان الإفك وأسراب الضلال , أقول في خضم هجومهم عليّ، لم يكن مسموحا لي نشر رأيي وبيان الحقيقة التي تجعلني رجلا وطنيا وأنا كذلك , وليس رجلا ضد الوطن والوطنية بسبب التعليمات الخفية من دائرتي الحكم والتحكم بذلك , وجدت أن أقوم بالرد بعنف ضد من هاجموني، ولم يبق فاجر أو مذعور أو مسعور إلا وامتشق قلمه للتهجم علي ضمن سياسة رسمية سياسية وأمنية بتوجيه واضح من النظام , ومدبرة لتشويه صورتي وفكري ووطنيتي , ولكن الأعداء والمطايا لم يستطيعوا الصمود أمامي على المدى البعيد لأنني صاحب نفس طويل وطويل جدا كالحصان الأصيل في حلبة السباق ,وأما هم فنفسهم كنفس البغال في هذا الميدان وشتان بين الأصائل والبغال فالأولى للفروسية , وأما الثانية فهي لحمل الأثقال .
وصار التباهي ببناء عمان وان من بناها ليس أردنيا ولم يوجد ولو رأي واحد ينسب فضل بناءها وأعمارها للأردنيين وإنما للوافدين فقط , وكأن البلاد بلا أهل وكأننا غير موجودين في بلادنا منذ عهود التاريخ الغابرة, وأننا عليها غرباء، وهي علينا غريبة , وآراء لا تراعي مشاعرنا وحرمتنا الوطنية، لتجعلنا شعباً لا يعرف الحضارة، ولا يتقن بناءها، ولا الحفاظ عليها.بل وشعب لا تعرفه الحضارة ولا تتعرف عليه .
ولكنني كنت أرد بطريقة لا تخطر لهم على بال, وإنما تخلط أوراقهم, وتستدرجهم إلى ميادين للمعارك لا يعرفونها ولا خبرة لهم فيها.ومن جملة ذلك مقال لي في غاية الأهمية أقام الدنيا ولم يقعدها ولا زال الآلاف يحتفظون بنسخة عنه , نشرته في صحيفة أخرى , وهي البلاد الأسبوعية بعنوان: ( عمان مدينة ساقطة استراتيجياً )، بعد أن توالي المقالات المشار إليها أعلاه التي تتباهى بعمان وبناء عمان وازدهارها بأيدي غير أردنية , وانه ليس للأردنيين أي دور في بنائها وحمايتها .
فكتبت مقالاً أقول لهؤلاء الذين نسوا دورنا في البناء والأمن. إن عمان مدينة ساقطة استراتيجياً، وإن ماءها وغذاءها وطاقتها تأتي من أرض العشائر، أو يمر عبر أراضي العشائر،وبالتالي فإن أي حصار أو قطع لهذه الإمدادات أياماً معدودات سيؤدي إلى سقوط عمان ... إذن فلماذا التباهي بمدينة هذه صفتها وهي ساقطة استراتيجيا ؟ . ذلك أن استمرارها يأتي ضمن حماية العشائر لها أصلا ، وعدم قطعهم لهذه الإمدادات. (المقالات منشورة في الجزء الثالث من هذا الكتاب / انظر التفاصيل هناك لطفاً) .
واستعرت الحملة المسعورة الرسمية والأمنية ضدي في الإعلام . وهنا اجتمعنا نحن قيادة الحركة الوطنية برئاسة المغفور له الأستاذ الوطني المحامي ملحم وهبي يوسف التل رحمه الله واسكنه فسيح جناته , وكان الاجتماع في شقته بجبل عمان الدوار الرابع , وتداولنا الأمر، وقرأنا بدقة ما كنت كتبته وقلته, سواء من خلال المقابلة الصحفية أو المقالات, وما تم نشره افتراء، وتفهمنا المخططات التي تهدف إلى التعمية على رسم وصورة وفكر الحركة الوطنية الأردنية والهدف من إيهام الناس أنها غير موجودة , ووجدنا فكر الحركة وما قلته في المقابلة والمقالات يصب فيما يلي:
1- حب الأردن أرضا وشعبا , والإخلاص له ولهويته وشرعيته وقضيته .
2- التركيز على الهوية الفلسطينية بدلاً عن الابتلاع من قبل إسرائيل، أو الإجراءات الرسمية بالأردن.
3- رفض الوطن البديل والتهجير والتوطين، ورفض التجنيس لخطورته على الشعبين والهويتين .
4- إن هذه الحملة مرتبة من وراء الكواليس من قبل دوائر الحكم والتحكم والمهمات , والماسونية العالمية ومثلث الغم وسائر أعداء الأردنيين، ومن يريدون إيجاد زفة لهم يرقصون فيها وعليها خمسين عاماً أخر , على حساب البلدين والشعبين والهويتين. وبناء عليه أصدرنا (في الحركة الوطنية الأردنية) البيان التالي ردّاً على حملة التشوية المسعورة , وهو البيان الذي كتبه الأستاذ ملحم التل بحضورنا وموافقتنا .
بسم الله الرحمن الرحيم
بيان من الحركة الوطنية الأردنية
حول العلاقة الأردنية الفلسطينية (8/8/ 1996)
إن الحركة الوطنية الأردنية , وقد تابعت بكل اهتمام دقيق ما أثارته وسائل الإعلام في الداخل والخارج , حول العلاقة الأردنية الفلسطينية، وردود الفعل حول ما كتبه أحد رموز الحركة الدكتور أحمد عويدي العبادي، والقضية المقامة ضده في المحاكم الأردنية، لتؤكد ثقتها بالقضاء الأردني والقضاة، والمحاكم، وبنزاهتهم وعدالتهم التي نفخر بها كواحدة من إنجازات الحرية والديمقراطية والوطنية. وأن الحركة لم تقلق من هذه الضجة الإعلامية، لأن القول الفصل في نهاية المطاف هو للقضاء العادل، وليس للهذيان السياسي المنبثق عن هواجس المجموعات والصالونات، التي تحاول إخفاء وطمس الحقائق أطول فترة ممكنة لتمرير مؤامرتي النظام البديل والوطن البديل.
لقد أحدثت الهجرات الفلسطينية إلى الأردن ما أحدثته، مما أدى إلى ألم حقيقي يشعر به الأردنيون الذين حاولوا كتم آلامهم وغضبهم بصبر عقلاني، وبعز وشهامة , عن العرب وبخاصة عن أشقائهم الفلسطينيين، وذلك منذ عام 1948 . لقد ضحى الأردنيون من أجل قضية واحدة، بما ليس له مثيلاً في التاريخ العربي والإسلامي. ولكن يبدو أن المسيرة السياسية قد جنحت كثيراً عن الطريق الوطني، إلى درجة أصبحت الموازين توشك على الانقلاب في غير صالح الأردن والأردنيين.
فهذا البلد (أي الأردن)، وبمعايير النمو الاقتصادي، يتراجع إلى الوراء، وإن كان هناك بعض الأفراد يتقدمون، فالأردن بدأ يأكل من لحمه الحي، ويستهلك من رأسماله، ولم يضف شيئاً إليه على الإطلاق، وكل ذلك من أجل خدمة هذه الكثافة الفلسطينية الهائلة المجتمعة في عمان والزرقاء والمخيمات , وعلى حساب القرى والريف والبادية الأردنية , مما حدا بالحركة الوطنية وقواعدها الشعبية، أن يهبوا في محاولة جادة وبعيدة عن روح التعصب والإقليمية والعنف , لكبح جماح هذا التدهور الخطير الذي سببته تلك الهجرات والمتغيرات والأضرار. وبخاصة أن رياح التغيير بدأت تهب على كل شعوب المنطقة , ومنها الشعب الأردني بالذات، محملة بنفحات الحرية، تنعشها وتغذيها حقائق الأوضاع العامة، وفيض المعلومات وشلالاتها المتدفّقة، فدقت ناقوس الخطر المحدق بالأردن والأردنيين , وكشفت عمق معاناتهم من أجل لقمة العيش والوظيفة والمقعد الجامعي...
إن تغييرات كبيرة في المفهوم الاستراتيجي الأردني للوحدة الوطنية، والعلاقة القومية، قد تبلورت ونضجت منذ عام 1947، حيث اعترفت القيادات العربية في مدينة الرباط، بأن منظمة التحرير الفلسطينية، هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني حيثما وُجِدَ وحل، وكذلك بعد قرار الأردنيين بفك الارتباط مع الفلسطينيين في عام 1988، الذي أعطى الاستقلالية الكاملة للقرار الفلسطيني ومسؤوليته عن شعبه في الشتات، بما فيهم الفلسطينيين الموجودين في الأردن منذ عام 1948، وقد برز ذلك بوضوح تام في معاهدات السلام مع إسرائيل.
إن الوحدة الوطنية هي الشعور المقدس الذي يجمع أبناء الشعب الواحد في التزام حقيقي ومستمر، للدفاع عن شؤون الوطن أيام الحرب والسلام، ليبقى عزيزاً كريماً قويًا نقياً لأبنائه وإلى الأبد. وقد تجلت قوة وفعالية هذه الوحدة بالتجذرات الأردنية العميقة بالالتفاف حول قيادة آل البيت في أكثر من مناسبة وحدث , وبخاصة التصدي المشترك للاعتداءات التي تعرض لها الأردن في عام 1970 وكذلك في هبة نيسان المجيدة عام 1989.
أما العلاقة الأردنية الفلسطينية، فهي علاقة قومية، كعلاقة اللبناني بالسوداني، والعراقي بالكويتي: لها منا كل مؤازرة واحترام ما دامت تلتزم بالقوانين والأعراف الدولية، ومنبثقة عن مفهوم القواعد العربية الأصلية في الحقوق الاجتماعية والسياسية السيادية لكل شعب بذاتيته.
أما الخلط بين أوراق الشعبين الأردني والفلسطيني من أجل إغلاق ملف وفتح ملف أخر بدلاً منه، لينشغل به، ويتسلى على مآسي أهله السياسيون والمغامرون مدة خمسين عاماً أخرى، فهو أمر مرفوض لأنه في غاية الخطورة، سنتصدى له، فالأردن ليس وطناً بديلاً للفلسطينيين أو غيرهم، ومن الواجب على العرب والمسلمين في هذه المرحلة المصيرية أن يقفوا إلى جانب الأردنيين والفلسطينيين , بمشاركة فعلية لحل هذه القضية، وإنهاء هذه المظالم والظلمات، وذلك بتقاسم الحمولة الزائدة من سكان الأردن، وهكذا يتحاشون موت أمة.
فالأردنيون يؤمنون بأن الأردن للأردنيين أولاً، ثم سيبقى ثانياً لأمته العربية والإسلامية إذا بقي متسع من الأرض أو الإمكانات أو حتى شربة ماء أو لقمة العيش. أنه إيمان يوازي ويماثل إيمان السوري، والمصري، والفلسطيني، والسعودي، والجزائري... ببلدانهم وعروبتهم، ولكن الفارق الوحيد، أن ذلك المفهوم قد تأخر تفعيله في الأردن 22 عاماً ولأسباب إنسانية وقومية، فالأردنيون قد منحوا الفلسطينيين الفرصة الكافية لترتيب بيتهم هناك، ثم العودة إليه بسلام.
الحركة الوطنية الأردنية 8./8/1996 انتهى البيان//
وللحديث بقية في الحلقة 34 إن شاء الله