النهوض له مقوماته وأدواته

mainThumb

08-05-2009 12:00 AM

النهوض والتقدم شعار كل أمة ودولة، وشعار كل شعب وقيادة، وهو أمنية تحلم بها كل التجمعات البشرية، ولكن سنة الحياة لم تجعل نيل المطالب بالتمني ولا بالرغبات وحدها فالنجاح لا بد له من تخطيط ونظرة صائبة وعمل دؤوب وأخذ بالسنن ومغالبة ومجاهدة لا تتوقف ولا تعرف الملل ولا الإحباط ولا تنكسر عند أول عقبة، بل بالجد والمثابرة المبصرة وحسن التأني تتحقق الأمنيات.

النهوض أولاً عملية إنسانية بحتة، بمعنى أنها من صنع الإنسان وفعله وجهده ليست فوقية أو مصادفة وليست خارج نطاق القدرة البشرية، فهي ثمرة سلامة التفكير وقوة الإرادة، وصلابة العزيمة، وحسن التنفيذ وديمومة العمل وتقبل النقد والتقويم، كما ورد في القرآن الكريم: (قل هو من عند أنفسكم) صدق الله العظيم.

ومن هنا فقادة التغيير وأرباب الإصلاح بحاجة إلى صياغة الإنسان كنقطة بداية، فينبغي أن ينصب الجهد على إعداد الإنسان إعداداً شاملاً ومتكاملاً، عقلاً وروحاً ووجداناً وجسداً، حتى يتمكن من حمل عبء التغيير وامتلاك القدرة على المسير في الطريق الصحيح، وهنا تتوجب النظرة إلى الجيل القادم منذ نعومة أظفاره والنظر إلى حزمة المناهج القادرة على صياغة جيل النهوض والتقدم وإخراج الإنسان المواطن النموذج، من حيث امتلاكه للتفكير الحر والأسلوب العملي في الإدارة، والانتماء العميق لأمته، وحضارته، ووطنه، والقادر على المجاهدة والمغالبة والإصرار على النجاح.

إذا تم إيجاد الإنسان أداة التغير الأولى، ومن يحمل عبء الإصلاح الشامل، المؤهل لأداء الأمانة وحمل الرسالة، برغبة جامحة وهمة طموحة، وعزيمة متوقدة، يأتي دور المرحلة الثانية، أو الخطوة الأخرى، التي يتخاصم القوم حولها ويختلفون ويتفرقون قبل تحقق الإصلاح.

الخطوة الثانية وضوح النظرية (نظرية الإصلاح والتغيير) بحيث تكون مفهومه وواقعية، ونابعة من البيئة وتحمل ملامح التكوين المجتمعي العام، بحقيقته وتلاوينه ومستوياته الذهنية والعلمية، ويكاد يفهمها كل العقلاء بلا صعوبة، ومتماسكة خالية من الثغرات والعيوب ضمن القدرة البشرية، وقادرة على الإجابة على التساؤلات والاستفسارات المثارة بوضوح وبساطة ولا يتحقق ذلك إلا بإجراء حوار شامل وصريح على جميع المستويات، وأن تكون حرة وشفافة وجادة، ولا بد من إشراك جميع الشرائح وخاصة الشباب الجامعي، ولا بد من فتح الصحف ووسائل الإعلام أمام الحوار المجتمعي المنظم الهادئ الذي يقود المجتمع نحو النضج والوضوح التام.

أما الخطوة الثالثة فتتعلق بالقدرة على استنهاض طاقات المجتمع وتوزيع الأدوار، وتوظيف جميع الإمكانات الفردية والجماعية وخلق القناعة بالفكرة الالتفاف الجماهيري حولها، وإيجاد رأي عام غالب يؤيدها بقوة، ومن ثم الاندفاع لحمل الفكرة بإقدام دون تلجلج أو تردد، ولا بد في هذا المجال من تسخير العاطفة لأنها هي الوقود الدافع نحو العمل والاستمرار والديمومة عبر مشاركة شعبية رسمية حقيقية جادة وعميقة .

والوصول إلى درجة الإيثار وتفضيل مصالح الوطن على المصالح الشخصية والفئوية، وتقديم مصالح الأمة على مصالح الفئة والحزب، والتنازل عن الرغبات المؤقتة والمسائل الصغيرة مقابل الأمور الكبيرة والعظيمة، ولا بد من تفضيل أمور المستقبل على الحاضر والاستعانة بالنظرة الكلية على الجزئية والتمسك بالقواعد العامة دون الجمود على التفاصيل وسفاسف الأمور.

إن القدرة على خلق معاني الوحدة وتقوية أواصر التعاون بين قوى المجتمع الواحد، وتقليل عوامل الخلاف، يعد من أهم ضمانات النجاح والديمومة، وأن الفردية والمزاجية والتناحر والاختلاف يعد من أهم عوامل الهزيمة والانحطاط والأفول.
الراي


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد