صحيفة السوسنة الأردنية

وحذّر جلالته في مقابلة مع صحيفة الغد ، اجراها رئيس التحرير الزميل أيمن الصفدي، ان الاوضاع في الاراضي الفلسطينية "تنزلق نحو مسارات خطيرة تهدد بتداعياتها وحدة ومستقبل الشعب الفلسطيني"، ودعا الفلسطينيين الى الاحتكام "الى لغة العقل واعادة تصويب الاوضاع الفلسطينية".

وجدد جلالته رفض الأردن طروحات اقامة كونفدرالية أردنية - فلسطينية واعتبر هذه الطروحات "مؤامرة على الأردن وعلى الفلسطينيين".

وأوضح "مللنا الحديث في هذا الموضوع. موقفنا واضح ومعلن ولن يستطيع اي شيء او امر ان يغيره". وقال إن للأردن مصلحة سياسية واستراتيجية وامنية في قيام دولة فلسطينية مستقلة".

وأكد الملك "اننا لن نتوانى للحظة عن مواجهة اي مخطط إسرائيلي او غير إسرائيلي للهروب من تلبية شروط السلام المتمثلة في اقامة الدولة الفلسطينية".

وشدد جلالة الملك ان الاصلاح والتحديث والتطوير حتمية لا بديل عنها "وسنسير في مشروعنا الاصلاحي حتى النهاية". وفي هذا السياق أكد ان الاردن ملتزم اجراء انتخابات برلمانية قبل نهاية العام انطلاقا من سعيه "دوما الى تعزيز المسيرة الديمقراطية".

وقال انه يعوّل على الشباب ان يشاركوا بفاعلية في الانتخابات وان يمنحوا اصواتهم "لمن يستطيع تحقيق طموحنا الذي هو طموحهم ورؤيتنا للاردن التي هي رؤيتهم".

وزاد "نريد برلماناً قوياً يكون بحجم تطلعاتنا وطموحات شعبنا وبحجم التحديات التي نواجهها".

وفيما يلي نص المقابلة:

* شاركتم جلالتكم قبل أيام في القمة الرباعية التي جمعتكم والرئيسين المصري محمد حسني مبارك والفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي في شرم الشيخ. هل حققت القمة ما أردتم منها؟

كنت أود أن يكون هنالك إنجازات أفضل للفلسطينيين. جو اللقاءات كان إيجابيا إلى حد ما. فقد أردنا أن تبدأ العملية السياسية. لكن وبغض النظر عما نفعله نحن كدول عربية أو إسلامية أو دول غربية، فمن دون خطة إسرائيلية واضحة تبين فيها ما الذي ستفعله خلال الأشهر القادمة، فإن كل ما تقوم به لن يحقق نتائج. إذا لم تلتزم إسرائيل الإجراءات المطلوبة لتحقيق السلام، كل ما نفعله لن يؤدي إلى شيء.

رسالتنا الثابتة لإسرائيل، قبل القمة وخلالها، أن أظهري لنا نواياك نحو الشعب الفلسطيني. وهنا أود التأكيد أنه من دون وجود استراتيجية سلام واضحة من قبل إسرائيل، فلا يمكن أن نحقق السلام الذي يتطلع إليه الجميع. ولذلك نريد من إسرائيل أن تضع جداول زمنية محددة منذ الآن للأشهر المقبلة.

ونحن نعمل أيضا وباستمرار على حشد الدعم الدولي لمساندة الشعب الفلسطيني واستئناف المفاوضات. لقد كان هذا الأمر في صلب محادثاتي مع المسؤولين الأميركيين مؤخرا وخلال اتصالاتي المستمرة مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي ترأس بلادها الاتحاد الأوروبي حاليا، بالإضافة لرئاستها مجموعة الثماني، ومع رئيس الوزراء البريطاني الجديد غوردون براون. وسيكون كذلك مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عندما أزور فرنسا الأربعاء القادم ومع البرتغال التي سترأس الاتحاد الأوروبي في الدورة القادمة للاتحاد.

فنحن لا نتطلع لدور أميركي فاعل وحسب، بل ولمشاركة أوروبية رائدة وقوية بحيث تتركز الأنظار خلال الفترة القادمة على عملية السلام وسبل إعادة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لطاولة التفاوض وفق رؤية واضحة.

* لكن هل هناك سبل للضغط على إسرائيل لإقناعها بضرورة التحرك نحو السلام وإبعاد اولمرت عن حساباته التكتيكية وباتجاه اتخاذ الخطوات الفعلية نحو السلام؟

لا تنس?Z أنه كان هناك حراك قبل القمة. كانت هناك اتصالات بين الأردن ومصر وتعاون وتنسيق بين الدول العربية المعتدلة هدفها دفع إسرائيل نحو اتخاذ الخطوات الحقيقية للسلام. ذهبت إلى القمة الرباعية رغم أنني لست مقتنعا أننا سنحقق كل ما نريده. لكن واجبنا اتخاذ أي خطوة يمكن أن تدعم الفلسطينيين.

وفي الأيام القادمة سنرى كيف تتحرك إسرائيل باتجاه الإفراج عن الأسرى، والأموال الفلسطينية المحتجزة، وتنظيم اللقاءات بين الجانبين. يجب أن تكون هناك معايير قياس محددة يقيم العالم على أساسها السياسات الإسرائيلية تجاه العملية السلمية.

*الأحداث الأخيرة في الأراضي الفلسطينية، والتي أدت إلى سيطرة حماس على غزة وإعلان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس حل حكومة الوحدة الوطنية، شكلت صدمة غير مسبوقة في التاريخ الفلسطيني. إلى أي مدى تعتقدون جلالتكم أنه يمكن استدراك الوضع، وكيف؟

نشعر بالأسف والغضب لما آلت إليه الأوضاع في الأراضي الفلسطينية. لقد أخذت الأحداث على الساحة الفلسطينية تنزلق نحو مسارات خطيرة تهدد بتداعياتها وحدة ومستقبل الشعب الفلسطيني الذي كافح على مدى عقود طويلة من أجل استعادة حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.

ونحن قلقون لما آلت إليه الأمور في الأراضي الفلسطينية، وندعو إلى العودة إلى الشرعية الفلسطينية، وإعادة ارتباط قطاع غزة والضفة الغربية كوحدة واحدة, حفاظا على مصالح الشعب الفلسطيني ومستقبله. إن استمرار الحال كما هي الآن، وبقاء الساحة الفلسطينية عرضة للفوضى أمر غير مقبول أبدا، ويضعف موقف العرب والفلسطينيين. وبالمقابل يخدم هذا الوضع أعداء الشعب الفلسطيني ويقوض آمال الفلسطينيين في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

إننا ندعو الأشقاء الفلسطينيين إلى الاحتكام إلى لغة العقل وإعادة تصويب الأوضاع وعدم فرض سياسة الأمر الواقع. إن تحقيق مكتسبات على الأرض لا يغلب عليها طابع وطني فلسطيني في ظل استمرار الاحتلال، هو قطعا ليس في صالح الشعب الفلسطيني. ونحن هنا نحذر من أن تكريس انفصال قطاع غزة عن الضفة الغربية ستكون له نتائج كارثية على الفلسطينيين, وخاصة أبناء قطاع غزة الذين أرهقهم الحصار والظروف المعيشية الصعبة.

تماسك جبهتنا الداخلية ووعي شعبنا وإدراكه للمخاطر المحيطة بالأردن جعل هذا البلد آمنا من تبعات النزاعات التي تدور حوله

* ما هو الحل برأي جلالتكم؟ وكيف أثرت أحداث غزة على جهود تحريك العملية السلمية التي طالما حذرتم جلالتكم من خطر إضاعة فرصة إحيائها؟

كما أسلفت، لا بد من الجميع أن يضعوا مصلحة القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني فوق كل الاعتبارات والمصالح. لا نريد أن نعطي ذريعة لإسرائيل أو أي جهة كانت للقول إن الفلسطينيين منقسمون ولا نعرف مع من سيتم التفاوض. إن استمرار الاقتتال والتناحر الفلسطيني، وتفتيت لحمة الوحدة الوطنية، يفاقم من المشكلة ويخرج القضية الفلسطينية عن مسارها، ويعيدها سنوات إلى الوراء. وهنا ندعو إلى الالتزام بشرعية السلطة الوطنية الفلسطينية التي تمثل الشعب الفلسطيني.

نشعر بالأسف والغضب لما آلت إليه الأوضاع في الأراضي الفلسطينية. لقد أخذت الأحداث على الساحة الفلسطينية تنزلق نحو مسارات خطيرة

ولا بد كذلك من مواصلة الضغوط والجهود الهادفة إلى كسر الجمود في عملية السلام، وإعادة إطلاق مفاوضات حقيقية وجادة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، تفضي إلى إيجاد حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية وصولا إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، التي توفر للشعب الفلسطيني الأمن والحرية والاستقرار. إن الخطر على القضية الفلسطينية لا شك كبير، وجهود مواجهته يجب أن تتسم بالسرعة والمسؤولية.

لا بد من تغييب الفرصة على من لا يريد إنصاف الفلسطينيين، وذلك من خلال العودة إلى المؤسسة الشرعية الفلسطينية، وبلورة موقف فلسطيني يسمح لأصدقاء الفلسطينيين ومناصريهم بالدفع من أجل إطلاق مفاوضات حقيقية لرفع الظلم عنهم.

*إلى أي مدى هناك قلق أردني من تداعيات ما جرى في غزة؟ وهل تخشون جلالتكم أن تؤثر تلك الأحداث على المملكة؟

نحن لسنا قلقين على الأردن. فثقتنا بشعبنا كبيرة. والأردن منذ سنين عديدة محاط بأجواء متوترة وبصراعات إقليمية وفئوية وطائفية. لكن, والحمد لله, تماسك جبهتنا الداخلية ووعي شعبنا وإدراكه للمخاطر المحيطة بالأردن جعل هذا البلد آمنا من تبعات النزاعات التي تدور حوله.

إن قلقنا هو على الشعب الفلسطيني، الذي يدفع وحده ثمن ما يجري في الأراضي الفلسطينية، من حصار وتجويع واقتتال وعنف وفقدان الأمل. وإلى جانب موقفنا الأخوي وعلاقتنا التاريخية مع الشعب الفلسطيني، فان للأردن مصلحة سياسية واستراتيجية وأمنية هامة في قيام دولة فلسطينية مستقلة.

* لكن هل تعتقدون جلالتكم بإمكانية إطلاق محادثات سلام جادة في ضوء ضعف الحكومة الإسرائيلية وربما اعتقادها الآن، بسبب ما جرى في غزة، بأنها تستطيع إلغاء خيار الدولة المستقلة والضغط باتجاه ما يسمى بحل "الضفة أولا"، على أساس إعطاء الفلسطينيين حقوقا حياتية، وإغلاق ملف الحقوق السياسية؟

لا شك أن الوضع صعب. لكن إسرائيل لن تحقق الأمن الذي تنشده إذا لم يتم تلبية الحقوق الفلسطينية السياسية. باختصار إن أمن إسرائيل مرهون بأمن واستقرار الفلسطينيين أيضا. لذلك نحن سنظل نضغط على إسرائيل مباشرة, ومن خلال المجتمع الدولي، لإلزامها تطبيق قرارات الشرعية الدولية، والتي تتوافق على أن قيام الدولة الفلسطينية شرط لاستقرار المنطقة.

من الضروري رفع المعاناة عن الفلسطينيين، وتحسين شروط حياتهم، لكن لا شيء سوى إقامة الدولة الفلسطينية يحل الصراع العربي الإسرائيلي. إننا ندرك أن للشعارات بريقها، وأن الكثيرين يعتاشون عليها. لكن الواقع أن الفلسطينيين يواجهون عدوا صلبا، ويعمل ضمن برامج وخطط، وهذا يستدعي أن نتعامل مع الواقع بموضوعية، والعمل على الإنجاز، لا على دغدغة العواطف التي لن تؤدي بالتالي إلا إلى إلحاق المزيد من الضرر بالفلسطينيين. هنالك إجماع عربي على مبادرة السلام العربية، وهنالك موقف دولي داعم لاستعادة الفلسطينيين حقوقهم، وعلى الفلسطينيين واجب ترتيب بيتهم الداخلي لإعطائنا الفرصة لبذل المزيد من الجهود لمساعدتهم.

* هل تخشون جلالتكم حدوث كارثة إنسانية في غزة، وهل من سبيل لحماية أهل غزة من أي مخطط لعزلهم وسيطرة حماس على القطاع؟

لقد قمنا وسنقوم بواجبنا في الأردن تجاه إخوتنا في غزة وسنستمر في ذلك. وفي كل حواراتنا ومباحثاتنا مع القوى الدولية، نؤكد ضرورة مساعدة أهلنا في غزة وضمان تدفق المعونات والمساعدات لهم. لا فرق بين الفلسطينيين في الضفة وغزة، هم أهلنا، وسنظل نقف معهم وندعمهم ونساندهم. ومخطئ من يظن أنه يستطيع أن يفصل بين أبناء الشعب الفلسطيني. القضية واحدة، والنضال واحد. ونحن سنظل معهم ولهم.

* أعادت الأحداث في الأراضي الفلسطينية طرح موضوع الكونفدرالية مع الأردن أو إتباع الضفة الغربية لإدارة الأردن مخرجا من الأزمة رغم تأكيد الأردن أن الكونفدرالية قبل قيام الدولة المستقلة ليست خيارا. لكن هناك من يتحدث عن ضغوط أميركية وإسرائيلية على الأردن لقبول مثل هذا الترتيب.

لقد مللنا من الحديث في هذا الموضوع. موقفنا واضح ومعلن. ولن يستطيع أي شيء أو أمر أن يغيره. نحن نرفض صيغة الفيدرالية والكونفدرالية. كما أننا نرى أن طرح هذا الأمر وفي هذه المرحلة بالذات هو مؤامرة على فلسطين والأردن. ونحن موقفنا واضح ومبدئي، لا يمكن أن نقبل بهذه الحلول مهما بلغت الضغوطات. وأما شكل العلاقة المستقبلية مع فلسطين فهو أمر سابق لأوانه، ولن يتم الخوض فيه، إلا بعد إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضي الفلسطينية. والشعبان الأردني والفلسطيني هما من يقرر شكل هذه العلاقة. الأردنيون مجمعون على رفض أي تسويات للقضية الفلسطينية على حسابهم.

وأقول بكل وضوح إن طرح الكونفدرالية أو الفيدرالية، أو ما يسمى بالتقاسم الوظيفي، هو مؤامرة على القضية الفلسطينية، لن ينخرط الأردن فيها. ومع ذلك وكما أكدنا سابقا يبقى الخيار مفتوحا أمام الشعبين في تقرير أي شكل من أشكال العلاقة عندما يصبح القرار الفلسطيني مستقلا، وتقام دولة القانون والمؤسسات غربي النهر على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

الكل يعرف أن الحل الوحيد هو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. وعلى إسرائيل أن توضح ما الذي تريده. إذا كانت تريد سلاما دائما وحقيقيا فعليها أن تتحرك وبسرعة نحو هذا الحل. عليها أن توضح للفلسطينيين وللعرب وللعالم ما الذي تريده. ونحن سنظل نتابع الأمور، ولن نتوانى للحظة عن مواجهة أي مخطط إسرائيلي أو غير إسرائيلي، للهروب من تلبية شروط السلام المتمثلة في إقامة الدولة الفلسطينية. سنظل نعمل ونحاور ونمارس الضغوط من أجل تحقيق ذلك. على من يريد السلام التوقف عن محاولة التهرب من استحقاقاته، ومحاولة الالتفاف على هذه الاستحقاقات بطروحات الكونفدرالية أو غيرها. على من يريد السلام أن يبذل كل جهد ممكن للوصول إلى حل الدولتين.

* جلالتكم. هل هذه رسالة إلى إسرائيل؟

هذه رسالة إلى إسرائيل وإلى كل من يحاول حل القضية على حساب الأردن وعلى حساب الفلسطينيين.

* هناك من يتهم الأردن بأنه منحاز إلى طرف ضد طرف في الساحة الفلسطينية، أنه منحاز إلى عباس في صراعه مع حماس. كيف تردون جلالتكم على هذه الاتهامات؟

نحن منحازون إلى الحق الفلسطيني. ونتعامل مع السلطة الوطنية الفلسطينية وندعمها بكل طاقاتنا من أجل تحقيق برنامجها لرفع الظلم عن شعبها وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. نحن نتعامل مع حكومة ولا نتعامل مع أحزاب، تماما مثلما لا نقبل ولا تقبل أي دولة في العالم وجود علاقات لدول مع أحزاب فيها. السلطة الوطنية الفلسطينية هي الشرعية الفلسطينية ونتعامل معها. ولنكنْ صريحين، الدول التي تتعامل مع أحزاب هي الدول التي تريد توظيف هذه الأحزاب لخدمة مصالحها وأجنداتها. والتاريخ مليء بأمثلة ذلك. ولم تدعم دولة حزبا في دولة أخرى لسواد عيون ذلك الحزب. نحن لا أجندة لنا سوى مساعدة الشعب الفلسطيني، لاستعادة حقوقه. ونعتقد أن مؤسساته الشرعية هي التي تمثله، وبالتالي ندعمها وندعم برنامجها الذي يستهدف تحقيق الاستقلال والكرامة لشعبها.

*ثمة أصوات تقول بأن الدعم الدولي لعباس يمكن أن يفقده صدقيته إذا ساد الانطباع بأن الدعم الدولي موجه ضد حماس وليس لإحقاق الحقوق الفلسطينية. ما هو الدعم الذي يحتاجه عباس؟

مرة أخرى أؤكد أن من يعمل على تقسيم الشعب الفلسطيني يعرض هذا الشعب إلى المزيد من الكوارث. ورغم وجود دول وفئات لم تتوان?Z في توظيف معاناة الفلسطينيين لخدمة أجنداتها، هنالك كثيرون ممن يعملون بصدق لمساعدة الفلسطينيين، الأردن والسعودية ومصر والإمارات ومعظم الدول العربية والإسلامية، لا تريد لمعاناة الفلسطينيين أن تستمر. والكثير من دول العالم تعرف انه لا استقرار ولا أمن ولا رخاء في الشرق الأوسط، من دون حل عادل ينصف الفلسطينيين. لذلك، نحن نعي أن الدعم الذي يريده ويحتاجه الرئيس أبو مازن هو دعم لإعادة إطلاق عملية السلام ودفعها باتجاه الحل القائم على أساس إنهاء الاحتلال. نحن ندرك أسباب الأزمة وشروط حلها. وفي كل الجهود التي نبذلها نشدد على أن دعم عباس يكون في دعم قضيته العادلة، وتمكينه سبل خدمة شعبه وتحسين ظروف حياته وتلبية حقوقه السياسية.

*هل تتوقعون جلالتكم تقدما في حل الأزمات الإقليمية في العراق ولبنان وفلسطين؟ أم أنها ستشهد المزيد من التوتر والاحتقان هذا الصيف؟

هذا يعتمد على ما يمكن إنجازه خلال الأشهر القادمة حتى لا يشهد هذا الصيف المزيد من الصراعات والتوتر. المشكلة أن كل طرف قلق من الطرف الآخر. لذلك نشهد حالة تعبئة غير مسبوقة. نحن سنكثف جهودنا للإسهام في إزالة التوتر. لكن الأطراف المعنية مباشرة هي القادرة على حل ما يواجهها من أزمات.

ندعم أشقاءنا في العراق بكل طاقاتنا لتحقيق الأمن والاستقرار وتجاوز الفوضى التي تعصف بالعراق وأهله. وندعم استقرار لبنان ونقف إلى جانب كل من يسعى للحفاظ عليه بلدا آمنا مستقرا حيث لا يتدخل أحد في شؤونه. نقف إلى جانب مؤسساته الشرعية، وندعو جميع اللبنانيين إلى وضع مصلحة لبنان واللبنانيين أولا.

وبالتأكيد رسالتنا إلى إسرائيل أن إزالة الاحتلال وإنهاء معاناة الفلسطينيين هي السبيل الوحيد لتحقيق أمنها والاستقرار الإقليمي.

* هل تعتقد جلالتكم أن التوتر في المنطقة هو في أحد جوانبه نتيجة صراع بين برنامجين، أحدهما تدعمه قوى متطرفة، والآخر هو مشروع قوى الاعتدال؟ ما الذي يمكن أن تفعله قوى الاعتدال لتقوي القبول الشعبي لبرنامجها؟

سأتحدث عن برنامجنا ولن أتطرق إلى برامج غيرنا. الأمور واضحة لكل من يريد أن يرى. ما نريده هو بناء الوطن الأنموذج القادر والآمن والديمقراطي، الذي يفتح آفاق الإنجاز أمام كل أبنائه وبناته. إننا ندرك أن أمن المنطقة وازدهارها مترابطان، ولا بد أن يعمل كل من يؤمن بحق الشعوب في الحرية والحياة الكريمة معا، لأجل تعميم ثقافة الحياة ومواجهة كل القوى التي تسعى إلى إشاعة ثقافة العنف وعدم قبول الآخر.

إننا نؤمن أن الإصلاح والتحديث والتطوير حتمية لا بديل عنها. وسنسير في مشروعنا الإصلاحي حتى النهاية. ويخطئ من يقلل من ذكاء الشعوب ويعطي نفسه حق الوصاية عليها.

مشروعنا هو مشروع إصلاحي نهضوي تنويري. ونحن واثقون أنه بوعي شعبنا وانتمائه، فإن مشروعنا لمستقبل الأردن هو الذي سينتصر بإذن الله. والقوى المعتدلة في المنطقة كثيرة. وهي تبذل جهودا كبيرة من أجل ترسيخ برنامجها الذي يستهدف بناء المستقبل الأفضل للناس. والأصوات المعتدلة في النهاية يجب أن تعلو، لأنها تريد مصلحة الناس وخدمة قضاياهم. يجب على دول الاعتدال أن تظل فاعلة وأن تستمر في الحركة والتنسيق واللقاءات من أجل الوصول إلى أهدافها في تحقيق الاستقرار الإقليمي والرفاه لشعوبها. أي تراجع في فاعلية دول الاعتدال سيكون لمصلحة من يعملون على إدامة التوتر. وأؤكد لك أننا سنظل فاعلين.

مشروعنا إصلاحي نهضوي تنويري ... وأعول على الشباب أن يمنحوا أصواتهم لمن يستطيع تحقيق طموحنا الذي هو طموحهم

*ما هو مصير مبادرة السلام العربية في ظل الأوضاع المتفاقمة التي تعيشها المنطقة وما هي احتمالات تحقيق أهدافها؟

استهدفت المبادرة التي جدد القادة العرب تأكيدهم التزامهم بها في قمة الرياض تحريك العملية السلمية، وإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية وللنزاع العربي الإسرائيلي الممتد منذ عقود طويلة. وعملنا بكل تصميم بعد قمة الرياض على تفعيل المبادرة وإنجاحها والترويج لها على مستوى الإقليم والعالم. والتقيت بمفكرين وقادة رأي أردنيين وفلسطينيين وإسرائيليين، لتشجيعهم وحثهم على شرح المبادرة في أوساط القوى المعتدلة في مجتمعاتهم وضرورة تبنيها سعيا لتحقيق السلام وإنهاء حالة الصراع.

على إسرائيل أن توضح ما الذي تريده. إذا كانت تريد سلاما دائما وحقيقيا فعليها أن تتحرك وبسرعة نحو الحل الوحيد (وهو) إقامة الدولة الفلسطينية

وكنا ندرك انه سيكون هناك قوى تحاول إخراج المبادرة عن أهدافها وخلق ظروف تعيق أي توجه للمضي بها قدما. وحذرنا أشقاءنا الفلسطينيين من خطورة الاقتتال والانقسام على مساعي إيجاد تسوية سلمية دائمة للقضية الفلسطينية وإقامة الدولة المستقلة.

ونحن مصممون بالرغم من الظروف الدقيقة الراهنة على مواصلة جهودنا لتحقيق انفراج في عملية السلام يعيد الحقوق إلى أصحابها وينقذ المنطقة من دائرة العنف والاضطراب الآخذة بالاتساع والتشعب. لا بد من مراجعة عاجلة للموقف العربي وتكثيف الجهود على كل الصعد لمنع التدهور الحاصل على الساحة الفلسطينية.

* كيف تنظرون جلالتكم إلى العلاقات الأردنية – السعودية، خاصة في ضوء الزيارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز إلى الأردن؟ وهل وصلت هذه العلاقات إلى المستوى الذي تطمحون به؟

الحمد لله العلاقة استراتيجية. والثقة بيني وبين خادم الحرمين الشريفين قوية للغاية. وإن شاء الله ستكون العلاقة الأردنية - السعودية أنموذجا للعلاقات بين الدول العربية. أنا مرتاح جدا للمستوى الذي وصلت إليه هذه العلاقات. والتنسيق بين الدول العربية المعتدلة في أحسن مستوياته.

زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى الأردن زيارة ناجحة بكل المقاييس. بحثنا كل الملفات بما فيها القضية الفلسطينية والأوضاع في العراق ولبنان. ووجهات نظرنا متطابقة حول كل هذه القضايا إلى حد بعيد. كلانا يرفض التدخلات الإقليمية في هذه القضايا.

ولا بد هنا أن أؤكد تقديرنا وشكرنا لخادم الحرمين الشريفين على وقفته الأخوية الصادقة معنا. فالمساعدات الاقتصادية السعودية لنا ساهمت في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والنقدي في المملكة، ومكنتنا من إطلاق مشاريع تنموية عدة في مناطق الأردن المختلفة. مرة أخرى، علاقاتنا بالسعودية أنموذج للعلاقات العربية. ونحن واثقون بأن هذه العلاقات ستتطور وتتحسن وستكون دائما في خدمة القضايا العربية والإسلامية.

* جلالة الملك، إذا سمحت لي أن أعود للشأن الداخلي وتحديدا إلى موضوع الانتخابات النيابية حيث هناك آراء تقول إن قانون الانتخابات سيفرز مجلس نواب مشابها للمجلس الحالي. فماذا تقولون جلالتكم؟

نحن نسعى دوما إلى تعزيز المسيرة الديمقراطية في الأردن. وما نزال نطمح في أن يكون لدينا أحزاب سياسية لها برامجها وسياساتها الواضحة التي تعنى بهموم الناس المختلفة, الاقتصادية والاجتماعية, من خلال برامج عمل جادة وعملية تطرح أمام الناخبين وتنال إعجابهم وتأييدهم وتسهم في تعزيز مسيرتنا الديمقراطية وترسيخ مبدأ المشاركة والتعددية. ونحن نتطلع إلى أن تتشكل لدينا حياة حزبية حقيقية وفاعلة، بحيث تكون الأحزاب قادرة على فرز نواب على أسس حزبية وسياسية. ولكن للأسف الشديد، ما يزال عدد كبير من الأحزاب غير قادر على تفعيل دوره على الساحة السياسية، أو تشكيل قناعات لدى الناس بأهمية المشاركة في العمل الحزبي.

ونحن في النهاية نريد برلمانا قويا، يكون بحجم تطلعاتنا وطموحات شعبنا وبحجم التحديات التي تواجهنا. ودوما نراهن على وعي أبناء وبنات شعبنا في المشاركة في صنع القرار من خلال اختيار من يرون أنه الأصلح والأنسب لهذه المرحلة. الانتخابات قادمة هذا العام. قلت منذ البداية إنه ستكون هنالك انتخابات بلدية ونيابية. وهذا ما سيحدث.

نريد ان تدفع الانتخابات الأردن بالاتجاه الصحيح. المواطن يملك القدرة على التمييز بين من يستطيع أن يخدم مشروع التطوير والنهضة وبين من يعيقه. نريد أن تسهم أصوات الأردنيين في تجاوز السلبيات والتحديات التي نواجهها وتواجه المنطقة.

وأوجه هنا رسالة إلى شبابنا الأردني. فأنا أعول عليهم بأن يشاركوا بكثافة في الانتخابات ومنح أصواتهم لمن يستطيع تحقيق طموحنا الذي هو طموحهم ورؤيتنا لبناء الأردن التي هي رؤيتهم. وأنا ألتقيهم دائما. وكلما أجلس معهم يرفعون معنوياتي. أنا أعول عليهم. وعندما أجلس مع الشباب أتفاءل بمستقبل الأردن. ومستقبل الأردن يتطلب أن تترجم الأقوال والرؤى والأفكار إلى أفعال ملموسة. والمشاركة في الانتخابات خطوة مهمة نحو ترجمة هذه الرؤى.