اوباما يقوم بترتيب المقاعد في المكتب البيضاوي

mainThumb

06-03-2009 12:00 AM

واشنطن: مانويل رويغ*
لا يوجد وقت للتحقق من جودة الإضاءة، ولتنس?Z العبث بالعدسة وتنظيم المكونات.

تداعب الصورة الفوتوغرافية التي التقطها بيت سوزا الشبكية لحظة من وراء الحجب تحمل أكبر قدر من المتعة والمفاجأة. ها هو الرئيس أوباما، زعيم العالم المزدهر الحر، يعيد الأريكة إلى مكانها بعد التقاط صورة روتينية في المكتب البيضاوي! ألا يجد الرئيس أشخاصا يقومون بهذا النوع من الأشياء؟ ألا يوجد لدى مساعديه أشخاص يمكنهم التعامل مع هذه المهام الروتينية الصغيرة؟

حتى سوزا، «المحنك القديم» في فن التصوير السياسي كما يطلق عليه مصور التايم السابق ديرك هالستيد، لم يصدق ذلك.

ويقول سوزا، الذي أصبح المصور الرسمي للبيت الأبيض تحت رئاسة أوباما في شهر يناير (كانون الثاني)، بعد عقدين من القيام بهذه المهمة مع ساكن آخر في المكتب البيضاوي يتميز بوجه متألق أمام الكاميرا، رونالد ريغان: «لم أكن أتوقع هذا. لا يعيد الرئيس الأميركي قطعة أثاث إلى مكانها».

حسنا، ولكنه يفعل، والصورة التي التقطها سوزا تخبرنا بذلك.

إن سوزا هو المصور الذي يمكنه أن يظل في الحجرة عندما يخرج المصورون، بل عندما يخرج الجميع. ويقول سوزا، الذي يبلغ من العمر 54 عاما، وهو ذو عينين سوداوين وأنف بارز وملامح غليظة: «لا أدري إن كانت عبارة (ذبابة على الحائط) أصبحت مكررة».

في ليلة التنصيب وقف أوباما يتباهى في سترة السهرة في أحد أروقة البيت الأبيض أمام ابنتيه ساشا وماليا، وكان سوزا هناك والتقط الصورة. رئيس الولايات المتحدة يتفاعل في أثناء مشاهدة مباراة السوبر باول في البيت الأبيض، والتقطت الصورة. وصورة أخرى وهو جالس مسترخٍ في المكتب البيضاوي.

ما دامت هناك كاميرات فسنكون في حاجة إلى صور زعمائنا، ووفقا لسجلات البيت الأبيض كان جيمس كيه بولك، في نهاية الأربعينات من القرن التاسع عشر، أول رئيس تلتقط له صورة بعد تولي منصبه. ولكن لم يحدث قبل الستينات أن أضفى البيت الأبيض صبغة رسمية على تصوير الرؤساء، وكان سيسيل ستوغتون، الضابط في سلاح الإشارة في الجيش، مصور البيت الأبيض في أثناء إدارة الرئيس جون كينيدي.

ولكن أشهر صورة التقطها ستوغتون، وربما أبقى صورة التقطها مصور رسمي في البيت الأبيض، هي المشهد المروع المزدحم لليندون بينز جونسون وهو يؤدي اليمين الرئاسية على متن طائرة الرئيس، وجاكي كينيدي المكلومة تقف إلى جواره في يوم اغتيال كينيدي. وينسب المؤرخون الفضل في نقل الشعور بالطمأنينة والاستمرارية للأمة المروعة إلى هذه الصورة، وإذا كان هناك أي شك في وجود مصور رسمي في البيت الأبيض لكان انتهى بالتأكيد في ذلك اليوم.

ولا يعد المصورون الرسميون في البيت الأبيض صحافيين، ولكنهم يعملون لدى الرئيس ويقرر المكتب الصحافي في البيت الأبيض أي الصور التي التقطها المصورون ستخرج إلى المواطنين. ومن المتبع أن يكون هناك م?Zيل إلى نشر الصور التي تظهر الرئيس في أفضل صورة، ولكن في النهاية جميع الصور تصل إلى الأرشيف الوطني والمكتبات الرئاسية.

ويعتبر سوزا نفسه شخصا يعمل على توثيق وجمع اللحظات التي ستشكل سجل التاريخ. وفي كتاب «صور من العظمة»، الذي جمع فيه سوزا صورا التقطها فيما يزيد على خمسة أعوام كمصور رسمي في البيت الأبيض تحت رئاسة ريغان، يصف سوزا ذاته بأنه كان واحدا من «ظلال» الرئيس.

ويذكر سوزا، الذي عمل مصورا رسميا في جنازة ريغان، أن «فلسفاته السياسية الشخصية ليست بالضرورة متفقة مع فلسفات ريغان»، ولكن كان «القد?Zر المبهج والحظ السعيد هما اللذان وضعاه داخل البيت الأبيض». ولم يجب سوزا عما إذا كانت آراؤه السياسية تتفق مع آراء أوباما.

ويقول سوزا إنه غالبا ما يكون مشغولا بقلقه بشأن التقاط الصور عن الاستماع إلى من يصورهم، ولكنه كتب عن سماعه كلمات قصيرة من محادثة لا تنسى في قمة نووية متوقفة بين ريغان والزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف في ريكيافيك في أيسلندا عام 1986. وقد قال غورباتشوف: «لا أعرف ماذا كان في إمكاني أن أفعل». فأجاب ريغان: «كان يمكنك أن تقول نعم».

وأخبر سوزا المساعد الرئاسي بات بوتشنان بما سمعه، كما ذكر سوزا في كتابه، فصاح بوتشمان: «اكتبها! اكتبها!». ويضيف سوزا أن المتحدث باسم البيت الأبيض لاري سبيكس نشر «النص الحرفي (للحوار) من مذكراتي في مجلة التايم».

وتظهر صور سوزا منذ ذلك اليوم ريغان وهو يزم شفتيه وتظهر ملامح الغضب والقلق على وجهه، ولكن يبدو أن صور ريغان الرمزية ليست سبب اهتمام باراك أوباما بالفعل، ولكنها كانت صورة فتاة صغيرة. في عام 2004 كان سوزا يعمل في واشنطن كمصور لجريدة شيكاغو تريبيون، وطلب منه زميله جيف زيليني، الذي يعمل الآن كاتبا سياسيا في «نيويورك تايمز»، أن يلتقط صورا لمشروع طموح يوثق أول عام لأوباما في مجلس الشيوخ.

ولم ير?Z سوزا الخطاب الذي أصبح أسطوريا الآن في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي الذي اختار أوباما، ولكنه سريعا ما أدرك أن «هناك شيئا مميزا في هذا الرجل، لم أر?Zه في كثير من السياسيين الآخرين»، كما قال في صباح أحد الأيام في الفترة الأخيرة في مكتبه الأنيق في الجناح الغربي.

وفي اليوم الذي تم فيه تنصيب أوباما عضوا في مجلس الشيوخ في ولاية إيلينوي، التقط سوزا صورة له وهو يجلس على ركبتيه للحديث مع ابنته ماليا، التي كانت تبلغ في ذلك الوقت 6 أعوام، وامتلأت الصورة بالدفء وهي تنقل لحظة أسرية حميمة. وفي صورة أخرى تظهر ابنته الصغرى ساشا وهي تبالغ في وقوفها أمام الكاميرا في أثناء مراسم أداء اليمين. وبعد عدة أيام، كما يقول سوزا، اختاره أوباما من بين حشد من الناس وأثنى عليه.

وقد تكون أهم لقطة في تغطية سوزا الصحافية لأوباما هي الصورة التي يظهر فيها وهو يصعد سلم مبنى الكونغرس، ويظهر فيها أوباما من الخلف في صورة حركية تعبر عن السياسي الشاب المليء بالحيوية في حالة صعود.

ويقول بيل لاستر، المصور في صحيفة «لويزفيل كوريير جورنال»، الذي صاحب سوزا في رحلاته المتكررة إلى واشنطن: «لا يوجد أفضل من هذه الصورة، إنها صورة بسيطة. وصور (سوزا) بسيطة للغاية فيما يتعلق بمكوناتها. وفي الوقت ذاته هي معقدة فيما يتعلق بالمحتوى».

ولكن مع مرور الوقت خرجت صور أخرى لأوباما من تصوير سوزا، والتي تم جمعها في كتاب نشر الصيف الماضي تحت عنوان: «صعود باراك أوباما». في إحداها يجلس أوباما واضعا قدميه على المكتب في غرفة مؤقتة تحتوي على أشياء قليلة متناثرة بعد دخوله مجلس الشيوخ، ولا يشير أي شيء في الصورة إلى أن هذا الرجل سيصبح قريبا من أشهر البشر على وجه الأرض. وفي صورة أخرى يسير أوباما دون أن يعرفه أحد في أحد شوارع موسكو. إنها واحدة من الصور المفضلة لدى سوزا، ويقول عنها: «إنها صورة لن يمكن التقاطها ثانية أبدا».

وعندما طلبه البيت الأبيض كان سوزا قد ترك عمل التقاط الصور يوما بيوم من أجل وظيفة تدريس التصوير الصحافي في جامعة أوهايو، وقبل أن يوافق أراد أن يتأكد من اتفاقه مع أوباما على أن تركيزه سيكون على توثيق فترة الرئاسة من أجل التاريخ. ويقول سوزا إن أوباما يؤمن بهذا الهدف.

ويقول هالستيد، صديق سوزا، عن قراره بالموافقة: «لقد فوجئت قليلا، كثير من الناس فوجئوا. كان بيت يعمل في القطاع الخاص منذ مدة طويلة لدرجة أنه ربما كان قد نسي مدى صعوبة ذلك.. فعليه أن يكون متاحا على مدار الساعة».

وقد أصبح أيضا شخصية عامة، فعندما كان أوباما يلقي خطابه أمام الكونغرس ليلة الثلاثاء كان سوزا بجوار كتفه اليمنى يلتقط الصور. وبفضل شبكة الإنترنت ربما كان لسوزا جمهور يشاهد صوره أكبر من جمهور أي مصور للبيت الأبيض في التاريخ.

وقد تم تجديد موقع البيت الأبيض منذ أيام بوش، وهو يتميز الآن بعرض صور متتالية التقطها سوزا ومصورون آخرون من فريقه، مما يمنحهم منبرا هائلا رفيع المستوى لمشاهدة أعمالهم.

إنه جزء من لحظات تاريخية كبيرة وصغيرة، فمن الأحداث المهمة الصغيرة أن الصورة الرئاسية الرسمية التي التقطها سوزا لأوباما أول صورة تؤخذ بكاميرا رقمية.

وفي الأسبوع الأول من إدارة أوباما دخل سوزا عن غير قصد في شجار جانبي حول السماح بدخول الصحافيين والشفافية، وكان المصور الوحيد الذي سمح له بحضور أداء أوباما لليمين للمرة الثانية، والذي أقيم في حالة من الحذر الشديد بعد أن أخطأ رئيس القضاة جون روبرتس في كلمات القسم في مراسم أداء اليمين العلنية.

وكان سوزا أيضا المصور الوحيد الذي سمح له بتصوير أول يوم عمل لأوباما في المكتب البيضاوي، مما كسر القاعدة القديمة بالسماح لمصوري الأخبار بالدخول لتسجيل هذه اللحظة. ورفضت ثلاث خدمات إخبارية نشر صور سوزا التي التقطها في المكتب البيضاوي اعتراضا على ما حدث.

وأصبح سوزا شخصية ذات شعبية كبيرة ومحل احترام في أوساط التصوير الضيقة في واشنطن، ويقول أصدقاؤه إنه دائم القيام بالمقالب، وزميل سخي. ولكن من الواضح أنه غير مرتاح لشهرته، حيث يصر على حصر الحوارات التي تجرى معه في مناقشة صوره، بدلا من شخصيته أو حياته الشخصية. وفي أثناء حوار موجز أجري معه في صباح أحد الأيام، أخذ سوزا يعبث بالصور. وهو يفضل على وجه الخصوص صورة التقطتها ليلة التنصيب للرئيس وهو يلاطف السيدة الأولى ميشيل أوباما في مصعد، بينما يحاول عملاء الخدمة السرية في حرج تحويل بصرهم. وقد وضع أوباما سترة السهرة على كتفيها وكلاهما ينظر بعمق في عين الآخر. ولا توجد صورة أخرى معلقة على حائط مكتب سوزا، وتنعكس الصورة في مرآة صالون الحلاقة القديم الموضوعة خلف مكتبه. ويقول سوزا عن هذه الصورة: «إنها تروي قصة كاملة. وأنت تعرف على وجه التحديد ماذا يجري». ويوجد المزيد من الصور على المكتب، والمزيد من اللحظات التي تحمل ذكريات، ولكن توجّه سوزا بنظره إلى الساعة ثم قام من مجلسه وقدم اعتذاره، فعليه أن يذهب حيث يوشك الرئيس على إجراء محادثة تليفونية.

* «واشنطن بوست».



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد