مدخل إلى التثوير!
وهكذا يمكن أن تسيطر الرؤية اليسارية على عقول الطلاب بشكل حاسم حتى في أعرق الجامعات. ويقول فيرغسون إنه حضر مرة بديلاً لأحد الأساتذة في جامعة بيركلي، وأشار إلى الأسباب الدينية خلف تفجيرات 11 سبتمبر (أيلول). شعر على الفور بتململ وعدم ارتياح الطلاب من هذه الحقيقة، مفضلين عليها أسباباً أخرى حُقِنت برأسهم، بينها أنها كانت ردةَ فعلٍ على «الإمبريالية» الأميركية.
ولهذا يقول مؤخراً بخيانة الأكاديميين في الجامعات بسبب انحيازاتهم الحزبية والسياسية الواضحة، وأصبحوا عقائديين هدفهم أن يحقنوا الطلاب بأفكارهم ويخلقوا منهم نسخاً مصغرة عنهم بدل أن يعلموهم طرق التفكير النقدي والعلمي من دون أن يفرضوا عليهم أجنداتهم. ولكن صعود اليسار وتحول الجامعات الأميركية بشكل مزداد إلى بؤر لها سينتج بلا شك نتائج مضرة. ولا يتعلق فقط الأمر باليسار، ولكن أيضاً في اليمين، حيث ازدهرت الأطروحات اليمينية بالجامعات الألمانية في الثلاثينات من القرن الماضي، وسيطرت على الجامعات العريقة وأقصت كل الأطروحات الأخرى، وأسهمت بصعود اليمين المتطرف الذي انتهى بصعود النازية وزعيمها. طهرت الجامعات من الأصوات المختلفة وحل مكانها، لأسباب آيديولوجية ومصلحية، أصوات اليمين العنصري البغيض.
وبحسب تجربة شخصية، فقد شهدتُ كيف تغمر أطروحات اليسار عقول الطلاب المبهورة والعاجزة عن المقاومة. ففي الجامعة التي درستُ فيها أخذتُ كثيراً من الدروس في التاريخ ووجدتُ المحاضرة الأميركية معادية بحدة وتطرف لسياسات بلادها، من دون أن تذكر أي حسنات وإيجابيات لها. أخذنا دروساً عديدة عن حرب فيتنام والمآسي التي حدثت بها، وشاهدنا الوثائقي الذي يظهر فيه وزير الدفاع، روبرت مكنمارا، دامع العينين متحسراً على بعض قراراته. وجهة نظر قد تكون صحيحة لكنها تنسى الجانب الآخر من العملية، وهي أن الولايات المتحدة قد شكلت وجه العالم الحديث الذي نعيش فيه بالقوة أحياناً والدبلوماسية أحياناً أخرى، ولعبت دوراً حاسماً بمنع اندلاع حروب عالمية جديدة منذ أكثر من 70 عاماً.
فقد قضتْ على النازية والشيوعية والفاشية والقاعدة، وساندت المسلمين في البوسنة والكويت وقتلت أخطر ثلاثة إرهابيين في العصر الحديث؛ بن لادن وسليماني والبغدادي. كل هذه الأخطار كانت ستغير وجه العالم اليوم لو لم تُكافَح ويتمُّ القضاء عليها بفعل هذه القوة. ولكن من الصعب أن تطرح نقاشاً حراً في كليات تحقن الطلاب بوجهات نظر تحولها إلى حقائق مسلم بها. وبالتأكيد لأميركا جوانبها المظلمة الداخلية من العنصرية المشرعة في القرن الماضي والأخطاء الكارثية في العراق وأفغانستان. ولكن من المهم أن النقاش الموضوعي القائم على الحقائق وليس العواطف يدفع إلى مزيد من الموضوعية في الحكم.
والشيء ذاته يحدث في استهداف العلاقة بين دول الخليج وواشنطن ووصفها بـ«البترودولار»، على الرغم أنها أسهمت في استقرار منطقة ملتهبة سياسياً، ولعبت دوراً محورياً في ازدهار الاقتصاد العالمي بالعقود الأخيرة. ولأول مرة عرفت في محاضرة أن العبودية ما زالت مستمرة في الخليج، ولكن المحاضر كان يقصد العمالة المنزلية! ولكن اختيار مصطلح «العبودية» يداعب المخيلة الأميركية ويرسخ الفكرة المطلوبة بطريقة أسرع.
ولا تتوقع أن تصل ذيول هذه الآيديولوجيا الفكرية إلى تخصصات تقنية عملية، مثل الإنتاج الإعلامي ولكني كنتُ مخطئاً. من بين المناهج التي رغبتُ بدراستها تاريخ الميديا الأميركية، ولكن الإحساس بلذة الاكتشاف والتعرف على ضخامة هذه الميديا تلاشى سريعاً. المحاضرات أصبحت جلسات زرع العقيدة اليسارية أو ما يسمى الآن «اليقظة» (Wokisim) في العقول والأفئدة. فقد تحولت الدروس إلى محاكمات ونبش للأفكار والإيحاءات العنصرية المستترة في ثنايا المقالات والوثائقيات والأفلام والمسلسلات. بعضها صحيح إلا أنها ترتكز أيضاً على قراءات مبالغ بها تحركها البرانويا ومهجوسة بالحس المؤامراتي الشرير أكثر من الحقائق. ومن الغرائب أيضاً ما سمعته في درس لأستاذ شديد اليسارية، يهدف إلى فهم حركات الاحتجاج واتباع أساليبها الصحيحة لها. مادة عن العدالة الاجتماعية تحولت إلى مدخل إلى التثوير!
في كلية الاقتصاد كان الوضع مختلفاً، ولأول مرة نسمع عن مفكرين اقتصاديين كبار، مثل فريدريك حايك، ومليتون فريدمان، وتوماس سويل. السبب لأن الكلية مشهورة بإيمانها بمبدأ السوق الحرة، وكفّ يد الحكومة عن التدخل بالاقتصاد، وضد الحد الأدنى للأجور، وكل هذه الأفكار معارضة للعقيدة اليسارية المتطرفة. ولكن الكلية تعرضت لهجوم عنيف مؤخراً بسبب نهجها الفكري، وتمَّ التشكيك بأموال المتبرعين لها والهدف هو أيضاً إخضاعها لعقيدة فكرية.
وبسبب طغيان مثل هذه الآيديولوجيا المغلقة الحادة تعرض كثير من المفكرين والصحافيين والكتاب إلى الاستهداف والتضييق، وحرموا حرفياً من إقامة محاضرات مفتوحة. ولا تتوقع أن شيئاً مثل هذا يحدث في الولايات المتحدة، ولكن تشهد بين فترة وأخرى أعمال عنف وحرقاً من قبل طلاب بجامعات شهيرة بعد الإعلان عن استضافة شخصيات ذات توجهات فكرية مختلفة عن الآيديولوجيا الفكرية السائدة.
وبالطبع تمتد هذه الأفكار لتصل إلى عالمنا، وهناك من يدعو لها بصراحة، سواء إيمانها بها أو لأهداف شخصية بحثاً عن شهرة أو شعبية، وليس غريباً أن تستغل أكثر القضايا الإنسانية عدالة بحثاً عن المال والنجومية أو المناصب السياسية. وبعد أن يتم استثمارها وتنتهي الحفلة يبدأون بتدخين السيجار الفاخر على جثث الأطفال المطمورة تحت الركام.
انعقاد اجتماعات اللجنة العليا الأردنية الكويتية اليوم بالكويت
الكشف عن القضية الوحيدة العالقة أمام هدنة غزة
الذكاء الاصطناعي يقود التحوّل المصرفي
قراءة نقديّة لرواية أصدقاء ديمة للكاتبة الأردنيّة الشّعلان
ممالك قوم لوط الأردنية من 4000 ق.م إلى 1600 ق.م للمؤرخ العبادي
الإعلان عن نتائج الشامل للدورة الربيعية بهذا الموعد
ماذا دار بين ترامب ونتنياهو خلال 90 دقيقة
زمن النص القرآني والخطاب النبوي
وقف ضخ المياه عن مناطق في المملكة .. أسماء
الأشغال تدعو مرشحين للإمتحان التنافسي .. تفاصيل
مهم بشأن ارتفاع أسعار اللحوم والزيوت ومنتجات الألبان
1039 قطعة أرض للمعلمين في سبع محافظات
بحيرة طبريا تقترب من أسوأ مستوى في تاريخها
التسعيرة المسائية للذهب في الأردن .. تفاصيل
التربية .. بدء استقبال طلبات التعليم الإضافي الخميس
بتوجيهات ملكية .. طائرة إخلاء طبي لنقل عائلة أردنية من السعودية
الحكومة تمنح قروضاً بلا فوائد لهذه الفئة
منح الجنسية الأردنية لكل مستثمر يعمل على تشغيل 150 عاملاً أردنياً
محافظ الكرك يوقف برد الشفا بسبب منشور الكحول
وفد سوري يزور محطة الباص السريع في عمّان .. صور
تحذير مهم من مهرجان جرش للجمهور