صحيفة السوسنة الأردنية

تشير المستويات القياسية التى بلغتها الاستثمارات الاجنبية فى مصر الى أن المستثمرين يراهنون على انتقال سلس للسلطة فى الوقت المناسب من الرئيس حسنى مبارك "79 عاما" الى جانب استمرار سياسة تحرير الاقتصاد.
ويحكم مبارك مصر اكبر البلدان العربية من حيث عدد السكان منذ أكثر من ربع قرن ولم يعين نائبا له كما لا يوجد له خليفة ظاهر غير نجله جمال الذى يقول انه ليست له أى طموحات لتولى الرئاسة.
وقد يلقى المؤتمر السنوى للحزب الوطنى الديمقراطى الحاكم الذى يبدأ فى الثالث من نوفمبر/ تشرين الثانى مزيدا من الضوء على نوايا أسرة مبارك ومساعديهم المقربين. ويحتل جمال حاليا ثالث أعلى منصب فى الحزب الحاكم.
ونشرت صحف معارضة فى اغسطس/اب تقارير عن شائعات مفادها أن مبارك فى حالة مرضية شديدة غير أن سماسرة ومصرفيين قالوا آنذاك ان ذلك ليس له تأثير يذكر على الاسواق.
وواصلت مؤشرات الاسهم صعودها فى الوقت الذى بلغت فيه الشائعات أوجها. ومنذ ذلك الحين ظهر مبارك فى عدة مناسبات وبدا أنه فى صحة جيدة.
ويقول مستثمرون دوليون ضخوا مليارات الدولارات فى مصر وساعدوها على تحقيق أسرع معدلات نمو لها فيما يربو على 20 عاما انهم يتوقعون انتقالا سلسا للسلطة يستند فى أغلبه الى افتراض أن جمال مبارك سيتولى الرئاسة.
وقال على الشهابى الرئيس التنفيذى لبنك رسملة للاستثمار ومقره دبى "مصر كيان عملاق يتحرك ببطء شديد لذلك لن يكون للخلافة تأثير يذكر عليه."
واضاف "النخبة الحاكمة بما فيها الجيش والمؤسسة الامنية تتمتع بنفوذ كبير وستحتفظ بهذا النفوذ وهى تساهم فيما يبدو فى عملية الاصلاح."
ويقول كثير من المستثمرين انه يروق لهم أن يكون جمال "43 عاما" المرشح الارجح لتولى الرئاسة فهو مصرفى سابق عمل فى بنك استثمارى كما ينظر اليه على أنه المحرك للتغييرات فى السياسات الاقتصادية.
ويلمح المصريون الى عدد قليل من المرشحين الاخرين غير أن بعض المحللين السياسيين يقولون انه سيكون من الصعب على جمال أن يفرض ارادته اذا توفى والده قبل ان يتمكن من توسيع قاعدة نفوذه الى ما هو أبعد من الحزب الحاكم ومجتمع الاعمال.
وتشير تصورات أخرى الى أن الجيش يمكن أن يطرح مرشحه الخاص للرئاسة أو يمكن لشخصيات ذات نفوذ تقف حاليا فى الظل أن تتنافس على حكم البلاد.
ويقود جمال ومجموعة من رجال الاعمال من بينهم قطب صناعة الصلب أحمد عز ووزير التجارة والصناعة رشيد أحمد رشيد المسؤول التنفيذى السابق بشركة يونيليفر سياسات خاصة بالسوق الحرة مثل الخصخصة وخفض الضرائب والرسوم الجمركية.
وقالت مارى نيكولا الخبيرة الاقتصادية فى شؤون الشرق الاوسط لدى بنك ستاندرد تشارترد "احتمال كون جمال مبارك الخليفة الارجح له تأثير يبعث على الاطمئنان نسبيا بشأن الاقتصاد المصري. فهو من ناحية يضمن استمرار اصلاحات السوق الحرة لانه هو المساند الاقوى لها."
ومنذ تولى رئيس الوزراء أحمد نظيف منصبه فى عام 2004 باعت مصر عشرات الشركات المملوكة للدولة وخفضت التعريفات الجمركية والضرائب كما أقرت تشريعا لتشجيع نمو يقوده القطاع الخاص.
وساهم المستثمرون من بلدان الخليج العربى التى تفيض بالاموال جراء ارتفاع أسعار النفط فى زيادة الاستثمارات الاجنبية المباشرة فى مصر الى مستوى قياسى بلغ 11.1 مليار دولار العام الماضى كما ارتفع المؤشر القياسى للاسهم المصرية كيس 30 بنحو 25 فى المئة منذ يناير كانون الثاني.
وقال مدير أصول لدى بنك استثمار خليجى طلب عدم الكشف عن اسمه "لا تحتاج سوى الى القاء نظرة على السوق ونمو الارباح لكى تعرف ما يعتقده المستثمرون المتمرسون "بشأن مسألة الخلافة"."
واضاف "أسس جمال لنفسه وصفا ملازما بكونه اصلاحيا... والمؤكد أنه سيساعد على تسريع وتيرة الامور بدرجة أكبر."
غير أن جمال ينفى أن يكون مهتما بالرئاسة ويقول كثير من المصريين انه لا تروق له فكرة أن تنضم مصر الى الاردن وسوريا والمغرب كبلدان عربية يرث فيها الابناء السلطة من الاباء.
وقال انجوس بلير رئيس الابحاث فى بلتون المالية وهى شركة استثمارية مصرية "يتعين النظر فيما اذا كان الناس سيشعرون بجانب من "تأثير" تلك العملية.
"لم يحدث عنف بالشوارع لكن هناك معارضة سياسية متزايدة."
وحتى اذا تولى جمال أو أى شخصية اقتصادية ليبرالية أخرى الرئاسة فقد يدفع التضخم المرتفع أو الاستياء الشعبى من اتساع الفجوة فى الدخل باتجاه تباطؤ الاصلاحات.
وتقول الامم المتحدة انه رغم ارتفاع معدلات النمو الاقتصادى الا أن نسبة المصريين الذين يعيشون فى فقر مدقع زادت منذ بداية العقد الحالي.
كما يشير خبراء اقتصاديون الى أن الفجوة بين الاغنياء والفقراء تتزايد على ما يبدو.
وقال ريتشارد فوكس المحلل لدى مؤسسة فيتش للتصنيفات الائتمانية "مصدر القلق السياسى الرئيسى بالنسبة لبرنامج الاصلاح حاليا هو تأثيره على التضخم وتوزيع الدخل."