صحيفة قطرية تبرز مكانة الحمود وتسلط الضوء على دوره الإنساني والتنموي

mainThumb

20-07-2010 12:02 AM

أثنى الدكتور نصير شاهر الحمود المدير الإقليمي لمنظمة "أمسام”- المراقب الدائم للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة وسفير النوايا الحسنة على الجهود التي تبذلها دولة قطر في الميدان الإنساني العالمي، مؤكدا على أثر تلك الجهود في التخفيف من وطأة معاناة ملايين من المحتاجين للغذاء والدواء والتعليم حول المعمورة.


وأكد الحمود في حوار مع " الشرق" على الدور الطليعي لسمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند التي ساهمت في تعزيز الشأن الإنساني والتمكين النسوي في المنطقة والعالم، كما كانت المبادرة الأولى في تطوير مستوى التعليم الإقليمي.
ودعا الحمود في حواره الصحافي دول العالم لاقتفاء أثر البرامج والمبادرات التنموية التي تطلقها وترعاها دولة قطر الساعية لشد أزر المستضعفين وتمكين النساء وتحسين مستويات الدخل عبر التأكيد على أهمية الأداء والانجاز كمعيار أساسي للنجاح ضمن أسس تعتمد على كفاءة العمل وسلامة السياسات.
وفيما يلي محاور اللقاء.

الشرق: هل لك أن تعطينا فكرة حول أوضاع الجوع والفقر وجهود التنمية في العالم وتطلعات "إمسام" تجاه تخفيض نسب تلك العلل التي تعاني منها الدول والمجتمعات؟
الحمود: لا بد من الاستناد للرقم المفزع الذي أطلقته المنظمات الدولية مؤخرا حين قالت إن نحو مليار جائع حول المعمورة يحتاجون لالتفاته من الدول الغنية والمنظمات صاحبة المبادرات والبرامج التنموية.
هذا الرقم الكبير يعكس حاجة المجتمعات والدول والمنظمات لتغيير سياساتها وأولوياتها التنموية بما يسهم في تقليص ومعالجة نسب الفقر والجوع في العالم.
لقد عمقت الأزمة المالية العالمية ومن قبلها أزمة أسعار المواد الغذائية من نسب الفقر والجوع في العالم وهو ما يستوجب توجيه موازنات الدول نحو المشاريع التنموية التي تدر دخلا وتسهم في تحقيق التوظيف الكامل للموارد عوضا عن استنزاف تلك المصادر المالية في أوجه الإنفاق الجاري.
لا يزال العالم يعاني من آثار تلك الأزمتين على الرغم من خفوت صوتهما، لكن الآمال المعلقة بالدول الغنية ومساهماتها في معالجة ظاهرة الفقر التي تقض مضاجع كثير من المجتمعات بدت تتبدد مع انشغال هذه الدول في معالجة الآثار السلبية التي ترافقت مع الأزمات المختلفة.
لقد تداعت دول العالم عبر قمم العشرين والثمان لمواجهة الآثار المواكبة لتفاقم نسب الفقر والجوع غير أن ذلك الاهتمام اخذ في التراجع التدريجي مع ظهور أزمات اقتصادية في أقاليم مختلفة من أوروبا وتحديدا أيسلندا واليونان، ما ساهم في تغيير أولويات هذه التكتلات.
وفي هذا الصدد، على الدول التي تعاني من تفشي نسب الفقر لكنها تتمتع بتوافر المقدرات الطبيعية أن تعمل على استنهاض تلك القدرات عبر تحفيز البرامج التنموية التي تضمن اعتمادها على مواردها وما تجود به أرضها والعمل قدر الإمكان على  تقليص ما يجري فيها من خلافات ونزاعات دينية وسياسية وعرقية لأن هذه الصراعات تجهز على البرامج التنموية.

الشرق: كيف ترى الجهود التي تبذلها الحكومات العربية في المجالين التنموي والغذائي؟
الحمود : لقد تنبهت الدول العربية في وقت متأخر من الآثار التي تمخضت عن أزمات الغذاء والمال، وقد انقسم اهتمامها بهذا الشأن تبعا لتصنيف هذه البلدان بين دول تتمتع بفوائض مالية وأخرى تعاني من عجز مالي؟
 فقد أقدمت بعض الدول غير النفطية على توجيه جزء من موارد ميزانياتها السنوية نحو القطاع الزراعي، غير أنها لا تزال تصطدم بعوائق كبيرة تحول ما بين التطلعات والتنفيذ، في ظل حالة قطاعات أخرى للإنفاق سيما تلك التي تمس الأجور والرواتب في دول مثل الأردن فيما تعاني دول أخرى من تحديات التصحر كما هو الحال للمغرب، على أن الجزائر نجحت في تنمية إنتاجها من الحبوب عبر تحقيقها اكتفاء يغنيها عن الاستيراد والاعتماد على المورد الخارجي شديد التذبذب.
أريد أن أشيد بالتجربة الجزائرية في هذا الصدد، فقد أعلنت هذه الدولة العربية في يونيو الماضي عن تصدير أول شحنة لجارتها تونس وذلك للمرة الأولى منذ نحو 4 عقود.
وفيما يتعلق بالدول النفطية، فقد استنت لنفسها طريقا واضح المعالم حين استهدفت الاستثمار في القطاع الزراعي في البلدان العربية والإسلامية بهدف ضمان أمنها الغذائي في ظل عدم قدرة أراضي دول مجلس التعاون الخليجي على الإنتاج الزراعي المجدي.
وأريد في هذا الصدد، الإشادة بالدور الكبير الذي تقوم به شركة حصاد الغذائية التابعة لجهاز قطر للاستثمار التي تحقق منافع متعددة من استثماراتها الزراعية الخارجية لعل أهمها حرصها على تحقيق تنمية شاملة للمجتمع الزراعي الذي تعمل به فضلا عن نقل التكنولوجيا ناهيك عن تحقيق الحاجة اللازمة للاستهلاك المحلي.
كما نجحت "حصاد" في الإنتاج الزراعي المحلي، في مناطق مختلفة من الدولة.
هذه وقد سجلت كل من الكويت والإمارات والسعودية نجاحات مماثلة في الاستثمار الزراعي الخارجي إيمانا منها بضرورة تلبية حاجاتها المستقبلية المتنامية.

الشرق:بالإضافة إلى الفقر والجوع في العالم، ما هي برأيك أبرز الأجندات التي تمثل تحديا يجثم على صدر العالم في المرحلة الحالية؟
الحمود : نعم هنالك الكثير من التحديات لكن أبرزها الفقر والجوع، لكن مواجهة ذلك يجب الا تجعل العالم غافلا عن تحقيق محاور التنمية العلمية والفكرية وتمكين النساء ومعالجة ملفات المهجرين وذوي الاحتياجات الخاصة.
على المستوى القطري، كان هناك نجاحات واسعة في هذه المحاور المختلفة وهو الأمر الذي لم يقتصر على الشأن المحلي بل تعداه لمساهمات خارجية بفضل توجيهات سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى وحرمه سمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند حفظهما الله اللذان يحملان هما إنسانيا ذا طبيعة عالمية شمولية.
أما على المستوى العربي، فيتضح أن الأزمات الاقتصادية قد ألقت بظلالها على برامج هذه الدول في تنمية مشاريعها وبرامجها وإن كان ذلك بشكل متباين.

الشرق: ما رأيكم بالمساهمات الإنسانية والاقتصادية والتنموية التي تقوم بها سمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند على المستويين العالمي والمحلي؟
الحمود: لقد قدمت سموها مساهمات جليلة شملت بظلالها الشؤون الدولية، حيث كان لمبادراتها وأفكارها صدى حول المعمورة وهو ما ساهم في اتخاذ بلدان ومنظمات لمبادرات شبيهة تحاكي الأفكار الخلاقة التي جاءت بها سموها.
ومن أبرز المساهمات التي قامت بها سموها التعاليم وتمكين النساء، وأريد أن أذكر بالدور البارز الذي لعبته سمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند في تأسيس الصندوق الدولي لدعم التعليم في العراق والذي سيضمن الارتقاء بمستوى تعليم المرأة.
وما انفكت سموها تؤكد على الدور الطليعي للمرأة في الحياة العامة، وهو التأكيد الذي يتلاقى مع جذور الحضارة العربية الإسلامية التي تساوي بين الرجل والمرأة في الحقوق.
لقد ساهمت سموها في تحسين أحوال المرأة في عدد من الدول العربية، وهو ما يعكس اهتمامها الذي لا يقتصر فقط على الحدود القطرية فحسب.
وقد كان لتوجيهاتها الأثر الكبير في بناء إستراتيجية وطنية شاملة تضمن النهوض بواقع المرأة القطرية على كافة المستويات، إدراكاً من سموها بأهمية التعليم في رفع درجة وعي المرأة بحقوقها، إذ ترى سموها أن التعليم بمثابة مفتاح التغيير في المجتمعات، وهو ما دفعها لقيادة إصلاح التعليم في قطر.
ومن بين منجزات سموها تحفيز المرأة القطرية في تولي الأخيرة لمناصب قيادية في المؤسسات المحلية والدولية، ما يعكس مقدار التقدم الذي أحرزته دولة قطر في هذا الشأن بفضل توجيهات سموها".
وبتوجيهات من صاحبة السمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند حرم سمو الأمير حفظهما الله، تم ضم منتدى سيدات الأعمال القطريات إلى رابطة رجال الأعمال القطريين، في خطوة تهدف لتعزيز دور المرأة في الشأن الاقتصادي.
أدوار دولية
تلعب سموها دورا إنساني دولي بالغ الأهمية وهو ما أدى لاختيارها من قبل السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون ضمن مجموعة الأهداف الإنمائية للألفية الاستشارية والتي تضم عدد من كبار المفكرين والفاعلين في العالم المعنيين بمكافحة الفقر.
إن ذلك الاختيار يأتي كنتيجة طبيعية للدور الذي تقوم به سموها على الساحة الدولية عقب تبنيها وتطبيقها مبادرات وبرامج ترمي لمعالجة مظاهر الفقر والجهل والأمية وتمكين النساء، ما جعل منها المرجعية النسوية الأولى على المستوى الدولي في سائر هذه الميادين.
وستقود سموها الجهود الدولية الرامية لتسريع وتيرة تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية والمقررة انجازها خلال عام 2015 وقبل ذلك سيكون هناك بناء سياسات واستراتيجيات وخطط وطنية ستطرح ضمن قمة الأهداف الإنمائية للألفية المقررة في سبتمبر المقبل بخطط عمل وطنية ملموسة لتحقيق الأهداف.
وسوف يكون لدور سمو الشيخة موزة الأثر البليغ في إعادة توجيه الانحراف الحاصل في تحقيق عدد من الدول العربية للأهداف الألفية التي قال التقرير ألأممي الأخير بحقها إنها "خارج المسار الصحيح" لهذه الأهداف التي تشمل خصوصا الحد من الفقر قبل العام 2015.
وكان لسمو الشيخة دورا بالغا في تمكين المرأة العربية ودخولها سوق العمل والتعليم ما ساهم في تحسين إنتاجية المجتمعات العربية وبالتالي نسب الفقر والأمية، وهذا ما ينطبق أيضا على مبادراتها تجاه الأطفال والتعليم وغير ذلك.
وأن اختيار سموها في المجموعة كشخصية عربية وحيدة يمثل دلالة قاطعة على نجاح البرامج والمبادرات التي أطلقتها سموها على المستويين العربي والدولي.
وأثني على الجهد الكبير الذي تقوم به سمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند المبعوثة الخاصة لليونسكو لشؤون التعليم الأساسي والعالي، خاصة في مجال ضمان حماية صغار الطلبة والمدرسين في المدارس، فضلاً عن تأسيسها صندوقاً لدعم التعليم في العراق الذي يمتلك جذورا حضارية وعلمية ضاربة في أعماق التاريخ.
وأشير لاهتمام صاحبة السمو بتشجيع العقول العربية الشابة والمبدعة، من خلال تبنيها أكاديمياً الطفل الفلسطيني الموهوب أحمد عوض زايد الذي حالت الظروف الحالية التي يمر بها قطاع غزة من تفتق مواهبه وتطوير قدراته، وذلك في سياق التزام سموها بالدفاع عن حق التعليم، وتأمين وتوفير الملاذ الآمن للطلبة عموماً والموهوبين منهم، خاصة في المناطق التي تعاني الصراع والأزمات.
كما أن سموها تبذل جهوداً مضنية في إيجاد الآليات الكفيلة بتقليص نسب الأمية على الصعيدين القطري والعالمي. وكانت قطر تدق ناقوس الخطر والتحذير من العواقب الوخيمة الناتجة عن تفاقم نسب الأمية وذلك في المؤتمرات والميادين الدولية، كما جاءت دعوات الدوحة لتشدد على أهمية منهجية حلول مواجهة الفقر والذي يشكل متلازمة الأمية.
وللدوحة دور إقليمي وعالمي وريادي في استضافة الفعاليات ذات العلاقة بمواجهة ظاهرة الأمية، فقد شهدت على مدى السنوات القليلة الماضية لقاءات مهمة في هذا الصدد، من بينها مؤتمر تحديات محو الأمية في المنطقة العربية. ومنظمة أيادي الخير نحو آسيا «روتا» في قطر في مجالات تساعد على تقليص نسب الفقر والأمية.
وعلى صعيد التعليم العالي باتت الدوحة منارة علمية ومرجعية في الدراسات الجامعية العليا، بفضل الجهود الكبيرة التي قامت بها سمو الشيخة موزة عبر مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، وما يتبعها من معاهد وجامعات ومراكز بحث علمية.

الحمود في سطور
للحمود مساهمات واهتمامات إنسانية دولية بحكم عمله في مؤسسات أممية تُعني بالتغذية والعلاج والصحة في مواطن مختلفة من العالم، كما حرص على نشر ثقافة الوعي بالمخاطر التي تتهدد مجتمعات بأسرها غفل العالم المتقدم عنها في ظل استمرار تركيز إنفاق الدول الغنية على التسلح قبل أن تتجه أمواله لعلاج المشاكل الهيكلية التي ولدتها الأزمة المالية العالمية، لكنه ظل يحذر من مغبة استمرار مظاهر الجوع والفقر في العالم، بعدنا تجاوز عدد الجوعي حاجز المليار نسمة، وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة العالمي "الفاو" في أحدث تقاريرها.
على الصعيد ألأممي، يعتبر الحمود من أبرز الشخصيات الفاعلة في المجال الإنساني على الصعيدين العربي والدولي، ما دفع كبار مسؤولي هيئة الأمم المتحدة لاتخاذ قرار بتعيينه سفيرا للنوايا الحسنة، وبعد شهور قليلة تم اتخاذ قرار آخر من قبل منظمة "أمسام" المعنية بمتابعة الجوع وسوء التغذية في العالم، والتي قررت تعيينه مديرا إقليميا لها، ما يعكس إيمان المعنيين العميق في هذه المؤسسة الدولية بصفاء التوجهات الإنسانية للدكتور الحمود.
ولد الحمود في مدينة أربد الأردنية عام 1963، وعقب انجاز دراسته الثانوية في المدينة ذاتها، توجه للعاصمة السورية للحصول على شهادة طب الأسنان، حيث تخرج من جامعة دمشق عام 1987.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد