الاقتصاديات العقارية

mainThumb

30-06-2009 12:00 AM

تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن حركة التداول بالعقارات بيعاً وشراءً هبطت خلال الشهور الخمسة الأولى من هذه السنة بنسبة 34% ، وأن نشاط الإنشاءات ارتفع بشكل ملموس لدرجة أن شركة مصانع الإسمنت الأردني لم تعد قادرة على تلبية الطلب على الإسمنت ، فكيف نفسر هذه المفارقة؟.

التفسير واضح ، وهو أن دورة الإنتاج العقاري طويلة ، وتمتد فترة تنفيذ المشاريع إلى سنتين أو أكثر ، ومعنى ذلك أن الأزمة الراهنة ، التي لم تكن متوقعة قبل سنة واحدة ، قد فاجأت المشاريع العقارية وهي في مراحل مختلفة من الإنجاز ، فلم يكن لدى أصحابها من خيار سوى الاستمرار في البناء واستكمال المشروع.

إذا صح هذا التفسير المنطقي ، فإن هبوط نشاط الإنشاءات مؤجل لبعض الوقت ، عندما تكتمل المشاريع الحالية ولا تجد طلباً كافياً عليها. أي أن الهبوط في الطلب على الإسمنت سيحدث في الوقت الذي تدخل فيه السوق شركات جديدة لإنتاج الإسمنت ، مما يهددها بالتعثر وهي في أول الطريق.

الدورة الطويلة نسبياً للإنتاج العقاري هي العامل الأول في تكوين الفقاعات وخلق الأزمات ، ذلك أن تعديل كميات الإنتاج يحتاج لسنة أو سنتين بعد هبوط الطلب واتضاح وجود فائض لا يجد المشتري أو المستأجر.

الصناعة تتمتع بقدر من المرونة لأنها تستطيع تخفيض الإنتاج عندما تلاحظ هبوط الطلب ، وقد فعلت ذلك. والتجارة تتمتع بقدر أكبر من المرونة لأنها تستطيع أن تؤجل الاستيراد وتلجا لمخزوناتها لفترة ما ريثما تتضح الصورة ، وهذا ما حصل.

أما العقارات فهي مثل الزراعة لا تتمتع بالمرونة ، ولا تستطيع التجاوب مع الأسواق في المدى القصير. إن وجود آلاف الشقق والمكاتب الفارغة لن يمنع مستثمر عقاري من إكمال مشاريعه لبناء المزيد من الشقق والمكاتب طالما أنه تورط.

من هنا أيضاً يصبح التمويل العقاري ذا مخاطر عالية ، ومع أن البنوك لا تمول أكثر من 70 إلى 80 بالمائة من مشروع عقاري ، إلا أن الأسعار قد تهبط إلى ما دون هذه النسب ، فيتحول القرض الجيد إلى قرض غير عامل.

الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية انطلقت في أميركا من القطاع العقاري وتمويله. وامتداد الأزمة عندنا يكاد يقتصر على القطاع العقاري ، وبالتالي فإنه غير جدير بالتشجيع ، لا في مجال الضرائب ولا في مجال التمويل المصرفي.الرأي



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد