التمديد في الوظيفة العامة .. يعزّز نمو الطحالب

mainThumb

18-11-2025 10:10 AM

كثيرٌ من الموظفين الأردنيين يحبسون أنفاسهم عند كلّ جلسة مجلس الوزراء بانتظار اجراء تغيّرات في قيادة مؤسّساتهم الرسمية، طمعاً في ضخّ دماء جديدة، وتحريك المياه الراكدة التي كثرت حولها «الطحالب» التي استفادت من ذلك الواقع الراكد.
وقد عالجت المادة مئة من نظام إدارة الموارد البشرية في القطاع العام - رقم (33) لسنة 2024 مسألة التمديد وفق الآتي: «... يجوز تمديد خدمة الموظف سنة فسنة لمدة لا تزيد على خمس سنوات وفقاً للصلاحيات التالية: بقرار من مجلس الوزراء بناءً على تنسيب الوزير لأسباب تعود للمصلحة العامة. بقرار من مجلس الوزراء لموظفي الفئة العليا وبقرار من الوزير بناءً على تنسيب الأمين العام لباقي الموظفين إذا كان التمديد لاستكمال مدة حصول الموظف على راتب تقاعدي».
وبذلك فإنّ المشرّع الأردني حدّد حالات التمديد للموظف، لغايات تتعلّق بالمصلحة العامة، وتحقيقاً للاستقرار الوظيفي والمالي أحياناً، غير أنّ التطبيق العملي يعكس آثاراً سلبية، وقد يجري الانحراف عن تلك الغايات تحقيقاً لمنافع شخصية ذاتية على حساب المصلحة العامة .
تمكّن كثير من المسؤولين من الحصول على قرار بالتمديد لهم بمواقعهم رغم بلغوهم سن التقاعد، بحجة المصلحة العامة المعلنة، إلّا أن الأسباب الحقيقية للتمديد جاءت نتيجة «علاقات ذلك المسؤول مع صاحب القرار»، وجرى تجاهل فكرة أساسيّة وهي أنّ التمديد العشوائي أو النفعي، يخلّف مؤسسة إدارية مترهلة عاجزة عن القيام بدورها، تئن تحت وطأة الشلليّة والمحسوبية، وتقتل طموح كثير من الموظفين الأردنيين، الذين باتوا في «حبس إداريّ ممتد لسنوات»، قيّد طموحهم الوظيفي وحقهم في الترقية الإدارية، ما خلق بيئة عمل «كئيبة» نتيجة حظوة فئة على حساب فئة .
ومن مساوئ التمديد أيضاً على الجهاز الإداري في الدولة أنّه يعيق التخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية، فاستمرار المسؤول في موقعه قد يعطّل الإحلال والتجديد، وأحياناً التمديد يكلّف الدولة مالياً إذا كان الممدّد له موظفاً كبيراً وصاحب امتيازات، كما أنّ التمديد يقلل من الابتكار والتجديد والإبداع، ويخلق جواً متوتراً أو كئيباً كما أسلفنا في المؤسسة، بسبب التحيّز أو غياب العدالة، ولا سيّما إذا كان التمديد لا يستند إلى أسس علميّة ومعايير عادلة .
إنّ عدداً من مؤسّساتنا الوطنية تعاني نتيجة «التمديد» الذي لا يستند إلى معايير عادلة، ما خلق أجواء مشحونة، وقلّل من نسب الإنتاجية، ورسخ ثقافة الشلليّة، بل إنّ بعض المسؤولين قسّموا مؤسّساتهم بين مؤيّد ومعارض لشخصه، على نحوٍ علنيّ وصريح، ومنهم من أصدر تعميمات الترهيب بحقّ موظفيه إنْ هم عارضوه!
جهازنا الإداري بحاجة إلى ثورة بيضاء حقيقية، وإلى ضخّ دماء جديدة، وتجميد التمديد في الوقت الراهن مهما كانت الأسباب؛ لأنه لا يخلو من المحسوبية والشللية للأسف، إضافة إلى ضرورة إجراء تعديلات تنصُّ على أن الوظائف العليا في الدولة يجب أن لا تزيد مدتها على ثلاث سنوات مع حظر التمديد، لإفساح المجال دائماً وأبداً للإبداع والتطوّر ومقاومة «الطحالب» التي قد تتشكل في المياه الراكدة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد