منطقة عازلة وحدود ملتهبة

mainThumb

30-03-2013 04:29 PM

الأزمة التي تم افتعالها من رئيس الوزراء في مجلس النواب بخصوص اللاجئين السوريين، لم تكن محاولة من الدولة في إيجاد حلول منطقية أو منهجية لمعالجة ما نتج من مشكلات عن هذا العدد الكبير من اللاجئين السوريين، وليس من نوايا صادقة في إشراك مجلس النواب في ذلك، لأن الحكومة لو كانت صادقة في نواياها لكانت اتخذت خطوات إجرائية عملية منذ بداية الأزمة السورية بعدم السماح بدخول هذه الأعداد الكبيرة من اللاجئين والاكتفاء بعدد محدد كما في غيرها من الدول المجاورة لسورية، حيث كانت تستطيع ذلك فليس من طرف يلزمنا بما يحدث الآن، لأن الدولة الأردنية لها قدرات محدودة في الاستيعاب استناداً إلى وضعها الاقتصادي المتهالك والمقومات اللازمة الأخرى فالماء غير متوفر لمواطنيها أصلاً حيث يُعدّ الأردن من أفقر 5 دول على مستوى العالم في الماء.

 

أما الطاقة فقد أدت إلى عجز في موازنة الدولة الأردنية تجاوز 4 مليارات في عامي 2011 و 2012، أدى إلى استفحال يدّ الحكومة في جيب المواطن وهي تشكو من عجزها، إنّ ما يقوم به د.عبدالله النسور وما يقوم به مجلس النواب الآن(المُسيطر عليه من البيروقراط والمخابرات) أو ما يتبعه من ردود أفعال، هو لتكوين رأي عام رافض للأزمة الناتجة عن هذا الكم من اللاجئين السوريين والدفع باتجاه اتخاذ إجراءات وقرارات مدعومة شعبياً(ونذكر هنا عملية تسيير مسيرات واحتجاجات ضد تواجد اللاجئين السوريين) للتدخل في الملف السوري وإسقاط نظام الأسد، وهذا يتطلب تأمين الداخل الأردني بأن يكون خالياً من أي اضطراب وبالتالي السعي الحثيث لإنهاء الحراك الشعبي، فما حدث في الأسابيع الماضية وخاصة في مدينة إربد هي محاولات من النظام لضرب الحراك وإنهائه وبوسائل أصبحت تُنذر بنتائج عكسية خطيرة قد تولد عنفاً ومواجهات دموية مع الأجهزة الأمنية وجماعات الموالاة(البلطجية والشبيحة).

 

النظام الأردني وفي كل أركانه وفي مقدمته المنظومة البيروقراطية والتي تصدرت مشهد القرار السيادي طيلة عقود بالتوارث والتقادم، وهي المتهمة بشكل مباشر بمسؤوليتها عما آلت إليه الدولة الأردنية من أوضاع متردية في جميع نواحي الحياة _هذا النظام يقوم بدور وظيفي في المنطقة لخدمة المصالح الأمريكية والصهيونية_ ولأجل تأمين المسببات للتدخل في الملف السوري وبشكل مباشر من أمريكا وإسرائيل ومعسكرهم، كان لا بُدّ من خطوات إجرائية من طرف الأردن وفي مقدمتها استقبال اللاجئين السوريين وبأعداد كبيرة تدور حولها الكثير من علامات الاستفهام فهؤلاء اللاجئون معظمهم قادم من الجنوب السوري المُستهدف بإنشاء المنطقة العازلة، حيث تقوم قوات حرس الحدود ميدانياً بتأمين طرق العبور والذي يرافقه مهاجمة نقاط حرس الجيش النظامي السوري، ويترافق مع ذلك تقديم الخدمات الإستخبارية الميدانية للجيش الحرّ وإدخال السلاح والمقاتلين بعد تدريبهم لهذه الغاية، وبالتالي، فرض الأمرّ الواقع من الوصول إلى الحالة المنتظرة، منطقة خالية من أي شكل من أشكال الإدارة المدنية والعسكرية للنظام السوري فيتبعها إظهار التخوف الكبير من هذه الحالة لاتخاذ الإجراء والقرار بالتدخل والسيطرة على الجنوب السوري بذرائع كثيرة من بينها انتشار الفوضى والعنف والتهريب، والحالة الإنسانية واللاجئين، وتأمين الحدود من أي عمل إرهابي(خطر الجماعات المسلحة_القاعدة والنصيرية)، والأسلحة الكيماوية، في حين أن الهدف من هذه المنطقة هو التدخل بشكل مباشر في حسم المعركة مع الجيش النظامي السوري، فهي نقطة انطلاق مثالية لأية عمليات عسكرية وخاصة قربها من العاصمة "دمشق" التي ستكون فيها المعركة الفاصلة وإنهاء النظام السوري عسكرياً وسياسياً، وهذا لم يتوفر من أي جوار آخر(تركيا ولبنان)، أما المعارك التي دارت وتدور في جميع الأراضي السورية الداخلية، لم تستطع تكوين منطقة انطلاق لعمليات عسكرية يكون لأمريكا ومعسكرها أي دور فيها أو قادرة على هزيمة الجيش النظامي السوري وبالتالي انهيار نظام الأسد.

 

زيارة أوباما إلى الأردن وإعلانه أن أمن الأردن خط أحمرّ لم تكن من فراغ أو ترف سياسي أو عسكري، وإنما هو السيناريو المتفق عليه الذي يتطلب هذا الموقف ليكون من الأسباب في تواجد قوات أمريكية وغربية وإسرائيلية كشركاء في تأمين الجنوب السوري، أما روسيا فإنها تعرف أن النظام السوري غير قادر على الاستمرار والصمود وما تعلمه أكثر أنها غير قادرة على الاستمرار في دعمه إلى مالا نهاية، ولذلك نجدها في تصريحاتها بين الفترة والأخرى لا تتطرق إلى بقاء الأسد في الحل السياسي، وما تسعى له روسيا في حقيقتها هو تأمين مصالحها في المنطقة سواء في الوجود العسكري أو المنفعة الاقتصادية وفي مقدمتها منع مدّ أنبوب الغاز القطري إلى أوروبا من خلال سورية _والذي تسبب في الموقف المعادي من قطر ضد بشار الأسد_ ونعلم أن أكثر من 60% من حاجة أوروبا من الغاز الطبيعي تستورده من روسيا.

 

أمريكا وإسرائيل غايتهم من التدخل، تأمين الحدود مع إسرائيل بما يتوافق مع مشروع التسوية النهائية في المنطقة(التواجد الإسرائيلي في الجولان السوري المحتل كجزء من دولتهم)، وتفكيك الجيش السوري النظامي ضمن الشروط والرؤى الأمريكية الإسرائيلية، وإنهاء الشراكة مع إيران وحزب الله، ودخول الشركات الأمريكية العابرة للدول في مشروع إعادة البناء، والسيطرة على مقدرات الدولة السورية وفي مقدمتها حقل الغاز الطبيعي في شرق البحر الأبيض المتوسط.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد