طوابير
مشهد آلاف السيارات الواقفة على طابور البنزين ، مشهد مؤلم للغاية ، والطابور لا يتوقف ، ولن يتوقف ، فمثله هناك طابور المدرسة ، وطابور مؤن وكالة الغوث ، وطابور مساعدات المعونة الوطنية ، وطابور مساعدات المؤسسات الخيرية ، خلال شهر رمضان ، وطابور الاحزاب على باب الحكومة ، من اجل دفعاتها ، وطابور على السرفيس والباصات ، وطابور على تعويضات النفط ، سابقا ، وطابور على تعويضات الخبز ودعمه ، سابقا ، وهكذا يلد الطابور طابورا.
حتى الكاتب حين يكتب رأيا مزعجا ، يقال انه طابور خامس ، والحزبي والسياسي والنائب ، وغيرهم ، حين يتخذون مواقف سلبية ، يقال عن بعضهم انهم طابور خامس ، فحتى التوصيف السياسي للخصم لدينا ، يعود الى ثقافة الطابور ، فالكل يجب ان يقف في الطابور ، ولا فرق في حالات كثيرة ، ان كنت واقفا ، في طابور للحصول على دعم الخبز ، او طابور لطلبات المنح الدراسية في الجامعات ، او لتعبئة ليتر كاز ، من اجل اولادك في فصل الشتاء.
كثيرون يقرأون مشهد طوابير البنزين ، من ناحية اللحظة ، وان هناك نقصا في الخدمات ، وتراجعا فيها ، والبعض يقول لك هل نحن في بغداد ، ولماذا يحدث هذا الامر ، غير اني اقرأ الامر من زاوية اخرى تماما ، فقد طوعتنا الظروف والحمد لله طوال سنين ، على مبدأ الوقوف في الطابور ، لاي سبب كان ، ولدينا القدرة على الصبر في الطوابير ، ما دامت الغاية سوف تتحقق في نهاية المطاف ، ولم يعد احد يناقش في مبدأ الطابور ، بل يناقشون في طوله وقصره ، واسبابه ، وغير ذلك ، لكنهم ينسون في غمرة الامر ، ان مبدأ الطابور مقر ، وسيبقى حتى اشعار اخر ، وقد كان بالامكان في ملفات كثيرة ، الغاء ملف الطابور ، فالمسكين يحصل على معونته عبر الطابور ويمكن ان يحصل عليها عبر المصرف ، غير ان الطابور يجب ان يبقى موجودا ، والطالب الذي يتقدم بطلب لجامعته للحصول على منحه بأمكانه ان يقدم طلبه عبر الايميل ، غير ان الطابور يجب ان يبقى موجودا ، وتسجيل الشركة يجب ان يكون الكترونيا ، غير ان الطابور يجب ان يبقى موجودا ، وهكذا تستمر القصة ، من طابور الى اخر ، حتى ان الواحد فينا ، اذا لم يجد طابورا بحث عن مخبز مكتظ ، ووقف في الطابور ، من اجل ممارسة الفعل والحاجة الى الانضباط والانتظار والصبر ، وتوكيل الامور الى الله.
للطابور فوائد كثيرة ، فهو يعلم الانسان الصبر والتواضع ، ويذكره ان ليس كل شيء متاحا في اي وقت ، وان القدر يتجلى عبر الطابور ، وان الكبار والصغار من اعمار مختلفة وثقافات مختلفة ، يقفون على ذات الطابور ، وهو يحقق النزعة للمساواة بين الفقير والغني ، ويخلق حالة من التوتر ، من اجل تذكير الانسان بأوقات النعم ، التي لايقف فيها على الطابور ، فما ان ينتهي الطابور ، حتى يحمد الله ، على ان انهى دوره وحصل على مبتغاه ، ويعود الى اهله فرحا مسرورا بربطة الخبز ، او بلتر البنزين ، او ببقجة المساعدات ، وهي البقجة التي كانت جدتي تقف ساعات ، من اجل الحصول عليها ، من وكالة الغوث قدس الله سرها ، فتعود وقد غشيها التعب ، واشفق عليها ، ولا اعرف لماذا تقف كل هذا الوقت ، وان عرفت لاحقا ، انه طابور يتعلق باثبات قضايا اخرى ، لا علاقة لها ، بعبوة السمن ولا كيلوغرامات السكر والارز.
في شرق المتوسط والعالم الرابع ، للطابور ميزة اضافية ، فهو منتشر في كل هذه المنطقة ، ومثلما يقف اخواننا المصريون على طوابير «الفراخ» يقف اخواننا العراقيون في بغداد العائمة على بحر من النفط على طوابير البنزين ، ويقف الفلسطينيون على طوابير العبور من غزة الى الضفة ، او على مشارف الاقصى ، ويقف الصوماليون في طوابير للعبور الى اليمن ، وهكذا تعيش شعوب هذه المنطقة ، ذروة حياتها بالوقوف في طوابير لها اسبابها ، ولها نتائجها ، غير الصحية على الاطلاق ، ولا يعود الانسان قادرا على مناقشة حقوقه ، بل تصبح مهمته المقدسة ان يختصر عدد الطوابير الى اقل عدد ممكن ، وان يتفادى اي طابور باللجوء الى تشوه اخر اسمه «الواسطة» فيقفز عمليا من طابور المواطنين الى طابور المدعومين.
من حق شعبنا ، ان لا يقف على هكذا طوابير ، من اجل النفط او غير النفط ، ولا بد لادارة راشدة ان تلغي مبدأ الطابور ، في قضايا كثيرة ، وان نجعل قولنا عن اننا البلد الاكثر تعليما في شرق المتوسط ، ذا دلالات على الارض ، فنلغي كل الطوابير الممكن الغاؤها ، ولانتسبب بطوابير مفتعلة ، كما في قصة النفط ، وشعبنا من شماله الى جنوبه ، ومن شرقه الى غربه ، ومن بواديه الى اريافه ، عاش رافعا رأسه طوال عمره ، وسيبقى كذلك ، وليس من مصلحتنا تكسير الذات الاجتماعية والوطنية ، بهكذا مشاهد ، فالواقف على الطابور ، يتألم وتتكسر مجذايفه ، سواء احس بذلك او لم يحس.
لا عاشت الطوابير ، ولا عاشت مثنى وثلاث ورباع.
الأمن يلقي القبض على مطلوب خطير في البلقاء
الأمن الفلسطيني يقتل شابًا من سرايا القدس بطولكرم
الكويت تعلن إحباط مخطط تفجير لمعسكرات أميركية في أراضيها
لمن سيصوت شباب أميركا في 2024؟
معهد إربد للفنون ينظم حفلًا بمناسبة اليوبيل الفضي
الملك يعزي رئيس دولة الإمارات بوفاة الشيخ طحنون بن محمد
الرصيف البحري .. وحديث عن طلبات لجوء للفلسطينيين إلى أميركا
فصائل عراقية تعلن استهداف هدف حيوي في الجولان المحتل
طبيبات أردنيات عائدات من غزة: النساء لعبن دورًا في الصمود
مصادر: حماس ستسلم ردها خلال ساعات
بقاء الفلسطيني .. وأزمة الانتماء
الأرصاد:زخات مطرية مصحوبة بالرعد
متى ينتهي عدم الاستقرار الجوي الذي يؤثر على المملكة
عشرات المدعوين للتعيين في وزارة الصحة .. أسماء
قرار المحكمة بحق شخص زوّر أوراق نقل ملكية أرض
مواطن:ظُلمت بسبب دفاعي عن السلام الملكي .. فيديو
فصل الكهرباء عن هذه المناطق من 9 صباحاً إلى 3:30 الأحد
توقيف محكوم غسل أموالا اختلسها بقيمة مليون دينار
الأردن .. تحذير من الرياح والغبار والسيول خلال الساعات المقبلة
اليرموك تطلب أعضاء هيئة تدريس .. رابط
تحذير من الأمن العام للمواطنين .. فيديو
الأردن .. تفاصيل قتل أب ابنته حرقا وهو يشاهدها ويسمع صرخاتها