أبو رُغال .. لا يُرضِيه اليوم إلًّا هَدم الكعبة وحرق المصاحِف - عبد الكريم العزام

mainThumb

29-05-2013 02:14 PM

أخي القاريء:

أستميحك عُـذراً عن مقدمة قصيرة لمن لا يعرف من هو أبو رغال:

فبعد أن انتهى إبرهة الحبشي من بناء ( القليس ) أراد أن يحوِّل قبلة العرب من الكعبة في مكة المكرمة إلى (القليس ) في صنعاء ليحجوا إليه، فجهّز جيشاً جرّاراً فيه فيلة كبيرة ليغزو مكة المكرمة ويهدم الكعبة، وكان "أبو رغال" هو دليل إبرهة الحبشي إلى مكة المكرمة وكان ذلك في نفس العام الذي ولد فيه النبي محمد (ص) وسمي عام الفيل.

ويشار إلى "أبي رغال" في كتب التاريخ العربي باحتقار وازدراء لأنه لم يُعرف عن العرب في ذلك الحين من يخون قومه مقابل أجر معلوم.

ويُطلق لقب "أبو رغال" على كل من خان قومه لمصلحته الخاصّة.

والآن أخي القاريء من هو أبو رغال الذي نال هذا الاسم عن جدارة في هذا الزمن العربي الرديء يؤدي دور أبي رغال بامتياز ويعتز بأدائه وهو يلف بدنه بالعباءة العربية ويغطي رأسه بالكوفية والعقال.

أخي القاريء الكريم:

لقد تابعتم وتابعنا جميعاً ما يجري في دول ما يسمى بالربيع العربي ولا أشك في قدراتكم على الربط والتحليل بين ما أعلنته "كونداليزارايس" حول الفوضى الخلاقة وما حققت هذه الدول من نتائج وما أفرزت من قيادات ستكشف الأيام وسيكتب التاريخ إلى أين تنتهي ومع من ترتبط وأي المخططات تخدم.

فبعد أن نبت عشب ما يسمى بالربيع العربي في تونس ومصر وليبيا، انحرف شرقاً إلى مكان الهدف الحقيقي لما يسمى بالربيع العربي، إلى الأرض التي يُراد لها أن تستقبل كل صواعق شتاءِ هذا الربيع والطوفان الذي سيجرف الربيع والتراب الذي ينبته.

نعم:

جاء ما يسمى بالربيع العربي إلى سوريا وهنا أريد أن أذكّر القاريء الكريم أنني لست في موقع الدفاع عن النظام السوري لا والله وإنما من منطلق ديني عروبي انساني، هو موقف الدفاع عن الوطن السوري والشعب السوري ومن ثم عن الأمة ودينها وبقية من كرامتها.

جاء الربيع العربي إلى سوريا وصرنا نشاهد ثورة سوريا تجمع عناصرها من كل بقاع الأرض يُقاتلون لا يعرفون هدفهم لأنهم كالقطيع الذي يسير لا يعرف وجهته إلًّا من يسوقه بعصاه.

يُقاتلون ويغذيهم أسيادهم بسخاء بالسلاح والمال حتى يعيدوا سوريا وأهلها إلى سُكنى الكهوف وإلى الجوع والمرض وقبل كل ذلك إلى عذاب الروح والجسد وأكوام الجثث وشلالات الدماء.

نعم:

بعد أن ينتهي الفصل الأول من ربيعهم بعد مربعانية شتائهم وسعد ذابحهم وينبت ربيعهم لا قدّر الله فسيأتي صيف العرب اللافح الذي يحرق الوجوه ويُنتن عباءة أبي رغال وتصفرُّ كوفيته وعندها يعود العرب إلى بيدرهم فلا يجدون قمحاً ولا تبناً وليس عندهم شيئٌ ادخروه لأنهم قتلوا يوسف وإخوته وإذا بقي أحد من إخوة يوسف فهم يصمُّون آذانهم عن سماع صوته ونداءاته.

نعم:

كلنا نعرف واقع الأمة، ونعرف دورة التاريخ، ونعرف نظرية ابن خلدون عن نشأة الدول وهرمها، لكن هناك في الأمة من الساسة من يوائم بين الواقع والضغوط التي تقع علينا وبين المستقبل وما سيكتب التاريخ فيظل متحفظاً في تصريحاته يتحدث بمستوى قدراته يطلب الخير لبلده وأمته متحاشياً الصِّدام ما أمكن مع جبابرة اليوم وعُتاة الأرض وعبيد اسرائيل إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.

إلى جانب هؤلاء الساسة من العرب هناك ساسة عرب آخرون يتحدثون بما يدمي القلب ويعمي البصر ويقزز النفس يتصدرون المجلس في اجتماعات الجامعة العرببة مرة بالكوفية والعباءة ومرة باللباس الفرنجي يلقون الكلمة التي كتبها لهم نتنياهو ويطلبون مطالبه ويتحسرون على أيام شارون وقولدمئير.

نعم:

يقولون ما يريد أن يقوله قادة إسرائيل ويطلبون ما تطمح إليه إسرائيل.

لقد طلبوا ( أن تقوم أمريكا وأوروبا بضرب سوريا واحتلالها ) ويطلبون أن تطأ أحذية المستعمر مرة أخرى ساحات المسجد الأموي وقبر صلاح الدين الأيوبي وقبر النبي شعيب وكنائس المسيح وبصرى الشام وتدمر.

أليس من يطلب هذا هو "أبو رغال"، ألا يخجل أبو رغال اليوم من نفسه وهو يطلب هذا الطلب؟، أليس الأجدر به أن يطلبه وهو يلبس قلنسوة نتنياهو وهو مطأطيء الرأس على حائط المبكى.

ألا ترون أنه بعد أن أجمع العرب وحتى الأعداء على أن الحل في سوريا يجب أن يكون سياسياً وأن لا تُقسّم سوريا وأن لا يكون للأجنبي موطيء قدم على أرضها مُبعدين التدخل الأحنبي عنها، ينبري "أبو رغال" للجميع مطالباً بضرب سوريا واحتلالها وهو يُدرك ويعي كل الوعي أن سقوط سوريا سيقود إلى تصفية كل العرب أمام إسرائيل.

أخي القاريء:

إن من يستجدي الغرب لاحتلال أبناء أمته وترابهم المقدس، ولاحتلال سوريا، لا يخجل غداً أن يستجديهم لاحتلال الأردن، والسعودية وكل الدول العربية وبعدها الاسلامية.

بعد أن رأيت أبا رغال بطل مسرحية الربيع العربي على هذه الحال يتشدق على شاشات العالم مفتخراً بإنجازاته وبتحقيق الأهداف التي رسمها له أعداء الأمة يسير بها خطوة خطوة فإنني صرت أجزم أن أبا رغال لا ولن يرضى إلا بعد أن يُنجز الصورة التالية التي هي أشبه بصورة أصحاب الأخدود عندما يجمع مصاحف الأرض ويلفها بعباءته مُشعلاً فيها النار وبيده المعول ينقض أحجار الكعبة حجراً حجراً، وهذه هي نهاية الخطة والهدف المأمول له ولأسياده وسوف لا تتحقق بإذن الله فللبيت رب يحميه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد