حرق قلوب الفقراء على كاز مفقود

mainThumb

10-11-2008 12:00 AM

هاهي مشكلة ضعف الإمكانيات المحلية على استيعاب فكرة السوق الحر تندلع مرة أخرى، وتتعرى مقدرتنا على التعاطي مع معادلة هذه الفكرة ومعطياتها.
الحالة التي تجسد هذا الضعف، هي مسلك أصحاب محطات المحروقات الذين يحجمون عن طلب المشتقات النفطية لا سيما الكاز من مصفاة البترول، ليتسببوا في حرمان آلاف الأسر في مختلف المناطق من توفر مادة استراتيجية لا غنى عنها في الشتاء.
فأنانية أصحاب هذه المحطات التي ظهرت منذ أخذت أسعار النفط منحى تنازليا في آب (أغسطس) الماضي سببت أزمة جديدة تضاف إلى مصاف المشاكل التي مرت خلال الفترة الماضية.
وليس من مبرر لسلوك هذه الفئة سوى الطمع، إذ انهم يكرسون الحالة ذاتها التي مع مختلف السلع والخدمات التي يرفض أصحابها تخفيض أسعارها رغم تراجع الكلف وانخفاض أثمانها في الأسواق العالمية.
بيد أن المؤسف في الموضوع أن هؤلاء ارتضوا لأنفسهم تحقيق الأرباح على حساب المواطن الضعيف، حينما ارتفعت أسعار المحروقات تباعا منذ شباط (فبراير) الماضي بعدما انتهت حقبة دعم المحروقات من قبل الحكومة من دون أن يشتكوا ويتذمروا من المكاسب التي حققوها.
بشكل عام، ارتفعت أسعار أصناف المحروقات التي تهم المواطن وهي البنزين بنوعيه، والكاز والسولار منذ شباط ولغاية آب ما نسبته 29%، فيما انخفضت منذ آب بمعدل 40%.
وتبدو شكاوى أصحاب المحطات التي تتمثل في أنهم لم يعودوا قادرين على الاستمرار في العمل غير مقنعة، فهؤلاء حققوا مكاسب وأرباحا نعلم جميعا أنها كبيرة، لكن أحدا لم يحاسبهم كما أنهم لم يحاسبوا أنفسهم حينما قبلوا بيع المحروقات التي اشتروها بسعر قليل بسعر أعلى منه ليكسبوا الكثير من جيب المواطن الغلبان الذي أرهقه ارتفاع أسعار المحروقات خلال الفترة من شباط إلى آب الماضيين.
تصرف أصحاب المحطات الآن، وتقديم أنفسهم وكأنهم الضحية ليس مقبولا، فمن يرضى بالربح يرضى بالخسارة أيضا هذا إن كان ما يتحدثون عنه من خسائر حقيقيا وواقعيا.
ثمة مبررات تدعو إلى اتخاذ إجراءات لضبط إيقاع السوق التي تتخبط مع كل مرة ترتفع فيها الأسعار أو تهبط، بسبب نزعة أصحاب المحروقات إلى تحقيق مكاسب ليست من حقهم. ويفسح لهم الفرصة للشطط في ذلك عدم وجود تشريع ينظم هذه المسألة ويضمن توفر سلع استراتيجية وحيوية للمواطن، وبخاصة في فصل الشتاء.
على الحكومة اتخاذ إجراء لحماية المواطن، وتهيئة البيئة المناسبة للسير قدما في خطة تحرير القطاع التي تستوجب الذهاب أبعد من التسعير الأسبوعي، حتى ننجح في الانتقال من حالة التخبط إلى حالة منظمة ومستقرة تعكس استيعاب اللاعبين في السوق لآليات العرض والطلب.
الفقراء هم من يحرقون الكاز ليحتموا من برد الشتاء، لكن يبدو أن أصحاب المحطات مصرون على حرق قلوب هذه الشريحة التي أتعبتها ظروفها الاقتصادية الصعبة، ولم يعد همها من أين توفر ثمن الكاز بل من أين تحصل على الكاز نفسه.الغد



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد