إسرائيل تخشى آثار خصومة نتنياهو وترامب الجديدة

mainThumb
مروحية إسرائيلية بعد إطلاق سراح ألكسندر

13-05-2025 11:42 AM

وكالات - السوسنة

بين مشاعر الفرح والقلق، تعيش إسرائيل اليوم حالة من الاضطراب بعد الإفراج عن الجندي الأمريكي-الإسرائيلي إيدان ألكسندر، بعد 584 يوماً من أسره، في صفقة رعتها واشنطن والدوحة، أثارت أسئلة صعبة حول التمييز بين الأسرى، وانعكاسات المشهد الإقليمي المتغير، خاصة في ظل تصاعد التوتر بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

الإفراج عن ألكسندر، الذي يحمل الجنسية الأمريكية إلى جانب الإسرائيلية، أثار موجة من الغضب والانتقادات داخل إسرائيل، إذ رأى كثيرون أن هذا الإفراج تم على حساب جنود آخرين لا يحملون جنسية أجنبية، ما اعتبره محللون وصحافيون "تمييزاً خطيراً" في تعامل الحكومة مع ملف الأسرى.

صحيفة "هآرتس" أفردت تغطية موسعة لهذا الموضوع، ونشرت افتتاحية حادة، وصفت ما جرى بأنه تجسيد لفشل القيادة، داعية إلى التخلي عن النهج الحالي الذي تقوده حكومة نتنياهو. وفي رسم كاريكاتيري نُشر في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يظهر جندي إسرائيلي في غزة يقول: "معي كتاب المزامير"، فيرد عليه زميله: "وأنا معي جواز سفر أمريكي!"، في إشارة ساخرة إلى أهمية الجنسية الأجنبية في ضمان الإفراج عن الجنود.

المحلل العسكري عاموس هارئيل كتب أن الإفراج عن ألكسندر يكشف اضطرار إسرائيل للموافقة على التمييز بين جنودها، بينما وصف يوسي فرطر حكومة نتنياهو بأنها "تدير أزمة الأسرى بطريقة إجرامية"، متهماً إياها بالتقاعس وعدم الجدية.

وفي مقال أكثر حدة، دعت الكاتبة يوعناه غونين إلى العصيان المدني، قائلة إن "حكومة نتنياهو تحللت من مسؤوليتها، وإذا لم تقم بواجبها تجاه المواطنين، فلا مبرر أن يستمر المواطنون في القيام بواجباتهم".

هل بدأت العزلة
في خلفية هذا التوتر الداخلي، تلوح أزمة أخرى ذات أبعاد دولية، تتعلق بتدهور العلاقة بين نتنياهو وترامب، الذي يسعى لتقديم مبادرة لوقف الحرب من الرياض. الكاتبة أورلي أزولاي رأت في هذا التحول انقلاباً في المعادلة، قائلة إن "نتنياهو استغل سابقاً جهل ترامب السياسي للسيطرة عليه، أما اليوم فقد انقلب السحر على الساحر".

أما الصحافي بن كاسبيت، فذهب أبعد من ذلك في صحيفة "معاريف"، قائلاً إن "نتنياهو يكتشف الآن أن ترامب ليس بايدن، بل أخطر، فهو يعرف كل ألاعيبه"، محذراً من أن ترامب ينفذ مبادرات مع قوى إقليمية من خلف ظهر إسرائيل، ما قد يؤدي إلى عزلها عن سياق التحولات الإقليمية.

الكاريكاتير المنشور في "هآرتس" يختصر هذه المخاوف، حيث يظهر ترامب كحكم في مباراة إقليمية تجمع محمد بن سلمان، محمد بن زايد، بشار الأسد، علي خامنئي، وأبو مازن، بينما يُطرد نتنياهو من الملعب ببطاقة حمراء. وتُصوَّر إسرائيل في الكاريكاتير كلاعب خاسر يوشك أن يُستبعد نهائياً.

حرب مستمرة وتحالفات تتغير
المحلل تسفي بار إيل يرى أن ترامب لم يعد مهتماً كثيراً بالحرب في غزة، معتبراً أن "الاتفاق النووي مع إيران بات أولوية للسعودية وواشنطن، لا إسرائيل"، بينما كتب حاييم ليفنسون أن "تحرير ألكسندر يعكس مستوى التنسيق العميق بين واشنطن والدوحة"، محذراً من أن "زمن المقترحات الإسرائيلية انتهى، والآن لدينا فقط مقترحات ترامب".

في ظل هذا المشهد، تتساءل أوساط سياسية إسرائيلية: هل ما يجري بداية لنهاية الحرب أم بداية لعزلة إسرائيل الإقليمية؟

وفي محاولة للتمسك بخيوط الحكم، يواصل نتنياهو المراهنة على التحالفات الداخلية والحفاظ على سلامة ائتلافه، حتى لو كان ذلك على حساب تحقيق مكاسب استراتيجية. يعلق الصحافي آفي سخاروف بأن "ما يفصل بين الفشل والنجاح السياسي اليوم هو قبول صفقة تبادل الأسرى الشاملة، مقابل وقف الحرب". لكنه يرى أن "نتنياهو يفضل الحفاظ على ائتلافه السياسي بدل إنجاز اتفاق يمكن أن يغير وجه المنطقة".

في المحصلة، لا يبدو أن إسرائيل تستعد للخروج من الحرب، بل تدخل مرحلة جديدة من الحيرة السياسية والدبلوماسية. الخصومة الشخصية المتصاعدة بين نتنياهو وترامب تهدد بإحداث شرخ عميق في العلاقة مع واشنطن، وتفتح الباب أمام سيناريوهات لم تألفها إسرائيل منذ عقود: فقدان الدعم السياسي الأمريكي، وتنامي العزلة الإقليمية .

إقرأ المزيد :  






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد