جدل واسع في مصر حول مقترح الدوام فجراً

mainThumb

19-08-2025 01:08 PM

السوسنة - أثار مقترح برلماني في مصر يقضي بتعديل مواعيد العمل الرسمية لتبدأ من الساعة الخامسة فجراً وحتى الثانية عشرة ظهراً، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والنقابية والاجتماعية، وسط تشكيك في إمكانية تطبيقه على نطاق واسع في القطاعين العام والخاص، بالنظر إلى طبيعة الحياة اليومية للمواطنين المصريين.

المقترح الذي كشفت عنه عضو مجلس النواب آمال عبد الحميد، ووجّهته إلى رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، يأتي ضمن رؤية إصلاحية شاملة تهدف إلى رفع معدلات الإنتاجية وتحقيق التوازن بين الحياة العملية والأسرية، وفقاً لما صرّحت به النائبة.

واستشهدت عبد الحميد بتجارب ناجحة في بعض الدول الآسيوية التي تبنّت ثقافة العمل المبكر، وحققت بفضلها طفرة اقتصادية ملحوظة، مشيرة إلى أن مصر بحاجة إلى مراجعة العديد من القواعد والمفاهيم التي ترسخت عبر الحكومات المتعاقبة، ومنها توقيت بدء العمل الرسمي الذي يتراوح حالياً بين الثامنة صباحاً والرابعة عصراً.

وأكدت النائبة أن تعديل مواعيد العمل ليبدأ من الخامسة فجراً حتى الثانية عشرة ظهراً، من شأنه أن ينعكس إيجاباً على إنتاجية العامل المصري، لا سيما في القطاعات الإنتاجية، مما يسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني.

وأضافت أنها استندت إلى دراسات علمية تؤكد أهمية الاستيقاظ والعمل المبكر، مشددة على أن هذا التعديل سيساهم في تحقيق الاستقرار الأسري، وتخفيف الازدحام المروري، ورفع كفاءة الأداء، فضلاً عن الاستفادة من ساعات الصباح التي تتسم بالنشاط والحيوية.

كما اعتبرت أن تبني نظام الدوام المبكر قد يشكّل حلاً عملياً لمواجهة الكسل الوظيفي وتحسين الإنتاجية داخل مؤسسات الدولة.

لكن المقترح قوبل بموجة من الاعتراضات على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الأوساط النقابية والاقتصادية، حيث وصفه كثيرون بأنه "غير واقعي"، بالنظر إلى طبيعة الحياة الاجتماعية في مصر، والتحديات اللوجستية المرتبطة بانتقال الموظفين في هذا التوقيت المبكر، فضلاً عن اختلاف الواقع المصري عن التجارب الآسيوية التي استشهدت بها النائبة.

وفي هذا السياق، قال نائب رئيس اتحاد نقابات عمال مصر، مجدي البدوي، إن المقترح غير واقعي لعدة أسباب، أبرزها اختلاف نمط الحياة في مصر، مشيراً إلى أن هناك أعداداً كبيرة من النساء العاملات اللواتي يضطررن لإيصال أطفالهن إلى الحضانات قبل التوجه إلى العمل، وهو ما يجعل فتح الحضانات في الثالثة أو الرابعة فجراً أمراً غير منطقي ويضر بمصلحة الطفل والأسرة.

وأضاف البدوي أن بدء العمل في الخامسة صباحاً يعني أن الموظف سيضطر للاستيقاظ في الثانية والنصف بعد منتصف الليل، وهو أمر لا يتوافق مع الطبيعة البشرية أو العادات الاجتماعية، وقد يؤدي إلى أضرار صحية بدلاً من تحسين الإنتاجية.

وأوضح أن رفع معدلات الإنتاجية لا يتحقق بمجرد تعديل مواعيد العمل، بل يتطلب بيئة عمل مناسبة وتطوير مهارات العاملين، مؤكداً أن أصحاب الأعمال لم يطالبوا بهذا التوقيت من قبل، ما يدل على أنه لا يحقق مكاسب عملية.

ووصف البدوي المقترح بأنه دعائي أكثر منه قابل للتطبيق الواقعي.

وامتد الجدل إلى الوسط الفني، حيث انتقدت الفنانة عبير صبري المقترح، متسائلة عن جدوى إرهاق الموظفين بالاستيقاظ فجراً دون نوم كافٍ، معتبرة أن الفكرة غير منطقية وتسعى إلى إثارة الجدل أكثر من كونها قابلة للتنفيذ.

من جانبه، قال خبير الإدارة المحلية حمدي عرفة، إن تطبيق المقترح يتطلب أولاً تعديلًا تشريعيًا، نظراً لأن قانون الخدمة المدنية هو المنظم لعمل الجهاز الإداري للدولة الذي يضم نحو 4.8 مليون موظف، وبالتالي فإن أي تغيير في مواعيد العمل يستدعي تعديل بعض مواد القانون، إلى جانب صدور قرار من رئيس مجلس الوزراء.

وأشار عرفة إلى أن تطبيق الفكرة يجب أن يكون تدريجياً، موضحاً أن المسؤولين سبق أن تلقوا توجيهات بالتواجد في مكاتبهم منذ السادسة صباحاً، مما يدل على إمكانية التنفيذ بشرط توفير وسائل نقل مناسبة، خاصة وأن غالبية الموظفين لا يمتلكون سيارات خاصة.

وختم بالقول إن أي تعديل في مواعيد العمل يجب أن يرتبط بتسريع التحول الرقمي وتعميم استخدام التكنولوجيا في الوزارات، لضمان كفاءة الأداء وتيسير الخدمات.

اقرأ ايضاً:



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد