طرح مساقات جامعية لمعالجة ظاهرة العنف الجامعي

mainThumb

27-04-2013 12:41 PM

السوسنة - يؤكد أكاديميون ومراقبون أن طرح مساقات جامعية لمعالجة العنف الجامعي، سيكون لها نتائج إيجابية، ولكنها ستظهر على المدى البعيد، مجمعين على أن العنف الجامعي أصبح ظاهرة يجب على الجهات المعنية الاعتراف بوجودها ومن ثم العمل على حلها.
 
ويشددون على ضرورة وضع استراتيجية لمواجهة هذه الظاهرة، تعمل على "تعزيز الانتماء الوطني للطلبة، بعيداً عن الانتماءات الفرعية"، رافضين في الوقت نفسه ربط العنف الجامعي بالعشائرية، إذ أن المشاجرات التي تحصل في عدد من الجامعات هي "شخصية وليست عشائرية، باستثناء بعض الحالات".
 
ويعزون أسباب التعصب للجهوية والعشائرية إلى "الفقر وغياب الوعي، ناهيك عن السياسات الحكومية، التي عززت الانتماءات الفرعية".
 
يقول رئيس الجامعة الأردنية الدكتور اخليف الطراونة إن عملية طرح مساقات جامعية، لإيلاء ظاهرة العنف بأشكاله (الجامعي، المجتمعي، الأسري) عناية خاصة، ستحقق نتائج إيجابية، ولكن هذه النتائج ستظهر على المدى البعيد.
 
ويضيف إن تلك المساقات سيكون من شأنها معالجة أدبيات عملية قبول الآخر والسلوك بشكل عام، وزيادة الوعي والارشاد لدى الطلبة.
 
من جهته، يقول المنسق العام للحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة "ذبحتونا" الدكتور فاخر دعاس إن طرح مثل تلك المساقات "هو جزء من حل ظاهرة العنف الجامعي"، واصفاً اياها بـ"المهمة، لكن شرط ان توضع في سياق عام".
 
لكنه يؤكد أن على الجهات المعنية، وعلى رأسها الحكومة، "الاعتراف بوجود هذه الظاهرة"، ومن ثم وضع استراتيجية لمواجهتها، وذلك بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني والجامعات ووزارتي الداخلية والتربية والتعليم.
 
ويوضح دعاس أن تلك الاستراتيجية يجب أن تأخذ بالحسبان "غياب الوعي الطلابي، وتعمل على تعزيز الانتماء الوطني للطلبة، بعيداً عن الانتماءات الفرعية".
 
من جانبه، يعتبر مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية الدكتور موسى شتيوي أن طرح مساقات تعالج هذا الموضوع قضية مهمة، مؤكداً أنها ستحقق نتائج إيجابية ولكن على المدى البعيد واحتمال أن تظهر نتائجها على المدى المتوسط.
 
ويضيف أوصينا أكثر من مرة بطرح مساقات جامعية تعمل على تعميق روح الحوار وتقبل الآخر وحل الخلافات بطرق سلمية وقانونية، وخلق ثقافة مختلفة ووعي مختلف وحوار مختلف.
 
ويتابع يجب أن تركز تلك المساقات على الجامعة وقوانينها وتعليماتها وقيمها ومبادئها، بالإضافة إلى خلق هوية جامعية للطالب بعيداً عن أي تعصبات أخرى، موصياً بتغيير مسمى مساق "التربية الوطنية" إلى "التربية الوطنية والمدنية".
 
ويؤكد شتيوي أن الجامعات الأردنية شهدت خلال العشرين عاماً الماضية "نحو ألف مشاجرة، أي بمعدل مشاجرة كل أسبوعين".
 
إلى ذلك، يرفض الطراونة ودعاس وشتيوي ربط العنف الجامعي بالعشائرية.
 
ويقول الطراونة "صحيح إن من يقوم بالمشاجرات هم من أبناء العشائر، ولكن لا يجوز ربط العنف بالعشائرية"، مشيراً إلى أن مواقع الجامعات في المحافظات بالطريقة الموجودة حاليا "تجمع الناس على درجة القربى"، فعلى سبيل المثال 60 بالمئة من طلبة جامعة مؤتة هم من أبناء محافظة الكرك، و60 بالمئة من طلبة جامعة البلقاء التطبيقية هم من أبناء محافظة البلقاء، وقس على ذلك جميع جامعات المملكة.
 
ويؤكد أن التعصب مرفوض بجميع أشكاله سواء كان للعشيرة أو الحزب أو الدين، مشدداً على ضرورة محاربة التعصب والعمل على قبول الآخر وأحياء مبادئ العشيرة النبيلة.
 
فيما يوضح دعاس أن العشائرية موجودة في البلاد منذ تأسيسها، ولم نلحظ وجود مشاجرات جامعية أصلها عشائري.
 
ويعزو أسباب التعصب للجهوية والعشائرية إلى "الفقر وغياب الوعي، ناهيك عن سياسات الحكومة، وقانون الصوت الواحد"، مشيراً إلى "أن الإشكالية تكمن في السياسات الحكومية التي عززت الانتماءات الفرعية".
 
بدوره، يقول شتيوي إن الخلافات التي تحصل في الجامعات هي "شخصية وليست عشائرية، باستثناء بعض الحالات"، مضيفاً إن التعصب قد يكون على مستوى الأفراد أو الأقارب أو المنطقة الجغرافية.
 
ويوضح أن البعض يقوم باستغلال الخلاف وتحويله إلى شخصي أو فردي، فعلى سبيل المثال عندما يحصل خلاف ما بين شخصين، فإنهما يلجآن إلى الأقارب وليس إلى إدارة الجامعة وقوانينها، وقتها يتحول الخلاف إلى مشكلة جماعية وليست فردية.
 
وكان استطلاع للرأي نشر نتائجه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية في الرابع عشر من الشهر الحالي، أظهر أن 29 بالمئة من المستطلعة آرائهم يعزون السبب الرئيس للمشاجرات التي حدثت في بعض الجامعات، إلى "وجود التعصب الجهوي والفئوي"، بينما عزا 16 بالمئة ذلك إلى أسباب متعلقة بـ"الاختلاف بين الجنسين"، و9 بالمئة إلى "عدم الوعي والتثقيف وجهل الطلاب وطيشهم"، ونفس النسبة إلى "وجود التمييز والواسطة والمحسوبية".
 
وللقضاء على ظاهرة العنف الجامعي، يشدد الطراونة على ضرورة تكاتف جميع الجهود، بدءا من الأسرة والمدرسة والجامعات والصحافة والإعلام وحتى المؤسسات الدينية، للعمل على محاربتها ومعالجة أصلها.
 
ويؤكد ضرورة تعديل أو تغيير سياسات القبول الجامعي، بحيث تنسجم مع معايير العدالة والمساواة والشفافية، موضحاً انه يجب أن تعطى الجامعات صلاحيات لعقد امتحانات مقننة، بالإضافة إلى الامتحانات المدرسية، حيث يستطيع الطلبة على ضوء نتائجهم في تلك الامتحانات التوجه إلى الجامعة مباشرة.
 
لكنه يشدد على ضرورة إعطاء الطلبة الأوائل في المدارس الأقل رعاية وتلك الموجودة في المناطق النائية "فرصة للمنافسة بناء على معدلاتهم المدرسية، وليس بناء على ما تم قبوله من معدلات".
 
كما يؤكد الطراونة ضرورة أن تقوم الجامعات بـ"القضاء على عملية التباين في الرسوم الجامعية، وإزالة كل الحقد لقبول الآخر".
 
ولم يغفل الطراونة دور الأسرة في محاربة هذه الظاهرة، إذ يقع على عاتقها تربية أولادها التربية الصحية السليمة، فيما يجب أن تقوم المدرسة بدور ريادي لمعالجتها، وذلك من خلال الاهتمام بالمعلم والطالب والمناهج الدراسية.
 
ويشير أيضاً إلى دور المؤسسات الدينية، من خلال الدروس والخطب الدينية والتي يجب أن تركز على التسامح والتآخي والمحبة وقبول الرأي الآخر.
 
من جهته، يؤكد شتيوي أنه يجب التركيز على أساتذة الجامعات، حيث يقع على عاتقهم مهمة "تنوير الطلبة، والتفاعل معهم من خلال إقامة حوار بناء وخصوصا في كليات العلوم الإنسانية".


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد