أين النخب الاردنية؟

mainThumb

08-09-2009 12:00 AM

جهاد المومني
نفكر بصوت عال، وننضم لقائمة من يتساءلون هذه الايام بمرارة عن اسباب حالة العقم التي نعانينها كمجتمع وكدولة في انجاب النخب السياسية في بلدنا حتى بلغنا حد الحاجة للحكماء وقادة المجتمع ورجالات الدولة الذين استند الاردن على اكفهم في جميع معارك البقاء والبناء، ولسنا نعترض على هذه المعادلة التي تعني التداول كقاعدة أساسية للعمل والبذل والديمومة للدولة وللامة باجيالها المتتالية،ولكننا نتساءل عن خلل عطل عملية تداول الحكمة والقيادة على مستوى القرية والمدينة والمحافظة ، واصاب مدرسة الخبرة الوطنية في مقتل تعجز محاولات الاصلاح الطارئة عن مداواته بعدما اصبح المجتمع الاردني عازفا عن السياسة ومدارسها وفي الوقت نفسه تحول الى حالة من العزوف عن تحمل المسؤوليات الوطنية وهذا ما يفسر التراجع الكبير في نسب المشاركة في الانتخابات على اختلافها، وهذا ايضا ما يفسر التراجع على صعيد المشاركة ولو في ندوة او محاضرة او حتى مشاهدة برنامج تلفزيوني يبحث الشأن السياسي الداخلي، اما الملاحظة الاخطر فتشير الى رسم بياني يظهر مستوى التطور السياسي في البلد لنجده ينحدر نزولا منذ العام 1993 تقريبا- اي نهاية دورة برلمان عام 1989 - وحتى اليوم، اما الوضع القائم فينبئ بأن الخط البياني سيواصل الانحدار ليسجل تراجعا كبيرا على صعيد التنمية السياسية ومبدأها الأساسي مشاركة الجمهور ومساهمته في التغيير المنشود، اما اداتها الرئيسية فالنخب التي غابت او انها فقدت كل امل في التغيير وكل فرصة في الاصلاح، الواضح ان أحدا لا يرغب بالمشاركة لا في الاحزاب تمشيا مع قاعدة الديمقراطية رقم واحد وهي التعددية والطموحات المشروعة للوصول الى موقع صنع القرار او المشاركة فيه، ولا في المجتمع المحلي على اساس الغاية في احداث الفرق والتحول الى علاقة المواطنة بين الدولة واصحابها على اساس المنفعة المتبادلة فالمكاسب تسبقها التزامات وواجبات وما من وسيلة اخرى لجعل الولاء مقنعا والانتماء راسخا.

ثمة حالة من الاحباط قد يكون المذنب فيها أكثر من طرف ولكل مصلحته الخاصة في غياب مؤسسات التأهيل الوطني او احتكارها او تعطيل اهم خط انتاج لها بحيث لا تتوفر البدائل والكوادر المؤهلة وظيفيا ووطنيا او رسم صورة بهذه المواصفات امام صانع القرار ومتخذه، وفي ظل هكذا ازمة صامتة ولكنها مرئية للعيان تزدحم الساحة بالاحزاب ولكنها تخلو من القيادات الحزبية الفاعلة والافكار الحيوية القابلة للتنفيذ، وينتاب الناس شعور عام ودائم بالفراغ وهي الحالة التي نمر بها الآن، فبالرغم من هذا التكاثر غير الطبيعي للاحزاب يشعر الاردني انه ما من حزب لينتمي اليه ولا حاضنة فكرية تأويه، ولا مرجعية يلوذ بها ويستأنس برأيها وتوجهاتها، اما على المستوى التشريعي فالمؤسسة البرلمانية القائمة تصنع منذ برلمان عام 1989 وحتى اليوم زعيما واحدا يجمع بين النجومية في عمان والوجاهة في منطقته ليعلم الجيل من بعده كيفية اداء الدور، فمن تقاليد البرلمانات انها تصنع القادة من رحم المجتمع ومكوناته ولا تستنسخهم من القوائم المعروضة مثلما انها لا تصطف وراء هذا او ذاك بل تقف الى جانبه، والبرلمانات في كل الديمقراطيات تضع تقاليد مقدسة في المنافسة على مقدمة الصفوف من اجل ترسيخ الديمقراطية لا تقزيمها وخصخصتها لجعلها مقتصرة على اسم واحد او تيار، فالوجه المشرق لأي امة يقاس بمقدار ما انجبت وما تملك من الاسماء الكبيرة اللامعة والمؤثرة في التنمية والديمقراطية ومستوى الحريات على اختلافها وفي الثقافة والفن والرياضة وغيرها من ميادين القيم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
الراي


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد