صحيفة السوسنة الأردنية

هل تسطير أوجاع الناس أهم من صب الباطون. هل كشف عيوب المجتمع و اقتراح الحلول الناجعة أهم من طب الطوارئ.

هل كتابة نص ابداعي أهم من تنفيذ اجراء يمكن لأي شخص واع أن يقوم به.

بعض اليساريين في الدول الغربية يصفون أصحاب المهن العلمية من غير الابداعية ب "القرود المدربة" أي أن الاجراءات التي يقومون بها هي نتيجة تدريب يمكن لأي شخص ذا مستوى ذكاء معين أن يقوم بها.

لماذا مهنة الكتابة مظلومة في بلدنا. هل لأن الكاتب مكسورة عينه؟ أي أنه يعيش على الأعطيات من هنا و هناك. ربما يكون هذا سببا من الأسباب. هل لأن الكاتب محروم من تناول مواضيع معينة، و هنا أقول من تجربة شخصية لا، فكتاباتي أحيانا كثيرة قاسية و مع ذلك لا أجد أي معارضة لا من المحرر و لا من منفذي القانون.

المهم بالنسبة لي أن أبتعد عن الفيس بوك و عن تويتر و منصات الفضائح التي درج النشطاء السياسيون على استخدامها.

كل مهنة لها قيمتها عند الحاجة اليها لكن الكاتب السخيف ستتخلى عنه و ترمي بضاعته من أول وهله بينما المهن الأخرى ستتعلم من خطئك.

الكتابة أصبحت طريقا من طرق الوزارة لكنها تحتاج الى تلميع شخصية الكاتب بطريقة معينة.

يجب أن تتخلى عن المصداقية لقاء كرسي في مجلس الأعيان يعينك على مكبرك.

نحن نحب و نجل كتابنا الأجلاء لكن الحقائق صادمة في كثير من الأحيان فالكتاب لا ينظرون الى الكتابة كمهنة و لكن كوسيلة لكسب الرزق، لذلك أصبحت نظرة الناس اليها دونية و كأن جميع المهن الأخرى ليست لكسب الرزق.

المطلوب من الكاتب كثير و حتى يتحمل الكاتب ضغط حرية الرأي – مثلي – يجب أن يكون له مصدر رزق لا يصادر و يلغي حريته التي يريد الجميع أن يكبتها.

نحن في الكتابة أمام معضلة المهنة و الراتب و المصلحة العامة. أحيانا كثيرة يجب أن يغضب طرف من الأطراف إن لم يكن جميع الأطراف. وهنا يمارس المحرر فرامله لكي لا تؤدي المقالة الى قضية في المحاكم.

هناك في المجتمع كتاب ذوو رسالة و لكن حتى هؤلاء متهمون، و يأتي من يقول لهم لماذا تتركون أنتم بينما غيركم يحبس. و أقول لهؤلاء و غيرهم إنها لعبة توازنات، أنت مسموح لك بالإبداع ضمن أردنيتك التي ورثتها عن الحراثين من أجدادك لا أكثر و لا أقل.