صحيفة السوسنة الأردنية

كان يطيبُ لي بين الحين والأخر أن ازور صديقي كريم في بيته، فيستقبلني فرحاً فيُدخلني إلى مكتبه العامر بالكتب والمجلات فهو كاتب مرموق وترجم بعض أدبه إلى لغات عديدة...
استلقي على الأريكة رمادية اللون ، ونشرع في الثرثرة ...في الحقيقة هو يتكلم وانأ أنصت ، وفي مرات عديدة لا أفهم ما يقول حول النظريات النقدية والفلسفة الحديثة ، فأنا مجرد أستاذ ثانوي لا يزال يقرأ بإعجاب العقاد وهيكل ورضا حوحو!...
قال لي مرة : ـــ اسمع يا صديقي العزيز! رغم إني قرأتُ تولستوي ومارك توين وهايدغر وأوغسطين وسير نابليون وتشرشل ولنكولن ، إلا أني لا أجد ذاتي إلا في سير خالد بن الوليد وطارق بن زياد وصلاح الدين والمعتمد بن عباد ...
ارتحلت وشاهدتُ بودابست وواشنطن وبرلين وميلانو إلا أن روحي لا تهدأ إلا في دمشق والقاهرة أوفي بسكرة وقسنطينة....
هذا ما يكرره تقريبا صديقي في كل مرة يتشعب بنا حديث الحضارة والفكر، وهو من يعتبره النقاد أكثر المثقفين إطلاعاً على الثقافة الغربية؛ أي العالمية!
صمتُ ولم اعلق بشيء فتشجع هو وقال بلهجة تنم على اعتزاز وافتخار:
ـــــ إني انتمي إلى حضارة عظيمة! إننا ننتمي إلى حضارة عريقة ولا يمكن أن نستسلم أو نُسرق بكل سهولة....
وكرّر ذلك ثلاث مرات...