دائرة الافتاء : التسول حرام شرعاً على مَنْ يملك ما يغنيه او قدرة على الكسب

mainThumb

20-06-2011 05:29 PM

قالت دائرة الافتاء في فتوى جديدة أن "التسول حرام شرعاً على مَنْ يملك ما يغنيه عنه من مال، أو قدرة على الكسب، ومن أخذ مالاً بالسؤال وعنده قدرة على التكسب، فقد أخذ مالاً حراماً " .

وفيما يلي نص الفتوى كما وردت من دائرة الافتاء :

 


المتسول: هو كل من استعطى أو طلب صدقة من الناس، والتسول ظاهرة قديمة حديثة وهي من المشكلات الاجتماعية التي تسيء إلى سمعة المجتمع، وتعكر صفوه وتشوه صورته، وقد حثّ الإسلام على العمل والإنتاج، وجعل أفضل ما يأكل الرجل من كسب يده، قال صلى الله عليه وسلم: « مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ، وَإِنَّ نَبِىَّ اللَّهِ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ » رواه البخاري .

والتسول حرام شرعاً على مَنْ يملك ما يغنيه عنه من مال، أو قدرة على الكسب، ومن أخذ مالاً بالسؤال وعنده قدرة على التكسب، فقد أخذ مالاً حراماً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لاَ تَصْلُحُ إِلَّا لِثَلَاثَة:ٍ لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ، أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ، أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ» رواه أبو داود ، قال الشبراملسي: "لو أظهر الفاقة وظنه الدافع متصفاً بها لم يملك ما أخذه، لأنه قبضه من غير رضا صاحبه، إذ لم يسمح له إلا على ظن الفاقة".

هذا بالإضافة إلى أن السائل الذي يظهر الفاقة يعرض نفسه للحرج، ويقف مواقفاً يذل بها نفسه ويهينها، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه» أخرجه الترمذي.

وقد حرص الإسلام منذ البداية على معالجة مشكلة التسول وسد حاجة الناس بالطرق المشروعة التي تحقق أمن واستقرار المجتمع ويعمّ من خلالها الخير على الجميع، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر بنفسه أمر سد حاجات الفقراء من الناس وتعليمهم الوسائل التي تحقق لهم الكفاية والترفع عن سؤال الناس، فقد روي أن رجلاً من الأَنْصَارِ أَتَى النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُهُ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: « أَمَا فِى بَيْتِكَ شَىْءٌ ؟ قَالَ: بَلَى حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ وَقَعْبٌ نَشْرَبُ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ. قَالَ صلى الله عليه وسلم:  ائْتِنِى بِهِمَا، فَأَتَاهُ بِهِمَا فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ وَقَالَ: مَنْ يَشْتَرِى هَذَيْنِ؟  قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ، قَالَ:  مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ؟  مرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ، فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ
 وَأَعْطَاهُمَا الأَنْصَارِىَّ وَقَالَ: اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ وَاشْتَرِ بِالآخَرِ قَدُومًا فَأْتِنِى بِهِ، فَأَتَاهُ بِهِ فَشَدَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُودًا بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ: اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَبِعْ وَلاَ أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا ثَوْبًا وَبِبَعْضِهَا طَعَامًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِىءَ الْمَسْأَلَةُ نُكْتَةً فِى وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه أبو داود.

وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم ونفّر من التسول، كما روى البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم».

وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سأل الناس أموالهم تكثراً فإنما يسأل جمراً فليستقل أو ليستكثر».

• والمتسولون على ثلاثة أنواع:

الأول: متسول محترف، من المتسولين مَن يحترف هذه المهنة الخسيسة، فهؤلاء يأخذون أموال الناس بالباطل، ويزداد الأمر بشاعة بالإلحاح في المسألة أو إحراج المسؤول، فيعطي حياءً أو حرجاً من الحاضرين.

الثاني: متسوّل للضرورة، والضرورة بيّنها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: «إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لاَ تَصْلُحُ إِلَّا لِثَلَاثَة:ٍ لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ، أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ، أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ» رواه أبو داود، فالضرورة إما أن تكون لفقر شديد غير محتمل، أو لدين ثقيل يعجز صاحبه عن سداده، أو لمن عليه دية لا يقدر على أدائها وإن لم يؤدها قُتل قصاصاً.

ويجب على هؤلاء الاستعانة بالله عز وجل ثم العمل الطيب الحلال لقول النبي صلى الله عليه وسلم: « لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَأْتِىَ بِحُزْمَةِ الْحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ » متفق عليه،  وإن كان لا بد، فعلى هؤلاء أن يحصلوا على تصريح الدوائر المختصة حتى ينفي السائل عن نفسه التهمة، ولا ينبغي لأحد إعطاؤهم حتى يبرزوا التصريح كي لا يكونوا أعواناً لمن يستغل الناس ويأكل أموالهم بغير حق.

الثالث: متسول فقير وعنده عاهة، وهذا نفقته واجبة على أوليائه، سواء أكان ذكراً أم أنثى، كبيراً أم صغيراً، فإن لم يتوفر الولي فيمكن اللجوء إلى  وزارة التنمية الاجتماعية ممثلة بصندوق المعونة الوطنية لمساعدته.

• حكم إعطاء المتسولين: إذا عرفنا أحوال المتسولين وأنواعهم فإن المتسول للضرورة يجوز لنا التصدق عليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: « ردوا السائل ولو بظلف شاة محرق» رواه النسائي، وهو البذل اليسير أو الردّ الجميل.

وأما المتسول المحترف الذي له ما يغنيه أو له قدرة على العمل والكسب فهذا لا يجوز أن نعطيه، بل ينبغي لنا نصحه ووعظه كي لا يأكل مالاً حراماً، وفي كلا الحالتين علينا أن نتعامل مع السائلين برفق ولين، ولا ننهرهم بالغلظة والجفوة، لقول الله عز وجل: ? ?  ?  ?  ں    ? الضحى/10.
* وقد اعتبر القانون الأردني التسول بغير سبب مشروع جريمة يستحق صاحبها العقاب عليها لأنه أكل لأموال الناس بالباطل ووسيلة من وسائل التحايل على الناس فقد نصت الفقرة الثانية من المادة (38) من قانون العقوبات على أن التسول: هو كل من استعطى أو طلب الصدقة من الناس متذرعاً إلى ذلك بعرض جروحه، أو عاهة فيه، أو بأية وسيلة أخرى، سواء أكان متجولاً أو جالساً في محل عام، أو وجِدَ يقدم ولداً دون السادسة عشرة من عمره للتسول وجمع الصدقات أو يشجعه على ذلك.

دائرة الإفتاء العام 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد