بداية القصص الخياليّة

mainThumb

13-11-2020 08:34 PM

السوسنة - تم اختراع الخيال في إنجلترا في القرن الثّاني عشر، وبالتّحديد بضع سنوات حول 1150 في منتصف القرن، كان لدى إنجلترا ثقافة أدبية متعدّدة اللّغات، وثلاث لغات على اتّصال دائم ومثمر وثقافة وطنيّة مختلطة في صنعها، كما تقول لورا آشي مؤرخة للأدب الإنجليزيّ في العصور الوسطى.
 
عندما جاء الملك ستيفن في عام 1153 إلى العرش في دور هنري الثّاني في العام التالي، كانت ترافقه زوجته إليانور آكيتاين وهي أشهر وأقوى وأغنى امرأة في أوروبا، وأحضرت معها إضافة جديدة " ثقافة التروبادور والشّعر الغنائيّ الاحتفاليّ وموسيقى الحياة والمحبّة، التي نشأت في جنوب فرنسا ومن هنا سيدخل الخيال إلى العالم كما ذكرت لورا آشي في كتابها "الخيال المبكّر في إنجلترا".
 
وتعرّف لورا الخيال بأنّه طريقة خاصّة للأدب، ولأنه الآن في كل مكان، فمن الصّعب تخيّل غيابه، والرّواية هي طريقة كتابة يدرك فيها كل من المؤلف والقارئ ويعلمون أنّ الآخر مدرك لأنّ الأحداث الموضّحّة لا يمكن أن تكون معروفة وهذا لا يعني أنّها قد لا تكون حدثت بالفعل يتم وضع الخيال في عالم المؤلف نفسه والالتزام بجميع قواعد هذا العالم، لكنّ القصص الخياليّة تعطي رواية عن شيء لا يمكن التّحقق منه ولا يطلب تصديقه إلّا للتّفكير فيه فقط، إنّه عقد بين المؤلّف والقارئ. 
 
يتميّز الخيال من الأشكال الموجودة مسبقًا للأدب غير الصّحيح، والشّعر الملحميّ والشّعر الغنائيّ، يتطلبان استجابة مختلفة تمامًا من القارئ، يقدّم الشّعر الملحميّ تاريخًا أسطوريًّا للوقت الحاضر، مع الإصرار على الحقائق الأساسيّة التي يحتوي عليها حول طبيعة الماضي وتراثه.
 
على غرار ما قاله الشاعر الروماني فيرجيل، العمل الأدبي ليس خيالًا وبالمقابل، فإنّ الشّعر الغنائيّ وهي روايات الإنجليزيّة القديمة عن الحبّ والولاء والخسارة ليست خيالًا، فالمؤلّف قد يتخيّل فقط المشاعر المعبّر عنها ، لكن إذا قرر القارئ أنّها خياليّة ، فعندئذٍ لا يبقى شيء قيّم للقصيدة فالمؤلف يعرف ما إذا كان يصف تجربة حقيقيّة أم لا، لذا فهو ليس خيالاً، الخيال معنيّ بما هو غير معروف.
 
شيء واحد لا يمكن معرفته حقًا وهو المسألة العليا للخيال، أيّ ما يحدث في عقل أيّ شخص آخر؟ إنّ هذه التّجربة المتخيّلة تمامًا التي يقدمها لنا الخيال: الوصول إلى واقع غير معلوم لحياة الآخرين الدّاخليّة أيّ ما تسمّى في يومنا هذا " الدّافع للقراءة " في الواقع ، هي التّبرير الأخلاقيّ للخيال وهذه الفكرة مقبولة بشكل جيّد. 
 
ما الذي تغيّر في إنجلترا ليظهر الخيال في الأدب وما هي الشّروط اللازمة لكتابة هذا الوضع ؟ 
ظهر مستوى من التّنمية الاقتصاديّة يتوافق مع وجود ثقافة أدبيّة ، ومجموعة من النّاس في المجتمع مع توفير كافٍ من التّعليم والتّرفيه بغرض الطّلب وتمويل الإنتاج الأدبيّ، أو إنتاجه بأنفسهم، وتطور هذا الجمهور يؤدّي إلى التّجريب، حيث يشجع كل من الاختراع الفكريّ والرّعاية الرّفيعة المستوى بعضهما البعض. 
 
لقد شهدت إنجلترا في القرن الثّاني عشر ظروفًا مواتية بشكل فريد لهذا النّوع من الثّقافة الأدبيّة لتتطور، وبشكل ملحوظ أكثر بين النّخب الأرستقراطية الغنيّة، إلى جانب المشاركة في الازدهار الاقتصاديّ في جميع أنحاء أوروبا. 
 
أُلّفت الكتابات بجميع اللّغات وترجمت في كل اتّجاه بين الفرنسيّة واللّاتينيّة، والإنجليزيّة ترجمت فقط في القرنين الثّاني عشر والثّالث عشر، كل هذه اللّغات هي لغات إنجلترا، وشكّلت أسس الأدب الإنجليزيّ.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد