ذكريات مع ( حماري أبو سعدة )

mainThumb

09-03-2015 08:42 PM

قال لي شيوخي في الأدب تَوَجَّه إلى البصره :

لَعَلَّكَ تُحَصِّلُ علوماً جَمَّه ، فالزيادةُ من الأدب ؛ تَجْعَلُكَ في نظر الناس من العَجَب ، فعزمتُ الرَّحيل ، وأخذتُ قربة ماءٍ وتمراً ومن الوالدين باء . ولم أجدْ رَحولةً إلا حمارا عليه من ثِقَلِ الدَّهر شقاء ، وفي أذنه شَرْمٌ من الكِدادِ يوم السِّفاد ، فهو مُغْرَمٌ بذاك ؛ لأنَّه مخلوقٌ للخدمة ، والضرب عند العِناد ، فسرنا قاصدين البصرة من طريق الشرق نمخرُ البوادي والقرى ، ونمُرُّ على الرِّعاء ، فكان حماري كلما رأى أتانا طَرَّب نهيقا يُشْبِهُ الغِناء ، يُغازلُ كأنَّه ذو الرُّمَّة مع خرقاء . فكنتُ أخجلُ منه لِقِصَره وسواده فهو من حمير النوبةِ الفدعاء ، ولكني أشفق عليه أحيانا لِكَيَّةٍ في عنقِهِ على رسم ( اتشي ) وقولي له : ( جي ) !!

هذا حماري يا قومُ ، فهل يوصِلُني إلى البصرة بسلام ؟! أم أنَّ السُّبُلَ ستنقطعُ بي وبهِ ؛ ونقول على الدنيا السَّلام ، فَعَنَّ لي هاجِسٌ أنْ أُكْنِيْهِ أبا سَعْدَهْ ، وإذا وصلتُ البصره ودار الخلافة سأعقد قِرانه على أَتَانٍ وَسْمُها ( اتشي ) وشعارها ( جي ) ؛ إكراما ، ووليمتُه يوم عُرْسِهِ شعيرٌ ، وتِبْنٌ وسطلُ ماء .
 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد