الغذاء: واقع عشوائي يحتاج إلى التغيير

mainThumb

07-11-2008 12:00 AM

خرج للتو غاضبا من مصرف يتعامل معه منذ عقود، كل همه كان أن يحظى بتسهيلات جديدة لتغطية بوالص اعتمادات لمواد غذائية أساسية بقصد ضخها في السوق والاستفادة من رخص أسعار هذه المواد عالميا، غير أن إدارة المصرف قابلته بالمنع، وبدا تاجر المواد الغذائية الأساسية هذا، وهو معروف في الأوساط الاقتصادية، في حيرة من أمره، فهو يدفع ثمن تشدد البنوك المحلية في أعقاب المخاوف الواسعة من أي آثار سلبية للازمة المالية العالمية على الاقتصاد المحلي.
تكرر ذات المشهد السابق مع عدد كبير من تجار المواد الغذائية الأسبوع الماضي عبر بنوك عديدة لاسيما الكبيرة منها، وكأن الأمر انطوى على اتفاق ضمني غير معلن بين مختلف البنوك على التشدد في منح التسهيلات لمعظم القطاعات التجارية والصناعية والعقارية، بيد أن الأمر بالنسبة للتجار مقلق ومقلق جدا، لأن اللحظة الراهنة وتقلبات أسعار الغذاء العالمية لا تتكرر كثيرا وتحتاج إلى من يستفيد منها ويتفاعل معها على نحو عاجل، لا أن يخضع لبيروقراطية ومنع يعطلان تفاعل تجار الغذاء مع محيطهم الإقليمي والعالمي.
فترة ما بين العيدين؛ الفطر والأضحى، قاسية على التجار وتتزايد فيها الخسارات، فثمة ركود يتعمق يوما بعد يوم، يضاف اليه عبء فوائد البنوك والشيكات المرتجعة ومحاولة التخلص من مستوردات السلع الاخيرة وضخ بضائع ومواد جديدة للفترة المتبقية من العام بما فيها فترة عيد الاضحى وما يلحق بها من أعياد رأس السنة، وفي مقابل هذه الصورة فان الانتقادات لعدم تخفيض التجار لأسعار السلع بما يتناسب مع اسعار النفط المنخفضة عالميا تشكل عاملا إضافيا يؤثر سلبا في مستويات الشراء المنحدرة محليا.
اكثر صعوبة مما سبق، كان شهرا اب (اغسطس) وايلول (سبتمبر) الماضيان مسرحا للخلافات الحكومية حيال تصدير او عدم تصدير الزيتون الاردني، فالتنسيق ما بين الوزارات والمؤسسات بشأن الغذاء يكاد يكون غائبا او ضعيفا (ان وجد) ، وتابع الأردنيون باستغراب التباين في وجهة نظر الحكومة ذاتها قبل أسابيع حيال موضوع تصدير زيت الزيتون من عدم تصديره، فبينما كان يصرح وزير الصناعة بقرار المنع يقابله وزير الزراعة بقرار السماح، وهكذا، من دون تشاور أو اتصال أو شراكة مع ذوي العلاقة من المزارعين والتجار والصناعيين ذوي الصلة بالأمر لا سيما المتضررين والمستفيدين من تلك القرارات.
سبق وان تعالت أصوات معنيين بالشأن الزراعي والصناعي ذي الصلة بالغذاء، تحديدا في القطاع الخاص، من تداخل الصلاحيات الحكومية في موضوع الغذاء والبطء في اتخاذ القرارات، التي لا تنتظر في الغالب تأخيرا، ولا ادل على ذلك من شكاوى مستوردي الغذاء تجاه ما يسمونه "تعقيدات" تنفذها بشكل مستمر دوائر الجمارك والمواصفات و"الغذاء والدواء" .
غير أن الأكثر أهمية في الحديث عن الغذاء يكمن في السؤال عن مدى وجود سياسات واستراتيجيات تضمن، لو على الأجل المتوسط، تحقيق امن غذائي في المملكة، وعدد الخطط التي تنفذها الحكومة في المجال الزراعي، واليات تطوير الإنتاج الزراعي، ومدى تحقيق الشراكة بين القطاعات المختلفة ذات الصلة بالإنتاج الزراعي والحكومة، ومن هو صانع التوجهات السياسية والقرارات ذات الصلة بأمننا الغذائي ؟!.
مشهد الغذاء وتجاره ومستهلكيه وأمننا الزراعي والغذائي ومستقبله على المديين القريب والمتوسط، يحتاج الى تغيير بالكامل، تغيير يعنى برسم سياسات جديدة وواقع جديد لتحدي الغذاء الذي يشكل اولوية في حياة كل سكان المعمورة.الغد



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد