نادي سادة العالم

mainThumb

16-06-2007 12:00 AM

عماد عبد الرحمن*
 

يجتمع هذه الأيام نادي "سادة العالم" في منتجع هياليجندام شمال ألمانيا،وسط أنباء عن "قمة صعبة" لنادي الثمانية الكبار،والغريب ان الصعوبة التي تحدثت عنها المستشارة الألمانية انجيلا ميركل لا تتعلق باستمرار تأزم الوضع في العراق وفلسطين، بل ترتبط هذه الصعوبة في الإتفاق على رؤية موحدة تجاه قضية او ظاهرة "التغير المناخي" ام ما يعرف بالإنحباس الحراري،وأزمة نشر الصواريخ وسط أوروبا وقضايا مصلحية أخرى.

كنا نتوقع ان تكون هذه القمة العالمية التي تجمع كلا من بريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وايطاليا واليابان وروسيا والولايات المتحدة، فرصة جيدة لزعماء العالم للبحث في كيفية تقليص الفجوة بين العالم الغني والمتقدم من جهة، والعالم الثالث "الفقير" من جهة أخرى، خاصة بعد ان أشبعت شعوب العالم الثالث وعودا بلا تنفيذ،وكلام وبيانات تدغدغ العواطف حول "شفقة" العالم الغني لما يكابده العالم الثالث من فقر وجوع وعوز وتخلف.

والغريب ان جدول اعمال هذه القمة لا يتضمن بحث الوضع المتأزم في العراق او في فلسطين بسبب الإحتلال الأجنبي،وما ينجم عن ذلك من مآسي وكوراث بفعل حالة الفوضى واللامبالاة الموجودة لدى نادي"سادة العالم" تجاه هاتين المسألتين الحيويتين لإزدهار وتقدم منطقة الشرق الأوسط الملاصقة لأوروبا،والقريبة ايضا من الولايات المتحدة من حيث الترابط الإقتصادي والحيوي على الرغم من آلاف الأميال التي تفصلها عنها.

لم يعد هناك فرق بين السياسة والاقتصاد، بل على العكس فإن غالبية الإستراتيجيات السياسية للدول الكبرى تبنى في الأساس على المصالح الإقتصادية، بدليل لن تأسيس مجموعة الدول الست عام 1975،والتي أصبحت الآن مجموعة الثمانية،جاء عقب أزمة النفط عام 1973،لبحث كيفية مواجهة التحدي الذي فرضته الدول العربية بوقف تصدير النفط الى الدول الصناعية بسبب دعمها اللامحدود لإسرائيل.

لقد آن الأوان لإعادة النظر بأهداف وآلية عمل هذه المجموعة اذا ما أرادت ان تنجح فيما تعهدت به قبل نحو 32 عاما عندما اجتمعت ست دول لرسم استراتيجيات جديدة ومستقبلية للاقتصاد العالمي في ظل تواتر الأزمات الاقتصادية العالمية،ثم توسعت لتضم دولتين جديديتين هما كندا وروسيا، لكن هذه القمة التي تعقد سنويا،لم تنجح في تقليص الفجوة بين العالم المتقدم والعالم الثالث على العكس، عملت طوال العقود الماضية على نشر وفرض "العولمة" من خلال فتح الأسواق امام السلع الأجنبية ،على هذه الدول دون ان تقدم للآخر ما يعينه على تحمل كلف ونتائج سياسة "العولمة" القادمة من وراء المحيطات،الأمر الذي افقدها مصداقيتها أمام دول العالم وحتى أمام شعوبها التي تخرج في كل عام في تظاهرات حاشدة لرفض برامج ومخططات واستراتيجيات هذه المجموعة.

في مطلع عام 2000 اتفق سادة العالم وبمناسبة الألفية الثانية على محاربة الفقر والعوز والمرض والتخلف في الدول النامية بما عرف ب"أهداف الألفية" آنذاك ،ووضعت هذه الدول سقف زمني لحل هذه المشكلة تنتهي المهلة في العام 2015،والآن بعد مضي سبع سنوات على انطلاقة الألفية،يلاحظ اتساع الفجوة بدلا من تقليصها ،فلم يعد تحقيق العدالة في العالم او جزء منها أمر اختياري او رفاهي ، فقد أصبح موضوع محاربة الفقر والمرض والعوز لا يرتبط فقط بتحقيق العيش الكريم للشعوب،بل اصبح مسألة مهمة وضرورية لتحقيق السلام والاستقرار في العالم.

لقد آن الأوان لهذه المجموعة الغنية ان تتوقف عن إعطاء الدروس والنصائح للدول الفقيرة، وحتى المساعدات المالية والإقتصادية للدول الفقيرة لم تعد تكفي،اذ انها لا تزيد على ما نسبته 1-1000 من مجموع دخل الدول الغنية المانحة ،وهذه المساعدات مهما عظمت لن تمكن الدول الفقيرة من انهاء فقرها وتخلفها اذا لم تتوفر نوايا حقيقية لدى الدول الصناعية بكف يدها،ووقف التدخل في شؤون العالم الثالث سياسيا وعسكريا واقتصاديا واجتماعيا وحتى دينيا.
 
* صحفي اردني




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد