سياسة الامتيازات لا تبني دولة المؤسسات

mainThumb

12-11-2008 12:00 AM

اسوأ ما في الامتيازات غير القانونية التي تمنح للعاملين في العمل العام ليس الجانب المادي او ما يترتب عليها من هدر لموارد عامة او انها تأتي على حساب حقوق الآخرين فحسب, بل في كونها تؤسس لسلوك وثقافة تجعل من التجاوز على القانون ومبادئ العدالة والمساواة حقوقا مكتسبة يصعب التراجع عنها في المستقبل. وتنال من سمعة المؤسسات وتشجع المواطنين العاديين على تجاوز القانون والاعتماد على الوساطة, والسعي للحصول على الامتيازات اسوة »بعلية القوم«.

من يستطيع بعد الذي نراه يجري في تصاريح الحج مثلا ان يقنع الراغبين باداء هذه الفريضة ان الشروط لا تنطبق عليه وهو يرى المئات يحصلون على التصاريح من النواب والوزراء ودوائر رسمية اخرى بغير وجه حق.

وكيف لنا ان نقنع الناس بالشعارات التي ترفعها الدولة في مواسم الانتخابات النيابية بان النيابة خدمة عامة للشعب بينما تتحول بالممارسة الى وسيلة للحصول على امتيازات غير قانونية بدعم ورعاية رسمية.

كان حصول مسؤول ونائب في الماضي على امتياز خاص او »أعطية« يتم وسط تكتم شديد لشعور المسؤول بان ما يفعله ينطوي على مخالفة للقانون اما اليوم فان توزيع العطايا ومنح الامتيازات غير القانونية يجري في وضح النهار وتصدر فيها قرارات رسمية. فالوظائف توزع على النواب علنا ولا يخفي مجلس امانة عمان قراره بارسال اعضائه لاداء فريضة الحج باموال الأمانة.

وعندما تصبح الاستثناءات هي القاعدة لا يتردد نواب بالتهديد بسحب الثقة من احد الوزراء لرفضه اعفاءهم من رسوم تسجيل وترخيص سيارات حصلوا عليها باعفاء جمركي.

وفي اوساط النخب السياسية والاعلامية يسود اعتقاد لدى الكثيرين بان »العطايا« التي يحصلون عليها بين الفينة والأخرى هي حقوق ثابتة لهم لا يتوانون عن المطالبة بها او مناكفة الجهات المانحة اذا ما توقفت عن الدفع.

ان قاعدة الاستثناءات والامتيازات في الاردن تتسع على نحو غير مسبوق في تناقض صارخ مع الشعارات المرفوعة عن دولة القانون والمؤسسات.

ويلقي هذا السلوك بظلال قاتمة على علاقة الدولة بالمجتمع خاصة الفئات الفقيرة والمتوسطة التي تزداد قناعة بان لا وسيلة غير الوساطة للحصول على الحقوق. كما يتكرس شعور لدى قطاعات واسعة من الناس بان الوظيفة العامة ما هي إلا محطة للثراء والارتزاق. ولهذا لا نعجب عندما نلاحظ تردي قيم واخلاقيات الوظيفة وانتشار ظاهرة الرشوة او ما يسمى بفساد الصغير ما دام فساد الكبار لا يجد من يردعه.0  - العرب اليوم -



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد