المنطقة من الصوملة إلى الأسرلة

المنطقة من الصوملة إلى الأسرلة

28-12-2025 12:55 AM

ماذا لو اعترفت "إسرائيل" بكل مدينة أو قرية أو حارة أو شارع من العالم العربي بأنه "دولة"، وكيان مستقل، ماذا ستضيف على الواقع في بلادنا، هل أصبحنا نخشى من هذا الكيان غير الشرعي، بمنح "الشرعية" لأجزاء من بلادنا ومنحها لقب"دولة"… هل أصبح اعتراف الباطل بالباطل يرعبنا؟

أرى أن هذا الاعتراف لا وزن له على الصعيد القانوني والسياسي، وإنما يؤشر إلى مسألة خطيرة، يجب تتبعها والقيام بأفعال لا بيانات شجب وإدانة، وهنا لا بدّ من الالتفات إلى الصومال ذلك البلد الذي انهكته الحروب الأهلية والانقسامات السياسية والتدخلات الأجنبية، التي فعلت به ما فعلت من إجرام وقتل وتفجير مفخخات... إلى آخره .

بل إنّ كثيراً من الساسة العرب ومفكريه اشتقوا مصطلح "الصوملة" لتوصيف أي حال مزرٍ في العالم العربي، والذي للأسف انتشر في بعض بلادنا العربية، جراء التدخلات والاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة، سواء في اليمن أو سوريا أو العراق أو لبنان أو ليبيا… والقائمة قد تطول، إلا أننا ما زلنا نكتفي ونتفنن في بيانات "الشجب والاستنكار" .

يبدو أن الحال في العالم العربي انتقل من حالة "الصوملة" إلى حالة ممكن أن نسميها "الأسرلة"، إذ أصبح هذا الكيان "يميد ويسيد" في المنطقة العربية، ويعيش اليوم نشوة القوة المفرطة التي يتمتع بها جراء الدعم الأميركي والغربي غير المنقطع، في قتل الإنسان العربي واستباحة أرضه من فلسطين إلى سوريا إلى لبنان، ولا ندري إلى أين سيتوقف هذا التمدد.

اليوم، "إسرائيل" تمارس "الأسرلة" في أرض الصومال، وقبلها في السويداء، بل وصلت حدّ أن المجرم نتنياهو، المطلوب للجنائية الدولية بتهم ارتكاب حرب إبادة في غزة، أنه وصف السوريين في السويداء "بالأخوة الدروز"…!

كثير من البؤر الساخنة في العالم العربي تنتقل اليوم من حالة "الصوملة" إلى حالة "الأسرلة" ولهذا أسبابه الكثيرة، لعل أبرزها ما سمي زوراً وبهتانا بـ "الربيع العربي"، الذي قسّم المقسم، ودمر الدول وشتت الشعوب، سواء اتفقنا معه أو اختلفنا، وهنا نتحدث عن نتائج حقيقية مأساوية تعيشها الأمّة ننتيجة تداعيات هذا "الربيع الدموي" الذي استغل بأبشع صور وحرف عن مساره الحقيقي والإصلاحي، وتحولت كثير من دوله إلى "كومة رماد" تحتاج إلى عشرات السنين لاستعادة الأرض والانسان وبناء الوطن من جديد…!

فالأمة العربية، مسؤولة اليوم أكثر من أي وقت مضى لتحمل مسؤولياتها التاريخية أمام هذا الإعصار والطغيان الصهيوني الذي بدأ يتمدد باستخدام الأسلحة المتطورة ويهدد دولاً قائمة ومستقلة في الإقليم، ويفرض سيطرته بالقوة دون مراعاة لأي قيم إنسانية أو أخلاقية.

فإن لم ينتبه العالم العربي، لهذا الخطر سنرى نموذج "أرض الصومال" في أكثر من منطقة، وهناك دول معينة جاهزة للاعتراف بهذه التقسيمات المتشرذمة، والخاسر في نهاية الأمر الإنسان العربي بكل مكوناته.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد