قرار دخول الأردن في حرب ضد داعش هو أصل الحكاية

mainThumb

28-12-2014 08:11 PM

يلتف الأردنيون اليوم حول قضية الأسير الطيار معاذ الكساسبة وهم بذلك يجسدون قيمنا الأصيلة التي تدعو إلى التكاتف والتوحد عندما تداهمنا الملمات والتحديات .

بعض الأردنيين صبوا جام غضبهم على تنظيم الدولة الإسلامية بسبب إسقاط الطائرة الأردنية وأسر قائدها في حين تداول مواطنون آخرون قصصا وأحاديث وعبروا عن مشاعر صادقة ولكن يغلب عليها الجوانب العاطفية .

والحقيقة أنه وفي هذا الخضم من الهرج والمرج يغفل الأردنيون أن الاردن في حالة حرب مع داعش وهو جزء من التحالف الغربي ضد داعش أو على رأي قبطان السياسة الأردنية ناصر جوده "الغرب هو الذي دخل مع الاردن في حرب ضد داعش"!!!.


القضية أن أسر الطيار الكساسبة هو نتاج لقرار دخول الاردن في مواجهة مع تنظيم الدولة ، والحرب فيها قتلى وأسرى وتدمير فالطيار الكساسبة كان في مهمة قتالية ضمن سرب جوي للتحالف يقذف أهداف لداعش بقصد تدميرها وقتل أكبر عدد ممكن من مقاتلي هذا التنظيم .

نعتقد أنه في الأيام والشهور القادمة سيتكرر مشاهد كثيرة للمواجهة ولا نستبعد أن تكون مواجهة مباشرة بين قواتنا المسلحة ومقاتلي تنظيم الدولة على حدودنا مع العراق وسوريا .

من هنا نعتقد بأن دخول الاردن في حرب مع داعش دون تفويض من قبل الشعب أو ممثليه هو الذي يشكل أصل الحكاية وهو الذي وضع الأردن في حالة مواجهة مع تنظيم الدولة الذي لم يستهدف الاردن أصلا .

 ما زلنا نعتقد بأن قرار دخول الحرب مع تنظيم الدولة لم يكن قرارا يحقق مصالح الشعب الأردني ولا يخدم أمنه وأمانه لا بل فهو قرار عرض أمننا الى الخطر وأسيرنا معاذ الكساسبة هو ضحية لمثل هذا القرار ويمكن أن نشهد في الشهور القادمة تفاقم ومواجهات يترتب عليها خسائر أكبر.


لا نعلم فيما اذا استشار أولي الأمر في الأردن فقهاء الدين ورجال الشريعة للحصول على الرأي الشرعي في الانخراط في حرب مع عشرات الدول غير الإسلامية ضد فرقة إسلامية!! وهل استشار مثلا قاضي القضاة إمام الحضرة الهاشمية الدكتور أحمد هليل وكذلك مفتي المملكة الشيخ عبدالكريم الخصاونة وغيرهم من الفقهاء لإبداء رايهم الشرعي في دخولنا في حرب مع تنظيم الدولة؟؟ .

وإذا كان أولي الأمر في المملكة لا يستشيرون الشعب في قرار خطير وهام كقرار الدخول في حرب مع داعش وإذا كان لم يستشير الفقهاء والأئمة ورجال الشرع فمن يا ترى الذي يشير ؟ وكيف يمكن للشعب أن يتحمل تبعات قرارات لم يشارك بها؟ .

الحكومة البريطانية خاضت جدلا كبيرا مع مجلس العموم على مدار أكثر من ثلاث أسابيع بشأن التدخل في الحرب ضد تنظيم الدولة وقد تمخض عن هذا النقاش أن سمح المشرعين البريطانيين للحكومة بالتدخل المحدود جدا في الحرب وفي العراق فقط وحدد التفويض مجالات التدخل وحدوده وينطبق هذا على تفويض الكونجرس الأمريكي للرئيس أوباما في التدخل المحدود في الحرب على تنظيم الدولة.

لا نعلم نحن في الاردن كيف دخلنا ولماذا وبتأثير من ولكن الذي نعلمه بأنه علينا تحمل نتائج هذا القرار.

 نسبة من الاردنيين لا ترى في تدخل الاردن ضرورة أو جدوى تذكر لا بل يعتقدون أن هذا القرار يعرض الاردن لمخاطر أكثر من كل الدول المشاركة في التحالف لكون الاردن له حدود برية مع العراق وسوريا ولكون الاردن أصبح قاعدة لانطلاق العمليات القتالية الجوية للتحالف من أراضيه.

لن تتأثر الولايات المتحدة وبريطانيا واستراليا والامارات وغيرها من الدول في حالة تأزم الموقف وتسارع انتشار تنظيم الدولة وازدياد مكاسبه وقوته على الارض وكل ما على هذه الدول أن تفعله هو أن لا ترسل طائراتها لمهمة قتالية أخرى .

أما الاردن فقد أصبح هدفا لداعش بعد دخوله في التحالف وهو على مقربة من المواقع الارضية لتنظيم الدولة كما أن داعش تحظى ببعض بؤر الدعم والتأييد من تنظيمات وجهات سياسية في بعض المدن الأردنية .

التحالف الغربي لن يتمكن من القضاء على تنظيم الدولة الذي يتبع استراتيجيات توحي بأنه يهيئ لقيام دولة ومؤسسات واقتصاد .تنظيم الدولة ليس القاعدة وليس جماعة بوكوحرام أو جماعة أبو سياف في الفليبين وإنما هو تنظيم يؤسس لدولة وقد أصدر عملة ووثائق سفر وبطاقات شخصية ويضع إعلانات لتوظيف خبراء النفط والغاز .

نعم تنظيم الدولة الإسلامية ارتكب وما زال يرتكب أخطاء جسيمة تتعلق بجز رقاب وسبي النساء وتشريد الإيزيديين وتفجير بعض المقامات والمساجد ولكن هذه الأخطاء لم تقلل من تزاحم الشباب من كافة الملل والنحل للانضمام الى صفوفه.

على الحكومة الأردنية أن تراجع مواقفها وتضع مصالح الشعب الأردني العليا نصب أعينها ونعتقد بأن التراجع عن الخطأ هو خير من الإمعان فيه.


نسأل الله أن يحمي الأردن وابن الأردن الأسير معاذ الكساسبة وأن يعيده لأهله سالما.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد