قراءة في كتاب ملك وشعب (10)

mainThumb

18-06-2025 06:29 PM

يعد كتاب "ملك وشعب" الذي أصدره الديوان الملكي الهاشمي العامر منجزا وطنيا هاما يوثّق المبادرات الملكية السامية الزاخرة بالخير والعطاء والإنسانية ضمن رحلة خيّرة لا ينضب عطاؤها بين ملك إنسان وأبناء شعبه. إن هذا الملف الإنساني والتنموي الذي يوليه جلالة سيدنا كل إهتمام حيث أسند أمر متابعته وتنفيذه إلى لجنة برئاسة معالي الأستاذ يوسف حسن العيسوي رئيس الديوان الملكي الهاشمي ضمن فريق عمل مخلص وجاد ليعكس صورة إرتباط ملك رحيم تجلّت صفات الإنسانية بأجل صورها مع أبناء شعبه الأردني بروح تنم عن إنتماء ومحبة قائد لوطنه ولشعبه، وولاء ومبايعة شعب لقائده بصدق وإخلاص.

وسأتناول هنا في المقال العاشر ضمن سلسلة مقالات قراءة كتاب ملك وشعب "المبادرات الملكية السامية في دعم القضاء وسيادة القانون". لقد لاقى الجهاز القضائي كل الرعاية والإهتمام من جلالة سيدنا بإعتباره حصنا منيعا يحقق العدالة ويحفظ التوازن بين كافة الجهات بميزان الحق، وفي ذلك يقول جلالة سيدنا " لقد كان القضاء على الدوام، وما يزال، على رأس أولوياتنا وفي صلب اهتماماتنا منذ تولينا سلطاتنا الدستورية، فهو الركيزة الأساسية في إحقاق الحق وإقامة العدل وحماية الحقوق وصون الحريات. والقضاء هو إحدى السلطات الثلاث التي تقوم عليها الدولة الأردنية، والتي ترسخ مبدأ سيادة القانون وتحقق مبادئ العدالة والمساواة والنزاهة وتعزّز من الثقة بسلطات الدولة ومؤسساتها "

وبهدف دعم العاملين في السلطة القضائية وتحسين أوضاعهم الإجتماعية، فقد أوعز جلالة سيدنا خلال المؤتمر القضائي الأردني الثاني إلى إطلاق صندوق التكافل الإجتماعي للقضاة وأعوان القضاة، نظرا لأهمية الدور الذي يضطلع به الجهاز القضائي، الأمر الذي يسهم في تحسين أوضاع القضاة المعيشية من جهة، كما ينعكس ذلك إيجابيا على تنفيذ خطط التطوير القضائي ومشروعات العمل المنبثقة عنه. وهنا يقول جلالة سيدنا " لا بد من إتخاذ كل الخطوات اللازمة لتطوير جهاز القضاء ودعمه وتوفير كل ما يلزمه من إمكانيات، لتحديث أدائه وتطوير قدراته، لتبقى السلطة القضائية، إنموذجا في تحقيق العدالة بين الناس وفي النزاهة والإستقلالية".

وحرصا على ترسيخ العدالة والدور الذي يقوم به القضاة، فقد بدأت خطط تطوير القضاء في الأردن عبر اللجنة الملكية لتطوير القضاء بإعتباره احدى السلطات الثلاث في الدولة والضامن الرئيس لمبدأ سيادة القانون. ونال القضاء في المملكة نصيبا وافرا مما حظيت به أجهزة الدولة من تطوير وتحديث بدعم وتوجيه مباشر من جلالة سيدنا، وإلى الإهتمام بشخص القاضي الذي منح من الرعاية والإمتيازات ما يستحقه لكي يقوم بواجباته على أفضل وجه، وكذلك تعديل العديد من التشريعات، وتوفير الموارد البشرية والبنى التحتية لزيادة فاعلية العمل القضائي، فضلا عن توظيف تكنولوجيا المعلومات وتطبيق نظام محوسب يربطها ببرنامج واحد، فكان البناء متينا لقيام القضاء على منظومة القيم والمبادىء والمثل العليا في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية على حد سواء.

ومن الجدير بالإشارة هنا إلى الورقة النقاشية السادسة لجلالة سيدنا التي حملت عنوان
" سيادة القانون أساس الدولة المدنية" والتي جاء فيها "أن مسؤولية تطبيق وإنفاذ سيادة القانون بمساواة وعدالة ونزاهة تقع على عاتق الدولة. ولكي نحقق أهدافنا ونواصل بناءنا لوطننا، فإن سيادة القانون هي الأساس الذي نرتكز إليه والجسر الذي يمكن أن ينقلنا إلى مستقبل أفضل. وأن يكون عهدنا بأن يكون مبدأ سيادة القانون الأساس في سلوكنا وتصرفاتنا.".

وتضمنت الورقة النقاشية السادسة أيضا " لقد أصبح من الضروري وضع استراتيجية واضحة تعمل على صيانة وتطوير مرفق القضاء وسائر الأجهزة المساندة له، وتساهم في تعزيز البيئة القضائية الفاعلة والنزيهة، وتهيئة بنية مؤسسية عصرية تليق بالقضاء، وتوفير كوادر خبيرة ومتخصصة، وتطوير سياسات وتشريعات لتسريع عملية التقاضي وتيسيرها والإرتقاء بها. كما يجب العمل على ترسيخ ثقافة النزاهة في الجهاز القضائي في مراحله كافة وتفعيل مدونة السلوك القضائي".

ومـن هنـا جـاء الإهتمـام في رفد ودعم السلطة القضائية مـن جلالـة سيدنا حيث يؤكد فـي جميـع المناسـبات وخطابـات العـرش علـى أهميـة دعـم إسـتقلال القضـاء، وضـرورة توفيـر الدعـم والإمكانـات اللازمـة للنهـوض بهـذا القطـاع الحيـوي الـذي يعـزّز مـن هيبـة الدولـة ومكانتهـا، وفـرض سـيادة القانـون ويسـهم فـي تحقيـق الأمـن والإسـتقرار المجتمعـي ويدعـم تطـور الدولـة وإزدهارهـا.

وكذلك فإن المبادرات الملكية السامية تقدّر الدور الذي يقوم به القضاة الشرعيون في حماية المجتمع وحقوق الناس، فقد أمر جلالة الملك بتخصيص قطع أراض للقضاة الشرعيين في مختلف مناطق المملكة، ومنهم قضاة من القدس الذي يأتي في إطار تحسين المستوى المعيشي لهم، ممّا يسهم في تعزيز قدرتهم على أداء المهام الموكلة إليهم على أحسن وجه. وتأتي هذه المبادرة الملكية السامية إيمانا من جلالة سيدنا بالدور الكبير والهام الذي يقوم بها قضاة الشرع في مجالات الأسرة والإصلاح والتوجيه الأسري حيث يقول جلالته: "إن مسوؤلية القضاة الشرعيين لا تقف عند حد إصدار الأحكام وتحقيق العدالة فحسب، بل عليهم واجب توعية المجتمع وتحصينه وتعزيز نسيجه الإجتماعي". إضافة إلى تبني نهج التحديث والتطوير سواء في إطار الإعمار وبناء مجمعات للمحاكم الشرعية أو في مجال الوضع الوظيفي للقضاة ودعم مسيرتهم في مجال التأهيل والتدريب.

نعم إنه الدعم الملكي الهاشمي لقضائنا الأردني ليبقى حصن العدالة والنزاهة والإنصاف كسلطة مستقلة تسهم في إستقرار أردننا ضمن منظومة عمل جادة تعمل بضمير مؤسسي مسؤول الذي أنجزه الديوان الملكي الهاشمي العامر بيت جلالة سيدنا وبيت الأردنيين جميعا، يرافق ذلك جهود تقوم على الإخلاص والتفاني في العمل في ظل مجتمع متكافل واحد موحّد ومتماسك يزرع بذور الخير والعطاء والإنسانية برعاية وإهتمام جلالة سيدنا الملك الإنسان عبد الله الثاني بن الحسين أعز الله ملكه القدوة لنا جميعا في الإنجاز والعمل وللحديث بقية.

• أستاذ جامعي وكاتب/ جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية حاليا
• عضو مجلس أمناء حاليا
• عضو مجلس كلية الدراسات العليا في جامعة اليرموك حاليا
• عميد كلية الصيدلة / جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية وجامعة اليرموك سابقا
• رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس سابقا



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد