مقدمات ونتائج !

mainThumb

04-01-2009 12:00 AM

حتى يصبح بالإمكان توقُّع ماذا سيحدث وعلى أي وضعٍ ستستقر الأمور بعد ان طور الإسرائيليون هجومهم الجوي الى تقدم بري في إتجاه غزة فإنه لابد من إستعادة المشهد عشية هذه الحرب وقبل ان تبدأ ولابد في ضوء هذا من الصراحة والقول إنه كان على الأخوة في حماس أن يتجنبوا هذا الذي حصل وإنه كان عليهم ان يتصرفوا بطريقة أخرى تجنب شعبهم كل هذا الدمار والخراب وتجنب قضيتهم العالقة في عنق الزجاجة مأزقاً جديداً يضاف الى مآزقها السابقة .

كان يجب تحاشي هذه الحرب بكل السبل والوسائل والسبب هو ان كل الحيثيات التي كانت قائمة والتي لاتزال قائمة ليست في مصلحة لا الفلسطينيين ولا العرب وهذه الحيثيات هي : أولاً ، أن الإنتخابات في إسرائيل غدت على الأبواب وأن المزايدات بين الأحزاب الإسرائيلية ، العمل وكاديما والليكود ، أصبحت تفترض الذهاب الى الحرب بحجة ان نحو ثمانمائة مائة ألف من الإسرائيليين من سكان مناطق الجنوب المحاذية لقطاع غزة من الشمال والشرق باتوا تحت رحمة الصواريخ الفلسطينية .

ثانياً ، الفترة الإنتقالية بين خروج الإدارة الأميركية ( المغادرة ) من البيت الأبيض ومجيىء الإدارة المنتخبة إليه غدت قصيرة جدّاً وقد إستغلها جورج بوش ليختم حياته السياسية بموقف جديد مساند لإسرائيل التي تصفه بأنه أفضل رئيس أميركي بالنسبة إليها منذ جورج واشنطن وحتى الآن .

ثالثاً ، أن الإنقسام الفلسطيني السياسي والجغرافي أغرى الإسرائيليين للقيام بهذه الحرب التي كانت مبيتة فالذئب عادة يستهدف الشاة الشاردة وكان يجب التحلي بالمزيد من العض على الجرح والمزيد من الإحتمال لتجنب عواقب كل هذا الذي جرى .

رابعاً ، إن الوضع العربي في أسوأ أحواله فالتمحور والإستقطاب وصل الى الذروة وأن إمكانية جمع العرب حول موقف واحد غدت صعبة إن لم تكن مستحيلة وهذا هو الذي حال دون إنعقاد القمة المفترضة التي كان يجب ان تنعقد لو ان الحالة العربية هي غير هذه الحالة .

خامساً ، إن ظاهرة الصواريخ التي إتخذتها إسرائيل حجة لشن هذه الحرب المدمرة التي لاتزال نتائجها مفتوحة على شتى الإحتمالات وأسوئها قد ثبت فشلها كقوة فعلية رادعة وثبت ان تأثيرها ليس أكثر من حالة نفسية إستغلتها الأحزاب الإسرائيلية المتناحرة لإيصال الأمور الى ما وصلت إليه .

إن هذا هو المشهد العام قبل إندلاع هذه الحرب التي ستثبت الأيام ان أهدافها تتعدى مجرد التخلص من صواريخ القسام وتتعدى مجرد إضعاف حركة حماس وأن الأمور تتعلق بالشرق الأوسط كله وبعملية السلام وبمستقبل القضية الفلسطينية وإن معادلة جديدة ستترتب على هذا الذي جرى ستختلف إختلافاً جذريّاً عن المعادلة السابقة .

إنه غير متوقع ان ينسحب الإسرائيليون من غزة كما دخلوا وهم لا يمكن ان يكرروا درس حرب تموز ( يوليو ) عام 2006 حيث إستطاع حزب الله ان يظهر بمظهر المنتصر وإن هو وافق على كل القرارات التي ترتبت على هذه الحرب وأهمها القرار رقم 1701 فالإنتخابات مقبلة وهناك إدارة أميركية جديدة وهناك واقع الإقليم كله الذي يراوح بين المواجهة مع إيران وبين التفاهم معها على تقاسم النفوذ في هذا الإقليم بمشاركة أميركية .. ثم وإنه غير متوقع وغير ممكن ان يتم إقتلاع حماس وفقاً لتصورات بعض الجنرالات الإسرائيليين ولذلك وبالنتيجة فإن هناك واقعاً جديداً قيد التبلور سيعكس نفسه على قرارات مجلس الأمن المرتقبة وعلى الوضع الفلسطيني والشرق الأوسط كله . ( الراي )



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد