الصحة .. والصيام

mainThumb

04-08-2013 02:02 PM

السوسنة - لقد أثبت الطب الحديث أهمية الصوم من الناحية الصحية، وأعلن أن كثيراً من الناس الشرهين في الطعام يحفرون قبورهم بأسنانهم وأضراسهم وقد ذكر النبي صلى الله عليه و20%سلم قبل أربعة عشر قرنا فقال: «ما ملأ ابن آدام وعاءً شراً من بطنه، حسب ابن آدام لقيمات يقمن صلبه، فإذا كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه» (رواه الترمذي).

ولقد اكتشفت التجارب الطبية الحديثة أن الصيام له من التأثيرات العجيبة على النفس البشرية، حيث إنه يعمل على زيادة تحمل الأعصاب للصدمات النفسية القاسية رافعاً الهمم ومحدثًا لدى الأفراد تأثيرات عالية في تقوية الجرأة وتلطيف الجملة العصبية وتنظيم الإفرازات الهرمونية وتهدئة المشاعر النفسية، ويؤدي أيضاً إلى الشعور بالانشراح والهدوء والبهجة النفسية.

والمدرسة الإسلامية العظيمة هي أول مَـــن اكتشفت هذه الحقيقة العلمية قبل الطب الحديث وقبل التجارب العلمية، حيث إن الأشخاص الذين وُصفوا بالشراهة المزمنة في تناول طعمهم اليومي تكون أدمغتهم مخدرة عاطلة كسولة وقابليتهم الفكرية متدهورة، وهذا ما أعلنه الطبيب العالمي للبشرية رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الغذاء رسالة في الحياة لإدامه الحيوية الجسمية والفعالية وتقوية الجسم للعبادة، وليس لملأ البطن إلى درجة التخمة والتلذذ المفرط والإسراف، ونتيجة لهذا الخمول يفقد عضو الدماغ قابليته الحيوية على التركيز الذهني والتفكير السليم مما يؤدي به إلى ضعف في حُــسن التدبير، وعمى في البصيرة، فيتحجر الفكر ويقسو القلب ويبتعد عن طريق الجادة فتقل معني التدبير ومشاعر الإيمان عنده. والإسلام دعا إلى عدم الإسراف في تناول الطعام، خاصة في هذا الشهر الكريم، لأنه شهر عبادة ومغفرة وتوبة وليس شهر للموائد وملأ البطون بأنواع الأطعمة، قال تعالى: «وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين» (الأعراف 31).

الصيام يربي في الفرد المسلم الخشونة ويربيه على الجود والكرم والقناعة والرضا بالقليل، رمضان شهر التآخي والألفة وندرة الانفعال والغضب، وهذا الجو الروحاني الهادئ يترك أثره على فسيولوجية الإنسان مما يؤدي إلى نقصان في إفراز المواد المهيجة والتي قد تؤدي إلى ارتفاع في ضغط الدم.

وهذا قليلٌ من كثير من الفوائد الصحية العظيمة التي تعود على الصائم، وعلى ضوء هذا ندرك أن للصيام مكانة عظيمة في الإسلام شأنه في ذلك شأن العبادات والواجبات والأركان الأخرى. إن الإسراف في الأكل يؤدي إلى نتائج خطيرة في الجسم البشري، إلا أن مدرسة الصيام جاءت لتعلم الإنسان كيف يعطي الحق للجسم وللروح، وجاءت هذه الصرخة مدوية في ميادين الصحة وعالم الغذاء، قبل أربعة عشر قرناً، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه».

والطب الحديث اليوم يوصي باستعمال سلاح الصيام من أجل الزيادة في التركيز الذهني والتعمق الفكري الذي يستوجب حضور الصفاء العقلي والهدوء العصبي، فالصيام يبعث في النفس البشرية المشاعر والأحاسيس المنعشة التي تعطي الفكر طاقة ذهنية عالية، والقدرة على السيطرة والتحكم في ممارسة التركيز الذهني العميق وقوة الذاكرة وحصر الفكر واسع الأطراف في نقاط ومراكز جوهرية ثابتة والصيام الحقيقي يؤدي إلى تهذيب الفكر والنفس ونيل رضى الله تعالى، ولا بد للمسلم أن يستفيد من الصيام فإنه رياضة روحية يصل إلى ذروة الكمال الجسماني والعقلي.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد