الثوابت الأردنية .. مرة أخرى بقلم د. فايز الطراونة

mainThumb

11-03-2009 12:00 AM

 لا اعتقد ان الأردنيين يجمعون على شيء بالقدر الذي يجمعون على الالتفاف حول العرش الهاشمي، بشرعيته الدينية، والدستورية، والانجاز على الواقع، والملك في عرف الأردنيين الحاكم والقائد الأعلى والفيصل والملاذ ليس بسبب ما ينص عليه الدستور من حقوق وصلاحيات فحسب ، بل لان التجارب التاريخية ومنذ تأسيس الامارة ، أثبتت دون أدنى شك، ان الملوك الهاشميين استحقوا بيعة الأردنيين من عبد الله الأول الى عبد الله الثاني.
ومن حولنا ، وعلى مدى العقود، انهارت عروش وثارت جيوش وتبدلت احوال الناس باحداث جسام سحقت انظمة بثورات داخلية او تداخلات خارجية ،وبقيت المملكة الاردنية الهاشمية عصية على كل محاولات قلب النظام او انتزاع السلطة او اخضاعها لجهة الغير او تغيير كينونة الكيان.
وعبر سنين النضال الهاشمي الاردني من اجل اخراج الاردن من وعد بلفور، ومن اجل الاستقلال، ومن اجل الحفاظ على عروبة الضفة الغربية، استقر الامر في المملكة الاردنية الهاشمية بدستور يجمع السواد الاعظم من الاردنيين على رقيه وتوازنه من حيث شكل النظام وحقوق الملك، وصلاحيات السلطات الدستورية . والفصل بينها ودقة الموازنة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية واستقلال القضاء وحقوق وواجبات المواطنة الخ..
واستقر الوضع في المملكة بالرغم من الاحداث المتلاحقة التي ألمت بالمنطقة منها فك ارتباط الضفة الغربية عن الشرقية بالحاح عربي فلسطيني لتمكين منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، الدخول الى العملية السلمية مع اسرائيل، والحرب الاهلية اللبنانية، واحتلال الكويت والحصار على العراق (وعمليا على الاردن) ثم احتلال العراق والعدوان المتتالي على الاهل في الضفة الغربية وقطاع غزة ووفاة جلالة الملك الباني الحسين بن طلال واعتلاء جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين سدة الحكم واستمرار وتيرة الاستقرار والامن والتنمية المستدامة .
سؤالان هامان يجولان في خاطري : 1- هل نستغرب ان وقف مراقب خارجي ( او حتى داخلي) ليتساءل ماذا حصن الوطن الاردني، دون غيره من الاوطان في قلب هذا الشرق الملتهب وبقي حصنا منيعا، وواحة الامن، وانجازا اقتصاديا ، ومؤشرات اجتماعية وخدمية تفوق العديد من مؤشرات الدول النامية قياسا بالموارد المتاحة؟ 2- أما آن الاوان للمتربصين والممتهنين الشطحات الفكرية ان يدركوا ان الاردن اقوى بكثير مما يظنون ، وان العبث فيه او معه محرقة مؤكدة، وانه ليس رقما يسهل لمن يشاء قسمته كما يريد؟
الثوابت الوطنية الاردنية هي الجواب على السؤال الاول: 1- الهاشميون ، آل البيت الأطهار، اشرف نسب عربي على الإطلاق، وحملة رسالة نهضوية عربية هي صيغة الثورة العربية الكبرى، وصانعو الاستقلال بأيدي ودماء الشعب الأردني الذي أنكر ذاته من اجل تراب الوطن، وهذا الثابت أصبح جزءا لا يتجزأ من سيرتنا الذاتية ولا نقبل بأي بديل. فمبايعتنا للعرش الهاشمي بيعة ووفاء وولاء وقناعة راسخة في ضمائرنا بأن هذا العرش صمام أمننا إلى ما شاء الله .
2- الدستور الاردني وهو العقد السياسي والاجتماعي بين الحاكم والرعية ، والمنظم الموزون لمؤسسات الدولة الحديثة بدءا بمؤسسة العرش الى المواطن ، وأي مساس في هذا التوازن الكامل بالتحديد بمؤسسة العرش الحامية للدستور ، يعني احداث خلل في الاساس الذي قامت عليه الدولة الاردنية الحديثة.
وان كان هناك حفنة يدعون الى ملكية دستورية فترد عليهم الملايين من الاردنيين ان ملكيتنا هي دستورية اولا، ولا نرضى الا بحقوق الملك الواردة في الدستور، ولا تطمئن النفوس الا ان نرى جلالة الملك على قمة هرم السلطة التنفيذية وتناط به ، مع مجلس الامة، السلطة التشريعية ، وتحكم السلطة القضائية باسمه العزيز.
3- الوحد الوطنية بين ابناء الاسرة الاردنية الواحدة الكبيرة والتي هي عنوان الامن والسلم الاجتماعي لكل الذين ارتضوا بالمواطنة الاردنية ودافعوا عن ثوابت الاردن وانجازاته .
4- الجيش العربي الأردني والأجهزة الأمنية: كل فرد حارس محترف وطني يحمي الوطن من التخوم الى أعمق نقطة.
وان كنا نهدف دائماً الى التنمية الشاملة، ومنها التنمية السياسية، فلا يظنن أحد ان الخروج عن نصوص الثوابت الوطنية يعني تنمية لأي شيء فما هو الا عبث بمعادلات حصنّتنا وعلينا التشبث بها. وهذا يقودنا الى جواب السؤال الثاني.
القوة الأردنية الذاتية هو الجواب على السؤال الثاني.
فقط أولئك الذين لا يعرفون قوة الأردن يظنون ان دور الأردن هو تقديم حلول لمشكلات الاقليم، وبخاصة القضية الفلسطينية، بما فيها التضحية بالكيان الأردني لما يسمى (الوطن البديل) وآليته (الخيار الاردني). ويكفينا في هذا الصدد ما قاله جلالة الملك، العارف بقوة الأردن، باننا نتكلم نحن بهذا الخيال اكثر من غيرنا، وما من دولة او قوة اقليمية او دولية تدخل في حساباتها مغامرة بمثل هذا الجنون. هي محض تصور او تمني في مخيلة بعض الذين يعشقون العصف الدماغي، مثلها كمثل شطحة الملكية الدستورية، ولن نعيرهم اهتمامنا لاننا نعرف قوة الاردن ونثق بثوابته التي تصونه وتحميه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد