تغيير قواعد ( اللعبة !!) .. الاسْتمراء!

 تغيير قواعد ( اللعبة !!)  ..  الاسْتمراء!

05-09-2012 05:44 PM

إنّ الحمدَ لله تعالى ، نحمدُه ونستعينه ونستغفرُه ، ونعوذُ بالله من شُرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضلل فلا هاديَ له ، وأشهد أنْ لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسوُله . 
 
أما بعد .. 
 
فقد روى ابن جرير بسنده عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه - قال :  إن أجمع آية في القرآن في سورة النحل { إن الله يأمر بالعدل والإحسان} الآية 
 
وفي كلِّ شيء .. في العبادات ، والمعاملات ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والأقوال ، والخصومات ... 
 
قال الإمام الشنقيطي – رحمه الله - في « أضواء البيان » : 
 
 ومن الآيات التي أمر فيها بالعدل قولُه تعالى : { ولا يجْرمنَّكم شنآنُ قومٍ على ألّا تعْدلوا اعْدلوا هو أقربُ للتقوى } ، وقوله : { إنَّ الله يأمرُكُم أن تُؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حَكمتم بين النَّاس أنْ تَحكموا بالعدْل إنَّ الله نعمَّا يَعِظكم به } 
 
ومن الآيات التي أمر فيها بالإحسان قوله تعالى : { ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحْسِنوا إن الله يحبُّ المحسنين } ، وقوله : { وبالوالدين إحسانًا } ، وقوله : { وأحسنْ كما أحسنَ الله إليك ولا تبْغِ الفسادَ في الأرض } ، وقوله : { وقولوا للناس حُسْنًا }، وقوله : { ما على المُحسنين من سَبيل }  
 
إلى أن قال :  فإذا عرفت هذا ، فاعلم أن العدل في اللغة : القسط والإنصاف ، وعدم الجور ؛ وأصله التوسط بين المرتبتين ; أي : الإفراط والتفريط ؛ فمن جانب الإفراط والتفريط فقد عدل  . 
 
ومن تتبع تاريخ الإسلام ؛ وجد أكثر الفتن التي حصلت للمسلمين إنما كانت بسبب إهمال هذا الأصل العظيم ، وجنوح جماعات إلى الغلوِّ ، والاستطالة ، والظلم في ( سياستهم ) عند النوازل والمُحدثات ، ومطالباتهم للإصلاحات !! 
 
ولنا ( في قصصهم عبرةٌ }
 
قال ابن كثير – رحمه الله تعالى – في « البداية والنهاية » : 
 
 ذكر ابن جرير : أنّ عثمان استدعى الأشترَّ النَخَعيَّ – ووضعت لعثمان وسادة في كوَّة من داره - ؛ فأشرف على النَّاس ؛ فقال له عثمان : يا أشتر ماذا يريدون ؟ 
 
فقال : إنهم يريدون منك : إما أن تعزل نفسك عن الإمرة ! ، وإما أن تَقِيدَ من نفسك من قد ضربتَه ، أو جلدتَه ، أو حبستَه !! ، وإما أم يقتلوك ! 
 
وفي رواية : أنهم طلبوا منه أن يعزل ( نوَّابه ) عن الأمصار ، ويولي عليها من يريدون هم ! 
 
وإن لم يعزل نفسه : أن يسلِّم لهم مروان بن الحكم ؛ فيعاقبوه .. 
 
فخشي عثمان – إن سلَّمه إليهم – أن يقتلوه ؛ فيكون سبباً في قتل امرئ مسلم ؛ وما فعل من الأمر ما يستحقُّ بسببه القتل .. 
 
واعتذر عن الاقتصاص مما قالوا بأنَّه [ مروان بن الحكم ] رجلٌ ضعيف البدن ، كبير السِّن . 
 
وأما ما سألوه من خلع نفسه ؛ فإنّه لا يفعل ، ولا ينزعُ قميصاً قمَّصه اللهُ إياه ، ويتركُ امَّة محمد ( يعدو بعضُها على بعض ! ) ! 
 
وقال لهم فيما قال : وأيُّ شيءٍ إليَّ من الأمر إن كنت كلَّما كرهتم أميراً عزلتُه ، وكلّما رضيتم عنه ولَّيتُه ؟ ! 
 
وقال : والله ؛ لئن قتلتموني لا تحابُّوا بعدي أبداً ، ولا تصلُّوا – جميعاً – أبداً ، ولا تقاتلوا بعدي عدوَّاً – جميعاً – أبداً  ا هـ بتصرف يسير جداً . 
فكان ما كان .. 
 
ومثلُه الآن .. دون نقصان !!
 
قال شيخُنا العلامة الحلبي – حفظه الله تعالى – في « الدعوة السَّلفيَّة الهادية » - وقد ذكر هذه القصَّةَ - : 
 
ونسمعُ – اليوم – بعضَ رؤوس الأحزاب – حينما ( يفاوضون ! ) زعماءَ دولهم ، أو ( يشترطون ! ) على حكومات بلادهم ! - : كأنهم أصحاب إمبراطوريات عظمى ؛ بيدهم الأمرُ - كلُّه - ؛ غروراً واغتراراً ، وتيهاً وبَأْواً [ فخْراً ] ، وتوعُّداً ووعيداً !! 
 
بل قد انعكست هذه النفسيَّةُ ( ! ) على ( مظاهراتهم ) ، و ( اعتصاماتهم ) ؛ فصارت - أشبه ما تكون – بعرض القوَّة ! واستعراض العضلات !!  ا هـ
 
وشيخُنا – حفظه الله – قال هذا في رسالته التي صَدرَت قبل عدَّة أشهر ؛ وقد جعل رأسَ عنوانها قولَ الله – عزَّ وجل - : { فستذكرون ما أقول لكم .. } . 
 
واليوم – إذ أذكرُ هذا الكلام والبيان – لأخاطب العقلاءَ من القوم ،و ( الإخوانَ ) .. 
 
ألا ترَوْن الأمورَ إلى أيِّ منحىً تسير ؟ وكيف الأخبارُ إلى ( الفضائيات المذمومة .. ) تطير !؟ ، و كيف – بعد ( التزيين ! ) و التزييف ! – تصير ؟! 
 
ألا تَتَروُّون ، وتتفكَّرون ، وتنظرون – ولو بعين العقل لا النقل – إلى ما آلت إليه ( الأحداثُ ) في بلاد ( المسلمين ) : من سَفْكِ دماءٍ - ولا تستهينوا !! - ، و فتنٍ عمياء – ولا تستهزئوا !! - ، و دواهٍ دهماء – ولا تستهتروا - !! 
 
ولا يستهجن أحدُكم هذا القول ؛ فإنهم – من قبْلُ – استهجنوا و ( استعجلوا !) ، وقد بدت الأمورُ – عندهم ! - صِغاراً ؛ ثمَّ صارت ناراً ، ودماراً ، وانهياراً .. 
 
إنَّ سياسة ( الاستقواء بالدَّهماء ) لهي سياسةٌ هوجاء ! ، لن تجرَّ إلا الخرابَ والبلاء ، وإلا الدمار والمُلمَّات ، وضياعَ الأمن والانفلات .. 
 
فالأمر المؤسفُ ؛- الذي يراه العاقل المُنصفُ - :استعمالُ المسيرات ، والمظاهرات التي لا تخلو من ( الغلط والخَلْط ! ) ، واستغلالُ ( التنازلات ! ) و ( الضغط تلو الضغط ) ، .. 
 
فإذا استمرت ( التنازلات ) من الدّولة لتَجَنُّب الأمَرِّ !! ؛ ( استمرؤوا ) الأمْرَ ..!! 
 
« وليس من شكٍّ - عند كلِّ ذي نظر – أنّ مثل هذه الفعائل ، والصنائع .. ستؤولُ – وليس بعيداً !! – إلى ضعف هيبة الدَّولة – أيِّ دولة - ؛ مما سيكون سبباً قوياً مباشراً لذهاب أسباب الأمن ، وتزلزل قِوام المجتمع ، وتغْييب الطُّمأنينة والاستقرار .. » ( الدّعوة السَّلفية الهادية ) 
 
أنشد نصرُ بن سيار : 
 
أرى خلَلَ الرَّمادِ وميضَ جمْرٍ .... ويوشكُ أن يكون له ضِرامُ 
 
ولا أرى لها – بعد الله جلَّ في علاه – إلا ( العقلاء .. ) لعلَّهم يتداركون الأمرَ .. ويطفئون الجمْرَ ! 
 
{ وكان ذلك على الله يسيرا } 
 
أسألُ الله – تعالى – أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأن يجعلنا هُداةً مهتدين ؛ غير ضالين ولا مُضلّين ، و أن يوفق ولاة أمورنا لما فيه صلاح البلاد والعباد ، وان يجعل بلدنا آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين . 
 
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد