مقدسي يحتضن شهيدا أردنيا قضى في حرب الـ67

mainThumb

07-06-2008 12:00 AM

تحتضن حديقة منزل مقدسي على احدى تلال مدينة القدس القديمة، ضريح شهيد أردني قضى في حرب الـ(67) بالقرب من خندقه الذي تمترس فيه خلف رشاشه في مواجهة العدو.ورغم مرور واحد واربعين عاما على استشهاد الجندي، ودفنه في حديقة بيت محمد نسيبه، في حي الشيخ جراح ما تزال "خوذة" ذلك الجندي تعتلي قبره ،لتبقى "الخوذة" والخندق بجوارها شاهدين على رجل قدم الغالي والنفيس افتداء لارض فلسطين.
وشكل الكشف عن الضريح وتفاصيل القصة مفاجأة لفتحي الزعبي الذي رافق الفريق الاعلامي خلال زيارة القدس نظرا لتشابه تفاصيل القصة مع ظروف استشهاد شقيقه "محمود" الذي بحث عنه طوال السنوات الماضية دون جدوى. وفيما بدا نسيبه يتحدث عن الشهيد وأوصافه بأنه "في بداية العشرينات وانه من كتيبة الحسين الثانية" إلا أنه لم يتذكر اسمه، صرخ الزعبي والدموع تنهمر من عينيه "أنه أخي محمود:فهذه أوصاف:بحثنا عنه كثيرا ولم نجده".وبصوت متحشرج واصل حديثه "حين سألنا رفاق سلاحه أخبرونا أنه أستشهد في حي الشيخ جراح وقد أسندت اليه مهمة تحت خندق رشاش" ليستدرك القول "وإن لم يكن شقيقي فهو بمنزلة اخي لانهما افتديا روحيهما في الدفاع عن الارض المقدسة".
ووجد نسيبه في ضريح الجندي الاردني الذي زكى بدمائه الارض، أكبر واعظم شاهد على حجم التضحيات التي قدمها الجيش العربي على أرض فلسطين، لتختزل قصة الضريح وهو يتحدث عنها مدى الشجاعة والاستبسال للذود عن الارض والعرض والكرامة العربية.فبعد أن وضعت الحرب أوزارها بأيام وعودة نسيبه الى منزله، كانت دماء الجندي ندية تعبق برائحة الشهادة في حديقة المنزل مختلطة بالارض التي بارك الله فيها وحولها.
ويقول محمد:" لم أجد في تكريم هذا الجندي إلا أن ادفنه على ذات الثرى الذي سقط فيه شهيدا وبجوار الخندق الذي قاوم من خلاله العدو:وأن أحافظ على خندقه من العبث ليكونا مدرسة نتعلم منهما والاجيال المقبلة معنى الصمود والارتباط بالارض".ويواصل حديثه عن جاره الشهيد "هذا الجندي يمثل الكرامة والتضحية والانتماء العربي، فالقدس لم تسقط بسهولة إنما بعد إفتدائها بالارواح والدماء" كلمات بحضرة الشهيد قالها نسيبه بعد ان فرغ من قراءة الفاتحة على روحه الطاهرة.
وأعتبر نسيبه أن الله أكرمه بوجود هذا الشهيد في باحة بيته، لتضفي روحه ورفاته رمزية ننحني لها إجلالا وإكراما لما كرموا بنيل احدى الحسنيين.فهذا الشهيد، الذي يعتبره نسيبه أحد أفراد عائلته، هو واحد من العديد من الشهداء الذين سقطوا على أرض فلسطين في حرب الـ(67)، وكان هو وجيرانه وأبناء عمومته من نالوا أجر إكرامهم "بالدفن" على ذلك الثرى.
وأشار" كنا شهود عيان على الحرب فكان الجيش الاردني يقاتل بشراسة رغم تفوق العدو والقصف الجوي:كانت عيونهم الى الغرب ولم تكن أبدا الى الشرق ".كانت الحرب ونتائجها قاسية جدا وهي ماثلة حتى الان يقول المقدسي محمد نسيبه ويؤكد أن الاردن بجيشه العربي خاض المعركة ودافع بكل رجولة وشجاعة بيد أن غياب الغطاء الجوي وانقطاع الامدادات وكثافة القصف الجوي حال دون تحقيق النصر.
ففي حرب الـ(67) قدم أروع صور التضحيات، رغم قلة امكاناته مقارنة مع العدو، فقد أستشهد في تلك الحرب أكثر من 700 جندي أردني، وأصيب أكثر من (6000) بجروح.وفي مشهد يجسد وحدة المصير والدم الاردني والفلسطيني فوق الارض وتحتها فقبور الشهداء الاردنيين قبور أبناء القدس المرابطين في مسيرة نضال امتزجت معها التضحية بحب الارض.وحرب الايام الستة جرت بعكس ما خطط لها فقد دمرت قوات العدو الطائرات العربية في غضون ثلاث ساعات وخاض الجيش العربي الاردني المعركة دون غطاء جوي ما مكن عدوهم من حسم المعركة لصالحه بعد ان قصفوا كل مصادر الامداد والتزويد ايضا.
وتكبد الاردن خسائر فادحة فقد دمر سلاحه الجوي وتمزقت دروعه وانهار اقتصاده وتعرضت قواته المسلحة خلال ايام الحرب لهزيمة مريرة لا يستحقها - وفقا لما اورده الدكتور سمير مطاوع في كتابه "الاردن في حرب 1967".
تلك الحرب، التي استمرت ستة ايام، كانت الخيار الاسوأ للاردن، انطلاقا من وجهة نظر اردنية بأن العرب لم يكونوا مهيئين لخوض المعركة، لعدم وجود نظام دفاع عربي اقليمي يحول دون تمكن اسرائيل من تنفيذ مشروعها التوسعي الاستيطاني في الضفة الغربية.في كل منطقة وحي من أحياء القدس:والحال كذلك في نابلس والخليل وسائر أرجاء الضفة الغربية كان للجيش الاردني العربي بطولات ما يزال أهالي تلك المناطق ممن عاصروا تلك الفترة يرووها للاجيال فهم شهود عيان عاصروا الحرب وكانوا الاقرب الى الحقيقة والى مجريات الاحداث ./بترا- صالح الدعجة /



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد