قيصر الصحراء : الاستخدام الجائر لمصادرالطاقة ادى الى ظاهرة الاحتباس الحراري

mainThumb

21-12-2010 01:28 PM

انقلابات مناخية غريبة غير متوقعة باتت الموجة السائدة هذه الايام من ذوبان ثلوج; فيضانات, حرائق, تصحر, قلة المطر, امراض وآفات دبت بالشعوب جسدية ونفسية كالارق والملاريا إضافة إلى الامراض الجلدية, ولا ننسى نسبة التلوث العالية, والبراكين والزلازل. ترى ما الذي حدث?.



في الماضي القريب كنا نسمع بان الارض ستبرد وتعود مرة اخرى إلى العصور الجليدية, غير ان ما وقع حقيقة ويحذر العلماء منه اليوم هو التسخين الاحتباس الحراري, الذي اتى نتيجة ظروف طبيعية واخرى كانت يد الانسان هي من اقترفها.



العرب اليوم التقت الاستاذ الدكتور احمد ملاعبة خبير التراث الطبيعي وهندسة البيئة في الجامعة الهاشمية, والملقب بقيصر الصحراء, وسألته عن الاحتباس الحراري والتغيير المناخي.

* لماذا تحول التفكير من المنظور البيئي من ان الارض ستبرد الى ان ما يهدد الارض هو الاحتباس الحراري?

- لقد انقلب الفكر العالمي من منظور بيئي, وستأتي عصور جليدية صغيرة (في اماكن مرتفعة جديدة) خصوصا مع بداية التسعينيات, الى ان الغلاف الجوي يستعر وان هنالك تهديدا بالاحتباس الحراري وارتقاع حرارة الغلاف الجوي.

وهنا لابد من التأكيد ان المكنونات الطبيعية التي اوجدها الله في الطبيعة لتكون قادرة على تكوين الكوارث والازمات فانها بنفس الوقت لها القدرة على اعادة التوازن الى ذاتها ومن دوراتها المختلفة تعلم الانسان اعادة التدوير والاستخدام ولكن تدخل الانسان واستخدامه الجائز للمصادر الطبيعية وخصوصا مصادر الطاقة غير المتجددة ادى الى ارتفاع نسبة الغازات الحبيسة (الدفيئة) وبالتالي ظهور التحذير من ظاهرة الاحتباس الحراري.

* ما تعريف الاحتباس الحراي?

- هو الارتفاع التدريجي في درجة حرارة الطبقة السفلى القريبة من سطح الارض من الغلاف الجوي بالارض بسبب ارتفاع نسبة الغازات الدفيئة (غازات الاحتباس) في الجو.

* ما هي الغازات الدفيئة الأخرى التي تسبب الأضرار العالمية او ما يطلق عليه ظاهرة الصوبة?

- الغازات الدفيئة (Greenhouse gases GHGs) الرئيسية هي اضافة الى ثاني اكسيد الكربون هناك بخار الماء واكسيد النيتروجين NO (وخصوصا من الاسمدة) والميثان (المنبعث وبكميات كبيرة من مزارع الارز واماكن طمر النفايات وتربية الابقار) والاوزون (O3) والكلوروفلوركربون المسؤولة عن تاكل طبقة الاوزون (Chlorofluorocarbons (CFCs) هذه الغازات تسبب الاحتفاظ بالاشعة الشمسية المنعكسة من الارض باتجاه الغلاف الجوي العلوي حيث تتميز بقدرتها على امتصاص الأشعة التي تفقدها الأرض (الاشعة تحت الحمراء) ما أدى إلى ظاهرة الاحتباس الحراري والاحترار العالمي.

* ماذا نعني بالانقلاب البيئي?

- ان عملية الانقلاب البيئي المناخي تعني تغيير الانماط المناخية السائدة على سطح الارض او في اقليم مناخي معين, بحيث يتحول هذا المكان من صحراء قاحلة جافة الى منطقة مطيرة وبالتالي تصبح مناطق خضراء (غابات).

* نظام مناخي, اقليم مناخي ما معنى هذه العبارات?

- الأرض تقسم الى عدة أقاليم أو أنظمة مناخية ويستند هذا التقسيم الى النباتات المحلية السائدة والتي تعتبر من أفضل الطرق للتعبير عن المناخ. وكذلك الأنظمة البيئية المتواجدة في منطقة النظام المناخي سواء كانت أنظمة بيئية غير حيوية (ماء, هواء, تراب) ام حيوية (انسان, حيوان, نبات). فلقد قسم عالما المناخ الألمانيان فلاديمير كوبن وردولف جيجر المناخ (أو ما يعرف نظام تصنيف جيجر - كوبين) سطح الارض الى عدة مجموعات مثل الأنظمة أو المجموعة المدارية (وتقسم الى الاستوائية المطيرة والموسمية والمدارية الرطبة والجافة أو(السافانا) والأنظمة الجافة (القاحلة وشبه القاحلة) والنظم المعتدلة والقارية والقطبية (التندرا) وغيرها.

* هل هناك تغيير او انقلاب بيئي مناخي حقيقي تشهده الارض خلال هذه الفترة?

- نعم والدليل هو ما نشهده على مستوى العالم من حيث عدة ظروف.

1- ذوبان الثلوج في القطب الشمالي

إذ بلغت نسبة الذوبان خلال العامين الماضيين 20% واذا استمر الحال على ذلك فانه من المتوقع ذوبان الثلوج في القطب خلال عشرين عاما من الان, والفيضانات في اماكن كثيرة في العالم خصوصا ان 25 دولة لا ترتفع عن مستوى سطح البحر أكثر من متر واحد, وهي مناطق مهددة بحدوث الفيضانات والغرق, والحرائق التي حدثت في روسيا نتيجة موجة الحر التي تمر بها روسيا منذ تموز ,2010 وهي تعتبر الأعلى منذ بدء تسجيل درجات الحرارة قبل 130 عاماً.

التصحر الذي شهدناه في جنوب اوروبا وزيادة المساحات الصحراوية في افريقيا, وجزر مهددة بالغرق بحيث يمكن القول ان هناك اكثر من 40 جزيرة اصبحت تحت تأثير التغيير المناخي.

* ما هي الاسباب وراء كل هذه التغييرات?

- هناك اسباب طبيعية واخرى بشرية الطبيعية فمنها 1- الانفجارات البركانية مثل بركان ايسلندا والذي نفث ما يزيد على 50 مليون طن من ثاني اكسيد الكربون في الجو 2- التغيير في مكونات الغلاف الجوي وخصوصا ارتفاع الغازات الحبيسة (الدفيئة) 3- التغييرات الفلكية وخصوصا العلاقة ما بين دوران الشمس والارض وكمية الاشعاع الشمسي وعدد الساعات الشمسية التي تصل مختلف مناطق كوكبنا الارضي.

4- الزلازل والحركات التكتونية التي ترافقها تغيرات تضاريسية ويسبقها انبعاث الغازات وخصوصا (الرادون) 5- التذبذب في كميات سقوط الامطار في الاقاليم المناخية المختلفة وبالتالي زيادة التصحر والتخضر.

اما الاسباب البشرية, فسببها الاساسي هو زيادة استخدام الوقود الاحفوري (النفط والغاز والفحم الحجري) الذي ادى الى تغيير كيميائية الغلاف الجوي وبشكل جوهري أدى إلى استخراج وحرق أكثر من 3 تريليونات طن من الوقود الاحفوري لتوليد الطاقة في الاعوام ال¯ 150 المنصرمة.

 هذه الأنواع من الموارد الاحفورية اطلقت غازات تحبس الحرارة كثاني اكسيد الكربون(CO2)  وهي من أهم أسباب تغير المناخ. وتمكنت كميات هذه الغازات من رفع حرارة الكوكب إلى 1.2 درجة مئوية حيث تزداد نسبة ثاني اكسيد الكربون حوالي 10% سنويا ولقد أكدت ذلك القياسات المأخوذة من مرصد مونا لوا ان تركيز جزيئات ثاني أكسيد الكربون إرتفع من 313 جزئياً في المليون في سنة 1960 إلى 389 جزيء في المليون في سنة 2010. واكسيد النتروجين 9ا% وغاز الميثان 100%, وان واقع نظام الطاقة العالمي الحالي المسؤول الرئيسي عن تأثير الارتفاع الحراري ولتقريب ذلك فان المسافر من عمان الى صنعاء تنفث طائرته ما يقارب 30 كغم من(CO2) . ان الانحباس الحراري له آثار على الحياة وعلى الارض, حيث ارتفاع معدلات المرض والوفاة نتيجة لموجات الحر, أن درجات الحرارة من المتوقع أن تتزايد خلال الخمسين سنة المقبلة من 1.8 درجة مئوية الى 4 درجات مئوية.

 وهذا الاحترار له آثار صحية على الانسان تتجلى في ارتفاع انتشار معدلات المرض والوفاة نتيجة لموجات الحر والفيضانات, والجفاف وقلة المياه (ندرة المياه قد تؤثر خلال العشرين سنة المقبلة على مليار إنسان على الارض). أما التأثيرات الطبيعية والعواقب الأخرى ادت الى تراجع المحصول الزراعي بنسبة تتراوح بين 30-50% خلال العشرة اعوام المقبلة بسبب انخفاض خصوبة التربة. كذلك ارتفاع مستوى البحار والتي قد تكون بالغة الشدة.

CO2

* نظرا للتغيرات المناخية الشديدة هل نتوقع ان نرى تحول الصحارى الكبرى في افريقيا وآسيا خصوصا الى مسطحات خضراء?

- نعم.. اذا استمر الوضع البيئي الحالي وزادت نسبة التلوث فان ذلك سيكون امرا واقعا فالجليد في الاقطاب سيذوب ويتحول كساؤها من الثلوج البيضاء الى صحراء ذات رمال شهباء.. حيث أكدت الدراسات أن هناك معدل ضعف ارتفاع الحرارة في منطقة القطب الشمالي, مقارنة مع بقية المجموعات المناخية على الأرض. فضلاً عن ذلك فإن أنماط المجموعات المناخية قد تغير تقسيم فصول السنة.

اما بعض الصحارى في الأقاليم التي سيحدث فيها زيادة هطول الأمطار, فتتحول الى غابات خضراء.وقد يحصل تغير كبير على صحراء النفوذ الكبرى التي تمتد من شرق الاردن (من محافظة الزرقاء) وتمتد حتى غرب العراق.

 * اذا كان الوقود الاحفوري هو الاساس في زيادة نسبة CO2 فلماذا لا تسعى الدول العالمية لتقنين استخدام هذا الوقود?

- يقودنا هذا السؤال الى ان تغير مفهوم دول العالم الاول ودول العالم الثالث كما تسمى الان ومن منطلق بيئي فانني لأقترح تقسيم العالم اليوم الى اربع مجموعات المجموعة الاولى الدول الصناعية المتقدمة (التكنولوجية) مثل المانيا واليابان وامريكا والدول الصناعية او العشر الاخرى.

المجموعة الثانية الدول الصناعية النامية مثل الصين, الهند, البرازيل وغيرها. المجموعة الثالثة هي الدول التنموية التي تواكب التطور الصناعي والتكنولوجي مثل السعودية ودبي ودول الخليج والاردن وسورية, والرابعة, الدول الفقيرة التي تعيش تحت خط الفقر وتخلو من الصناعات الثقيلة والخفيفة مثل بعض الدول الإفريقية وفيها بعض الصناعات التحويلية مثل استيراد الورق وقصه او استيراد المواد الخام للمنظمات وتجهيزها بالسوائل المحلية.

تفاوت الاستخدام للوقود الاحفوري بين هذه الدول يستدعي ان تتحمل الدول التكنولوجية والصناعية النامية المسؤولية الاكبر للحد من انتشار غاز CO2 ثاني اكسيد الكربون وتخفيف نسبة الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي من المبدأ البيئي الذي يؤكد ان المتضرر يجب ان يدفع او يعدل.

ومن هنا فقد أكدت الدول الأوروبية في قمة المناخ في مدينة كانكون المكسيكية (29 تشرين الثاني 2010) وجود برنامج لديها يمكنها من رفع نسبة خفض انبعاث الكربون بنسبة عشرين إلى ثلاثين بالمئة بحلول سنة ألفين وعشرين.

* كيف يمكن الحد من هذا التغير?

- لا بد من تخفيف تركيز ثاني اكسيد الكربون في الجو والعمل على استقرار تركيزه فى الغلاف الجوى عند مستوى يحول دون وقوع الآثار الضارة بالنظام المناخى. اذ ارتفع تركيز ثاني أكسيد الكربون من نحو 268 جزءا بالمليون عام 1750 إلى نحو 365 جزءا عام ,1998 وهو ما يمثل زيادة مطلقة بنحو 31% خلال الفترة المذكورة. كذلك دلت القياسات الحديثة على أن هذا التركز قد ارتفع بمعدل 1.5% سنويا فى المتوسط خلال الفترة 1990¯¯ .1999 ولقد ارتفعت تراكيز CO2 من نحو 22 مليار طن عام 1999 إلى نحو 29 مليار طن عام 2010 وستبلغ 36 مليارا عام .2020

ويمكن تخفيف ذلك من خلال تقنين استخدام الوقود الاحفوري والتأكيد على ترشيد استخدامه وأفضل الحلول البديلة موجودة في: الطاقة المتجددة الرفيقة بالبيئة حيث تؤمن موارد الطاقة المتجددة من الطاقة الشمسية (حيث ان بعض الدول لديها 3000 ساعة من الإشعاع الشمسي كالأردن مثلا) وطاقة الرياح والمياه والأمواج والكتلة الحيوية مصادر لتوليد الطاقة التي تحتاجها البشرية وبالكميات المطلوبة.

والحل ايضا في اصطياد الكربون من الجو (أو فلتره الجو) وذلك بإيجاد تقنيات تعمل على جمع الكربون من الجو وضخه بشكل مقنن وبنسب محسوبة في البحار او الآبار النفطية والغازية الناضبة وغيرها.

 العرب اليوم



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد