دمشق - الرياض .. أزمة على أزمة

mainThumb

17-08-2007 12:00 AM

تحوّل الخلاف السوي - السعودي المضمر إلى حرب كلامية بين العاصمتين ، فالانتقادات الحادة التي وجهها نائب الرئيس السوري للدور السعودي المشلول والمستكين ، ردت عليها الرياض ببيان عنيف حمّلت فيها القيادة السورية مسؤولية الخروج عن الإجماع العربي وزرع الفتن والقلاقل في المنطقة.
تصريحات الشرع تشبه من حيث قسوتها وتوقيتها خطاب "أنصاف الرجال" الشهير الذي أطلقه الرئيس الأسد مقيما حرب تموز ـ آب في لبنان ، وتسبب في حينه بحدوث "أزمة على أزمة" في العلاقات السورية السعودية ، وكانت له ظلال كثيفة وكئيبة على قمة الرياض ، أما تصريحات الشرع فتضيف على العلاقات السورية السعودية "أزمة فوق أزمة" والأرجح أنها قررت مصير قمة دمشق من الآن ، فالقمة قد لا تعقد أبدا ، أو لا تعقد في العاصمة السورية ، وفي أحسن الحالات سيكون المقعد السعودي على مائدة القمة فارغا ، تماما مثلما كان عليه في مؤتمر دول جوار العراق الذي عقد في دمشق مؤخرا.
حرب دمشق - الرياض الباردة ، تتنفس على شكل مواجهة ساخنة في لبنان ، فما لم يقله المسؤولون في العاصمتين العربيتين الكبريين لأسباب شتى ، أو يعرضون له بخطوطه العريضة ، يقوله ممثلوهم وأعوانهم في لبنان ، ومن يتابع الحرب الساخنة بين تيار المستقبل وبعض حلفائها من جهة ووئام وهاب وناصر قنديل وإلى حد ما قناة المنار من جهة ثانية ، يرثي لحال لبنان ـ الساحة المفتوحة لحروبه وحروب الآخرين فيه وعليه.
والمأمول حقا أن يتنفس هذا الخلاف على الساحة الفلسطينية المشتعلة والمنقسمة أصلا ، فيكفي الفلسطينيين ما هم فيه وعليه من خلافات وانقسامات ، يكفيهم ما يواجهون من أخطار وتحديات ، والأرجح أنهم ليسوا بحاجة لصب المزيد من الزيت السوري - السعودي الساخن على نار خلافاتهم.. المأمول حقا أن يستجيب الفلسطينيون للدعوة غير المباشرة التي تضمنها البيان الرسمي السعودي "للإخوة الفلسطينيين" لتوضيح حقائق ما جرى في حوارات مكة واتفاقها ، فالاتفاق أخفق في درء الانقسام ، وهو بات نسيا منسيا ، وإن كنا بحاجة لاستحضاره وسيلة وأداة لاستعادة الوطنية ، فالمؤكد أننا لا نريده أداة أو سببا لتعزيز الانقسام.
الخلاف السوري - السعودي مؤسس على وقوف النظامين على أرضيتين وفي موقعين وخندقين مختلفين ، دمشق تنتمي لمحور ممتد من طهران إلى غزة ، والرياض جزء من معسكر "الاعتدال" والرباعية العربية ، ويفصل ما بين المعسكرين "جرفّ قارّي" عميق.
والأرجح أن شقة الخلاف مرشحة للتوسع أكثر فأكثر على مستوى الإقليم برمته ، بدءا من لبنان الذي يقترب من لحظة الحقيقة والاستحقاق ، سواء على مسار الانتخابات الرئاسية أو على خط التحقيق في جريمة اغتيال الحريري ، وعلى كلا المسارين تقف دمشق والرياض على طرفي نقيض.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد